المنطق والقوانين في فانتازيا الأدب القصصي
![]() |
جهاد جوهر |
المنطق والقوانين في فانتازيا الأدب القصصي
الأديب العراقي/ جهاد جوهر
فمن خلال الفنتازيا نلج إلى عوالم تبدو لنا من الوهلة الأولى أنها لا تنتظم بقانون المنطق ولا تنتهج سلوكا عقلانيا محددا، وهذا وهم ليس له أساس من الصحة إلا بقدر رؤية الكاتب الذي يظن عكس ذلك الأمر، ففي الحديث الخرافي مثلا وإن كان (مكذوبا) ويروى إلى عالم الأطفال كما في القصص التي تتناول موضوع الحصان الطائر؛ لا بد وأن يضع الكاتب في ذهنه تساؤلات المتلقي: كيف طار الحصان؟ وهل أن الحصان يطير؟! إذن ادخل المتلقي هنا منطقا موازيا لمنطقه الطبيعي، وبما أننا في عالم غريب وعلينا أن نجيب المتلقي عن تساؤلاته المنطقية تلك بإجابة ضمنية (لا تفسيرية مباشرة) فنقول مثلا: إن للحصان أجنحة. وكيف تكون له أجنحة؟! نقول: إنه تعرض إلى تغير جيني، أو إلى تراب ملاك أو جني، أو إلى تأثير من كائن فضائي... وهكذا، فلا تأتي الأحداث بشكل اعتباطي أو فوضوي سمج ولكنها تسير وفق مخطط وعلل تخرج عن القانون الطبيعي إلى قانون آخر يرضي الفضول العقلي.
وحقيقة أنه كلما كانت تلك القوانين والمنطقية متوافرة بشكل قوي ومقنع كانت القصة اشد تشويقا ورسوخا في الذهن، فلا يمكن أن يدخل العفريت في المصباح أو الجرة إلا بعد أن يتحول إلى دخان، ولا يستطيع البطل الانتقال في الزمن إلا من خلال بوابة خاصة أو آلة معينة أو شعاع من ضوء، والأمثلة كثيرة جدا في هذا الشأن لا يتسع المقال لحصرها، ولكننا بالتأكيد نفهم أن أي قصة مهما توغلت في الخيال لا تخلو مطلقا من المنطق الذي يحكم العلاقات المتبادلة بين الجزئيات فيها، ولا يتعارض ذلك مطلقا مع اللامعقولية أو الحالة الميتافيزيقية التي نخوض أحداثها في النص، إذ أن تعطيل العقل بالكلية (واقصد به عقل القارئ تحديدا) لا جدوى منه، فالكاتب يريد أن يكون ذلك العقل متواجدا ومتفاعلا ومدركا لما يمر به من تجربة جديدة عليه، والقصة أو الحكاية التي تتجاهل عقل المتلقي سترفض تلقائيا ولا يتم استقبالها بسهولة ويسر؛ إلا إن وضعنا لها منظومة من القوانين التي تفسر خوارقها لقوانيننا المألوفة لنا.
جهاد جوهر
التسميات: مقالات
0 تعليقات:
إرسال تعليق
الاشتراك في تعليقات الرسالة [Atom]
<< الصفحة الرئيسية