فعالية " قصة الشهر " حول نص " المنسي " لسمير عصر / مصر
مقاربات نقدية حول قصة شهر فبراير 2020
المنسي : سمير عصر
عقدت الندوة يوم 21/02/2020 على جروب " واحة القصة القصيرة "
أدارت الندوة الأديبة المصرية / منال خطاب
فريق الأدمن بواحة القصة القصيرة:
الأستاذة / مهدية أماني.
الأستاذة/ غادة هيكل
الأستاذة / درصاف الذيب
نص القصة
منسي
من أولى الأرحام المنسيين. لا أتذكرُه ولا أراه أو يرانا إلّا في هذا المقام. يظهر فجأةً، مُتجسدًا في الفراغ؛ ألمحُه للوَهْلة الأولى مُقبلًا عليّ؛ يصافحُني بيدٍ باردةٍ؛ يُلصقُ على عجلٍ خدّيه بخدّي على التتابعِ مرددًا اسمي مُعزّيًا، بَيْنَما أهرِف بلا شيء، ورائحةُ الحَنوطِ المُريبةِ المنبعثةِ من لحيتِه الخفيفة تتسلّلُ إلى خياشيمي.ينشغِل بنزعِ المَيْتِ من النَّعْشِ؛ يشاركُ في تغييبِه في القبر؛ ثُم بعد ذلك؛ يُعاوِنُ بهمّةٍ مُتعهّدي الدّفنِ في غَلقِ القبرِ بالآجِر والخَرَسانة.يتحرّكُ بخفّةٍ ونشاطٍ في بَدلته الصّيفيةِ النظيفةِ الكالحةِ، ومَداسِه المُهترئ المُطيَّنِ؛ يُعِدّ خليطَ الرّمال والأسمنت؛ يُناولُ قالبًا من الطّوب، حتى آخرِ قطعةٍ من الآجر تُناسبُ تمامًا آخرَ ثغْرةٍ في الجدار الذي يَفصِل بين الدَّفينِ وعالمِ الأحياء. بحِرصٍ وعِنَايَة؛ يتأكّد من تمام اِنسِدادِ فُوَّهةِ القبْر.بعد الدّعاءِ للمُتَوَفًّى وانصرافِ آخرِ المشيِّعين؛ ودائمًا ما أتخلّفُ قليلًا للدُّعاءِ منفردًا، يتناولُ حصاةً يغرسُها في جدار القبْر الطّريِّ ليُسطّرَ بخطِّ نسْخٍ رديء: انتقلَ إلى رحمةِ الله تعالى في جُمادى . . الموافق . . سنة . .؛ ثُم يُعقِبُ ذلك باسمِ المُتَوَفّى.يتراجعُ إلى الخلفِ قليلّا دون أن ينظرَ تُجاهي، يُمعِنُ النظرَ فيما كتبَه وقد اِكْتَسَى وجهُه بأمارات الرضا.لمْ يُخطئْ أبدًا في اسم أيٍّ من ذوي قُرباهِ المتوفين؛ يكتبُه دَومًا رُباعيًا مُذيَّلًا بلقبِ العائلة.يُداخِلني في كل مرّةٍ شيءُ من الاشمئزازِ والنّفورِ، وكأنني أرى على وجهه الصّفراوي الثعلبيّ الممصوصِ ابتسامةً خفيّةً وهو يُتمّمُ بيده ويربّتُ على الجدار ليتأكّد من تمامِ غلقِ القبر على قاطنِه، ينْتفِش منخارا أنفِه ويرتفعُ حاجباهُ وهو يتناولُ الحصاة التي يَخطُّ بها تاريخَ الوفاةِ واسم المُتَوَفّى؛ . . . كان آخر الرَّعيلِ الأَوّل من ذوي قرباه.لطالما كرِهتُ تلك اللحظات، وأخذتْني دوّامةٌ من الحِيرَةِ في أمر هذا القريبِ الغريبِ وطبيعة ما يُضمِره، تمنّيت أن أموتَ وأْدفنَ بعيدًا.لأول مرّة، كان عليّ التّبكيرُ لفتحِ فُوَّهةِ قبرٍ في حَوزتنا، لتهويتِه وإعدادِه بفرشِ الرّمال في أرضيّته.هيّأت أمام القبر مِقطفين من الرمال، ونصفَ جِوالٍ من الأسمنت، ودلوًا مملوءًا بالماء، وكميةً لا بأس بها من الآجر.تمت بسرعةٍ عمليةُ تغييب المُتَوَفّى في القبر، وقد بَدا في كفَنهِ هزيلًا ضئيلًا، وبينما كان يُلقِنُه أحدُهم داخلَ القبر بما يُجيبُ به المَلَكَيْن حين يسألانِه، أمرتُ بإعدادِ الخَرسانةِ بخلطِ الرمال بالأسمنت؛ وأشرتُ بأن تُزاد كميةُ الأسمنت في الخليط، ودِدْتُ لو كانت الخَرسانةُ مُسلّحةً بأسياخِ الحَديد.ناولتُ الحانوتيَّة بنفسي بهِمّة قوالبَ الطوب، نبّهتهم أن يكون الجدارُ بعرضِ طوبةٍ كاملةٍ. لم يَفُتْني سَدُّ الثّغرةِ الأخيرة.مرّرتُ بكفي بارتياحٍ أتمّمُ وأربِّتُ على الجدار للتأكدِ من تمام انسدادِ فُوّهةِ القبرِ، تنفّستُ الصُّعداء.بعد انصرافِ آخرِ المشيّعين، دُرتُ أبحثُ عن حصاةٍ لأخُطَّ بها على جدار القبر تاريخَ الوفاة، انتفشَ منخارا أنفي؛ وارتفع حاجبايَ وتهيّأتُ؛ ولكم كانت دهشَتي بالغةً عندما اكتشفتُ أنّني لا أذكرُ اسمَ المَنْسِيّ.
----------------------------------
وقد نالت القصة مجموعة من المقاربات النقدية نستعرضها فيما يلي:
الأستاذ/ أحمد بوقراعة
![]() |
احمد بو قراعة |
جدليّة القابر /المقبور
في نصّ "المنسيّ" للأستاذ الأديب سمير عصر
النصّ
التحليل
ثصدير
ألا إنّي كنت قد نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزوروها فإنّها تذكّركم الموت
(حديث شريف)
يُدفِّنُ بعضُنا بعضا و يمشي أواخرنا على هام الأوائل
(المعرّي)
1- مستوى الخبر
أ- منطق الأفعال
_ نظام المقاطع
يتركّب النصّ من قسمين كبيرين يشدّهما نظام يستمدّ منطقه من جدليّة القابر /المقبور و يتألّف كلّ قسم من جملة من القاطع الصغرى يتتبّع فيها الرّاوي/الشخصيّة مراحل عمليّة الدّفن
يمتدّ القسم الأوّل من قوله"من أولي.........إلى قولهتمنيّت أن أموت و أدفن بعيدا"
ويمتدّ القسم الثّاني من قوله"لأوّل مرّة ................ولا أذكر إسم المنسيّ"
و كمقياس شكلي يدعم هذا التقسيم يمكن اعتماد ثنائيّة الزّمان حاضر/ماضي ، إذ تسيطر في القسم الأوّل من من النصّ الأفعال المضارعة على السرد (يظهر، ألمحه ، ينشغل، يعاون ، يتحرّك .....)ومن دلالات المضارع تكرّر الحدث واستمراريّته في الزّمان الماضي.
أمّا القسم الثّاني من النصّ فتسيطر عليه الأفعال في صيغة الماضي (هيّات ، تمّت ، اشرت ، ناوت......) ومن دلالات صيغة الماضي إنتهاء وقوع الحدث في الزمن الماضي
ما نستنتجه أنّ من يقوم بالفعل في الفسم الأوّل من النص سواء كان الشخصيّة/البطلة "المنسيّ" أو الرّوي/الشخصيّة يكرّره مـــــــــع كلّ مـــوت لأحد من أولي الأرحام الأقارب
أمّا القسم الثّاني فمن يقوم بالفعل لا يكرّره إلّا مرّة واحدة "فالمنسيّ"الذي كان يدفن أقاربه لن يبعث من موته مجدّدا ليكرّر عمليّة الدفن إن هي ألّا موتة واحدة والرّاوي/الشخصيّة يقرّ أنّه لأوّل مرّة يتولّى عمليّة الإشراف على دفن أحد أقاربه ويكتشف في الأخير أنّه لا يذكر إسم من يدفن لذلك لن يخطّ اسمه على شاهد القبر فنستنتج إذا حقّ لنا الإستنتاج أنّه غير مؤهّل لأن يكون الأوّل من الرّعيل الثّاني الذي يدفن ذوي قرباه لهذا ستكون أوّل مرّة هي آخر مرّة فالنسيان سمة الرّاوي الشخصيّة
النصّ
التحليل
ثصدير
ألا إنّي كنت قد نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزوروها فإنّها تذكّركم الموت
(حديث شريف)
يُدفِّنُ بعضُنا بعضا و يمشي أواخرنا على هام الأوائل
(المعرّي)
1- مستوى الخبر
أ- منطق الأفعال
_ نظام المقاطع
يتركّب النصّ من قسمين كبيرين يشدّهما نظام يستمدّ منطقه من جدليّة القابر /المقبور و يتألّف كلّ قسم من جملة من القاطع الصغرى يتتبّع فيها الرّاوي/الشخصيّة مراحل عمليّة الدّفن
يمتدّ القسم الأوّل من قوله"من أولي.........إلى قولهتمنيّت أن أموت و أدفن بعيدا"
ويمتدّ القسم الثّاني من قوله"لأوّل مرّة ................ولا أذكر إسم المنسيّ"
و كمقياس شكلي يدعم هذا التقسيم يمكن اعتماد ثنائيّة الزّمان حاضر/ماضي ، إذ تسيطر في القسم الأوّل من من النصّ الأفعال المضارعة على السرد (يظهر، ألمحه ، ينشغل، يعاون ، يتحرّك .....)ومن دلالات المضارع تكرّر الحدث واستمراريّته في الزّمان الماضي.
أمّا القسم الثّاني من النصّ فتسيطر عليه الأفعال في صيغة الماضي (هيّات ، تمّت ، اشرت ، ناوت......) ومن دلالات صيغة الماضي إنتهاء وقوع الحدث في الزمن الماضي
ما نستنتجه أنّ من يقوم بالفعل في الفسم الأوّل من النص سواء كان الشخصيّة/البطلة "المنسيّ" أو الرّوي/الشخصيّة يكرّره مـــــــــع كلّ مـــوت لأحد من أولي الأرحام الأقارب
أمّا القسم الثّاني فمن يقوم بالفعل لا يكرّره إلّا مرّة واحدة "فالمنسيّ"الذي كان يدفن أقاربه لن يبعث من موته مجدّدا ليكرّر عمليّة الدفن إن هي ألّا موتة واحدة والرّاوي/الشخصيّة يقرّ أنّه لأوّل مرّة يتولّى عمليّة الإشراف على دفن أحد أقاربه ويكتشف في الأخير أنّه لا يذكر إسم من يدفن لذلك لن يخطّ اسمه على شاهد القبر فنستنتج إذا حقّ لنا الإستنتاج أنّه غير مؤهّل لأن يكون الأوّل من الرّعيل الثّاني الذي يدفن ذوي قرباه لهذا ستكون أوّل مرّة هي آخر مرّة فالنسيان سمة الرّاوي الشخصيّة
خصائص النظام
قي القسم الثّاني من النصّ يحدث تغيّر كبير إذ يتحوّل الرّاوي/الشخصية
من معزٍّ أو مُعَزّا إلى قابر و يتحوّل " المنسيّ" الشخصيّة البطلة من
قابر إلى مقبور
تنعكس أفعال و أحوال الرّاوي/الشخصيّة من متلقِّي/مُنْفَعِل إلى باثٍّ /فاعل
تنعكس أفعال و أحوال الرّاوي/الشخصيّة من متلقِّي/مُنْفَعِل إلى باثٍّ /فاعل
إذن بين القسم الأوّل والثّاني تناظر هندسي يرتّبهما حسب مبدإ التقابل
مضمونيّا وإن كان بينهما تواز شكليّ من حيث اتّباع نفس مراسم الدّفن بمراحلها
المختلفة و المتعاقبة مع بعض التدرّج المعنويّ
تنتمي الأفعال في هذا النصّ إلى محور المشاركة أو الصّراع و يلخّصها العنوان في مفهوم النسيان " المنسيّ" و النسيان يفترض وجود طرفين ناسي ومنسيّ إلّا أنّ العنوان لا يصرّح إلّا بالطرف الثّاني و قد ورد في صيغة إسم المفعول ومن دلالاتها وقوع الفعل على حاملها لكن ما نلاحظه أنّ ثمّة مقابلة بين عنوان النصّ ومتنه لأنّ الشخصيّة/ البطلة في النصّ وخاصة في قسمه الأوّل فاعلة متحركة وغير هيّابة من الموت تتعامل معه بكلّ برود ورصانة لأنّه يبدو حاضرا في كلّ ثنايا حياتها لذلك فالعلاثة بينها وبين الموت لا تقوم على الصراع بثدر ما تثوم على المشاركة والمعايشة وبذلك انتفى عندها معنى الهول من الموت أو الخوف من استقباله ولهذا خيّل للرّاوي /الشخصيّة و أنّه "يرى على وجهه الصفراوي الثعلبي الممصوص ابتسامة خفيّة" هي ابتسامة الإستهزاء و السخريّة من سطوة الموت .
والرّاوي/الشخصيّة في خقيقة الأمرهو الطرف الأوّل في عمليّة النسيان فهو النّاسي و صيغته الصرفيّة اسم فاعل ما يعني تحلّيه بالفاعليّة لكنّه في متن النصّ مفعول به ونستدلّ على ذلك من مواقفه وردود أفعالها لتي تحيل في مجملها على الإشمئزازو النّفور و الكراهة لكلّ ما تأتيه الشخصيّة/البطلة من أفعال وسلوكات لها علاقة بالموت إذ ينسحب نفوره واشمئزازه من الشخصيّة /البطلة إلى الموت ذاته فالعلاقة بينهما إذا قائمة على الصّراع الخفيّ وهو يعلم مسبقا أنّه صراع غير متكافىء بين قوّة غيبيّة لا متناهية لا يحدّها حدّ أو زمان وقوّة بشريّة محدودة ومتناهية ومن هنا كرهها للموت وكلّ ما يتعلّق به و إن كان هذا "القريب الغريب"المتقبّل لحتميّة الموت دون تفلسف أو حذلقة.
تنتمي الأفعال في هذا النصّ إلى محور المشاركة أو الصّراع و يلخّصها العنوان في مفهوم النسيان " المنسيّ" و النسيان يفترض وجود طرفين ناسي ومنسيّ إلّا أنّ العنوان لا يصرّح إلّا بالطرف الثّاني و قد ورد في صيغة إسم المفعول ومن دلالاتها وقوع الفعل على حاملها لكن ما نلاحظه أنّ ثمّة مقابلة بين عنوان النصّ ومتنه لأنّ الشخصيّة/ البطلة في النصّ وخاصة في قسمه الأوّل فاعلة متحركة وغير هيّابة من الموت تتعامل معه بكلّ برود ورصانة لأنّه يبدو حاضرا في كلّ ثنايا حياتها لذلك فالعلاثة بينها وبين الموت لا تقوم على الصراع بثدر ما تثوم على المشاركة والمعايشة وبذلك انتفى عندها معنى الهول من الموت أو الخوف من استقباله ولهذا خيّل للرّاوي /الشخصيّة و أنّه "يرى على وجهه الصفراوي الثعلبي الممصوص ابتسامة خفيّة" هي ابتسامة الإستهزاء و السخريّة من سطوة الموت .
والرّاوي/الشخصيّة في خقيقة الأمرهو الطرف الأوّل في عمليّة النسيان فهو النّاسي و صيغته الصرفيّة اسم فاعل ما يعني تحلّيه بالفاعليّة لكنّه في متن النصّ مفعول به ونستدلّ على ذلك من مواقفه وردود أفعالها لتي تحيل في مجملها على الإشمئزازو النّفور و الكراهة لكلّ ما تأتيه الشخصيّة/البطلة من أفعال وسلوكات لها علاقة بالموت إذ ينسحب نفوره واشمئزازه من الشخصيّة /البطلة إلى الموت ذاته فالعلاقة بينهما إذا قائمة على الصّراع الخفيّ وهو يعلم مسبقا أنّه صراع غير متكافىء بين قوّة غيبيّة لا متناهية لا يحدّها حدّ أو زمان وقوّة بشريّة محدودة ومتناهية ومن هنا كرهها للموت وكلّ ما يتعلّق به و إن كان هذا "القريب الغريب"المتقبّل لحتميّة الموت دون تفلسف أو حذلقة.
ب- العلاقة بين الفواعل
1-قاعدة الإشتقاق
° أصناف الفواعل
يبرز العنوان الفاعلين الرّئيسيين : النّاسي / المنسيّ
أنا / هو
راوٍشخصيّة / شخصيّة بطلة
إنسان / إنسان
ذوات لها شخصيّة محدّدة ، لكن صيغة اسم المفعول في العنوان "منسيّ" وردت نكرة غير معرّفة ومن معاني التنكير الإطلاق إذا لم تخصّص فالمنسيّ إذن يمكن أن يكون شخصا و هذا ما يوحي به النصّ ويمكن أن يكون مادّة ويمكن أن يكون فكرة و يمكن أن يكون واقعا أو غيبا وباستنطاق متن النصّ نقف في عمومه بقسميه على تواتر كثيف لكلّ ما يتّصل بالموت فالنصّ على ايجازه كميّا و بعمليّة احصائيّة بسيطة نرى أنّ مصطلح الموت وما يقترن به تواترت 28 مرّة بصيغ مختلقة فوردت أسماء ومصادر و أفعال و أحوال وصفات وهذا ما يعني أنّ" الموت " هو القادح الحقيقي لكتابة الكاتب لنصّه وهو ا لمحرّك الساسي للشخصيّات وهو علّة سلوكها و أفعالها فالمنسيّ في الظّاهر هو الشخصيّة /البطلة في النصّ أمّا في الباطن فالبطل الحقيقي هو الموت الذي ينظر إليه الكاتب من زاوية ويراه الرّاوي/الشخصيّة من زاوية أخرى وتتعامل معه الشخصيّة/البطلة من وجهة مغايرة فالكاتب تلحّ على قكره ونفسه قكرة معضلة الموت و تؤرّقه فيكتب عنها محاولا فهمها و الإحاطة بها علّه يطمئنّ فيها إلى رأي بعد أن اكله الشكّ في كلّ ما هو بالنسبة للبعض منّا ثوابت نقرّ ونؤمن بها ايمان العجائز و الشخصيّة/ البطلة تقرّ به حقيقة حتميّة وختاميّة لوجود الإنسان ومن هذا المنطلق تتعامل معه وتعايشه بل وتتدرّب عليه استعدادا لملاقاته والرّاوي/ الشخصيّة يخافه ويكرهه ولهذا يجتهد في استبعاده من واقعه وخياله حتّى وان كان بالمشاركة والإشراف على دفن المنسيّ الذي يمثّل بالنسبة إليه رديفا للموت برائحة الحنوط المنبعثة من لحيته الخفيفة ولكنّ الموت موجود ثابت "يصول بلا سيف ويسعى بلا قدم "يظهر فجأة متجسّدا في الفراغ.
ولقد برزت صورة الموت في أشكال مختلفة
طبيعة:حصاة،اسمنت، ماء ،رمال...
جماد: آجر جدار، خرسانة ، حديد ، نعش ، قبر..(من صنع الإنسان)
سائل : حــــــــــــــنوط (من صنع الإنسان)
انسان :متعهّدي الدفن ،المتوفّى ، المتوفين ، المشيّعين ، الحانوتية...
غيب : الملكين
اتّخذ الموت وجوها متعدّدة يظهر من ورائها من طبيعة إلى جماد أو سائل من صنع الإنسان إلى انسان . يتبع لاحقا بالجزء الثاني (النصّ بما هو خطاب)
1-قاعدة الإشتقاق
° أصناف الفواعل
يبرز العنوان الفاعلين الرّئيسيين : النّاسي / المنسيّ
أنا / هو
راوٍشخصيّة / شخصيّة بطلة
إنسان / إنسان
ذوات لها شخصيّة محدّدة ، لكن صيغة اسم المفعول في العنوان "منسيّ" وردت نكرة غير معرّفة ومن معاني التنكير الإطلاق إذا لم تخصّص فالمنسيّ إذن يمكن أن يكون شخصا و هذا ما يوحي به النصّ ويمكن أن يكون مادّة ويمكن أن يكون فكرة و يمكن أن يكون واقعا أو غيبا وباستنطاق متن النصّ نقف في عمومه بقسميه على تواتر كثيف لكلّ ما يتّصل بالموت فالنصّ على ايجازه كميّا و بعمليّة احصائيّة بسيطة نرى أنّ مصطلح الموت وما يقترن به تواترت 28 مرّة بصيغ مختلقة فوردت أسماء ومصادر و أفعال و أحوال وصفات وهذا ما يعني أنّ" الموت " هو القادح الحقيقي لكتابة الكاتب لنصّه وهو ا لمحرّك الساسي للشخصيّات وهو علّة سلوكها و أفعالها فالمنسيّ في الظّاهر هو الشخصيّة /البطلة في النصّ أمّا في الباطن فالبطل الحقيقي هو الموت الذي ينظر إليه الكاتب من زاوية ويراه الرّاوي/الشخصيّة من زاوية أخرى وتتعامل معه الشخصيّة/البطلة من وجهة مغايرة فالكاتب تلحّ على قكره ونفسه قكرة معضلة الموت و تؤرّقه فيكتب عنها محاولا فهمها و الإحاطة بها علّه يطمئنّ فيها إلى رأي بعد أن اكله الشكّ في كلّ ما هو بالنسبة للبعض منّا ثوابت نقرّ ونؤمن بها ايمان العجائز و الشخصيّة/ البطلة تقرّ به حقيقة حتميّة وختاميّة لوجود الإنسان ومن هذا المنطلق تتعامل معه وتعايشه بل وتتدرّب عليه استعدادا لملاقاته والرّاوي/ الشخصيّة يخافه ويكرهه ولهذا يجتهد في استبعاده من واقعه وخياله حتّى وان كان بالمشاركة والإشراف على دفن المنسيّ الذي يمثّل بالنسبة إليه رديفا للموت برائحة الحنوط المنبعثة من لحيته الخفيفة ولكنّ الموت موجود ثابت "يصول بلا سيف ويسعى بلا قدم "يظهر فجأة متجسّدا في الفراغ.
ولقد برزت صورة الموت في أشكال مختلفة
طبيعة:حصاة،اسمنت، ماء ،رمال...
جماد: آجر جدار، خرسانة ، حديد ، نعش ، قبر..(من صنع الإنسان)
سائل : حــــــــــــــنوط (من صنع الإنسان)
انسان :متعهّدي الدفن ،المتوفّى ، المتوفين ، المشيّعين ، الحانوتية...
غيب : الملكين
اتّخذ الموت وجوها متعدّدة يظهر من ورائها من طبيعة إلى جماد أو سائل من صنع الإنسان إلى انسان . يتبع لاحقا بالجزء الثاني (النصّ بما هو خطاب)
قاعدة العمل
-العلاقة بين الفاعلين تتغيبّر ما بين القسم الأوّل من النصّ والقسم الثّاني كان الرّاوي الشخصيّة معزًّى أو معزٍّ دائما في القسم الأوّل فأصبح في القسم الثّاني دافنا /قابرا أمّا الشخصيّة/ البطلة قكان معزٍّ دافنا فأضحى مدفونا إذن ما نستنتجه انقلاب الأدوار بين الفاعلين بين قسمي النصّ
و هذا ما يحيل عموما على تبادلنا للأدوار في هذا الوجود لكن كيف نقهم التحوّل في شخصيّة الراوي من فاعل يحاول جاهدا استبعاد فكرة الموت في ظاهر النص إلى إلإنغراس فيه تماما في باطن النص يتناساه حينا من الدهر بعد دفن أحد أقاربه فيكشف الموت عن نفسه أحيانا بخطف آخر ليذكّره بحضوره لعبة يلعبها الموت مع الإنسان تجعل منه بطلا مقنّعا يظهر في أشكال حسيّة مختلفة لهذا نرى أنّ عنوان النصّ "منسيّ"يوهم أنّ الهو المتحدَّثِ عنه هو الشخصيّة / البطلة حيّا و ميّتا في قسمي النصّ و لكن التدقيق في مفاصله يوقفنا أنّ صورة "منسيّ" تتجاوز بعده الإجتماعي إلى صورة رمزيّة فيضحي هو الموت برائحة الحنوط المنبعثة كم لحيته الخفيفة و وجهه الصفراوي الثعلبي الممصوص و لون الصفرة يحيل من بين ما يحيل عليه إلى المرض و النصب و الغروب و كلّها مظاهر تسبق الموت و تمهّد له و وصف وجهه بالثعلبي يجيل على المكر و المراوغة والموت مكّار يتخفّى و يهاجم من حيث لا نحتسب
العنوان يوهم بأنّ "منسيّ" صفة لا تتجاوز الشخصيّة /البطلة لكن المرّة هو منسيّ و هي منسيّة و أنتَ منسيّ و أنتِ منسيّة و أنا منسيّ و نحن كلّنا منسيّون....
2) في مستوى الخطاب
أ- زمن الفصص
-عدم التجانس
يقوم السرد في النص على الإختلاف الكلاسيكي بين زمانين
زمن الخبر :وهو الماضي يدلّ عليه غياب المنسيّ بالموت و حتّى سيطرة صيغة المضارع على القسم الأوّل من النصّ إنّما دلالته على تكرّر الحدث ةاستمراريّته في الزمان الماضي .
زمن الخطاب : وهو الحاضر دائما ويدلّ عليه ماضي الخبر وقع الفعل يعاد في ساعة روايته و إذا كان قد انتهى فالرواية لم تنقطع تتجدّد مع كا قراءة
ولماضي الخبر وظيفة رئيسيّة هي الإبهام بواقعيّة الأحداث مع أنّها من صنع الخيال و ترتيب الكاتب وفي ذلك ما يحمل على التصديق بها.
- عدم التناسب
+ في المدى
المهمّ هو ضبط الصّيغ التي تصاغ فيها الفروق في المدى بين زمانين ثمّ معرفة الغالب منها واستخلاص نتائج ذلك
- صيغ الوقف : موجودة في هذه الفصّة وتتسبّب في كلّ مرّة في انقطاع في سرد الأقعال و تعرفل حركة الأحداث لأنّها تتمثّل خاصّة في " الأوصاف " أو " الأحوال " ( رائحة الحنوط المريبة المنبعثة ..../ بدلته الصيقيّة.......ومداسه المهترىء../ اكتسى وجهه بامارات الرّضا / وجهه الصّفراوي ...ابتسامة خفيّة / بدا في كفنه هزيلا ضئيلا..)
يطول زمن الحطاب على حساب زمن الخبر
- صيغ الإيجاز : على أنّ أساليب الإختصار وهي الغالبة على السرد في هذا النصّ الذي بنيت فيه الحركة على الأفعال أساسا و يتمثّل الإيجاز في اقتصار السرد على كلّيات الأفعال دون جزئيّاتها و على العناصر المقيّدة دون العناصر الحرّة (يظهر قجأة ) خرج من أيّ مكان على ايّة هيأة لأيّ غرض الظروف كلّها مسكوت عنها ما جعل الرّاوي / الشخصيّة محتارا في أمر هذا القريب الغريب وطبيعة ما يضمره والتزام السرد لفيجاز و الإجمال دون التفصيل يكسب الحركة وتيرة سريعة فيقصر زمن الخطاب عن زمن الخبر .
صيغ التطابق
(يداخلني في كلّ مرّة شيء من الإشمئزاز و النفور ../و كانّني أرى على وجهه...../ أخذتني دوّامة .....وطبيعة ما يضمره)
تصبح الحركة الخارجيّة حركة داخليّة في ذات الراوي الشخصيّة و تنقلب حكاية الأفعال إلى حكاية أحوال قد تطيل في سردها (وقف) أو توجز (اختصار) والنظر في موقعي العدول عن سرد الأفعال إلى سرد الأحوال و التحوّل من الظاهر إلى الباطن يكشف عن موقف الرّاوي /الشخصيّة من شخصيّة المنسيّ وبين الموقفين علاقة تناظر من الناحية الدلاليّة
قمّة الإشمئزاز والنفور / قمّة الحيرة وعدم الفهم
و القصّة تعتمدمن بدايتها إلى نهايتها على السرد التأكيدي أو الإعادي (إعادة وتكرار نفس الجمل في فسمي النصّ و أحيانا بنفس تراكيبها وعباراتها )قصد تقرير المعنى في النفوس فتكرّر الحداث بتفاصيلها يجعل من الأحداث معروفة لا مفاجآت فيها
- عدم التوازي
رويت الأحداث في تسلسلها الزماني دون تعقيد فالزمن خطّي : تعاقبي
- تسلسل الأحداث المرويّة في زمن الخبر
- تسلسل الكلام الروائي في سياق الخطاب
ومن ثمّ فشكل توارد الأحداث إنّما هو "النظم" الذي يربط بين المقاطع المتعاقبة حسب مبدأ "الوصل" وهي الصيغة البدائيّة في تشكيل احداث القصّة.
-العلاقة بين الفاعلين تتغيبّر ما بين القسم الأوّل من النصّ والقسم الثّاني كان الرّاوي الشخصيّة معزًّى أو معزٍّ دائما في القسم الأوّل فأصبح في القسم الثّاني دافنا /قابرا أمّا الشخصيّة/ البطلة قكان معزٍّ دافنا فأضحى مدفونا إذن ما نستنتجه انقلاب الأدوار بين الفاعلين بين قسمي النصّ
و هذا ما يحيل عموما على تبادلنا للأدوار في هذا الوجود لكن كيف نقهم التحوّل في شخصيّة الراوي من فاعل يحاول جاهدا استبعاد فكرة الموت في ظاهر النص إلى إلإنغراس فيه تماما في باطن النص يتناساه حينا من الدهر بعد دفن أحد أقاربه فيكشف الموت عن نفسه أحيانا بخطف آخر ليذكّره بحضوره لعبة يلعبها الموت مع الإنسان تجعل منه بطلا مقنّعا يظهر في أشكال حسيّة مختلفة لهذا نرى أنّ عنوان النصّ "منسيّ"يوهم أنّ الهو المتحدَّثِ عنه هو الشخصيّة / البطلة حيّا و ميّتا في قسمي النصّ و لكن التدقيق في مفاصله يوقفنا أنّ صورة "منسيّ" تتجاوز بعده الإجتماعي إلى صورة رمزيّة فيضحي هو الموت برائحة الحنوط المنبعثة كم لحيته الخفيفة و وجهه الصفراوي الثعلبي الممصوص و لون الصفرة يحيل من بين ما يحيل عليه إلى المرض و النصب و الغروب و كلّها مظاهر تسبق الموت و تمهّد له و وصف وجهه بالثعلبي يجيل على المكر و المراوغة والموت مكّار يتخفّى و يهاجم من حيث لا نحتسب
العنوان يوهم بأنّ "منسيّ" صفة لا تتجاوز الشخصيّة /البطلة لكن المرّة هو منسيّ و هي منسيّة و أنتَ منسيّ و أنتِ منسيّة و أنا منسيّ و نحن كلّنا منسيّون....
2) في مستوى الخطاب
أ- زمن الفصص
-عدم التجانس
يقوم السرد في النص على الإختلاف الكلاسيكي بين زمانين
زمن الخبر :وهو الماضي يدلّ عليه غياب المنسيّ بالموت و حتّى سيطرة صيغة المضارع على القسم الأوّل من النصّ إنّما دلالته على تكرّر الحدث ةاستمراريّته في الزمان الماضي .
زمن الخطاب : وهو الحاضر دائما ويدلّ عليه ماضي الخبر وقع الفعل يعاد في ساعة روايته و إذا كان قد انتهى فالرواية لم تنقطع تتجدّد مع كا قراءة
ولماضي الخبر وظيفة رئيسيّة هي الإبهام بواقعيّة الأحداث مع أنّها من صنع الخيال و ترتيب الكاتب وفي ذلك ما يحمل على التصديق بها.
- عدم التناسب
+ في المدى
المهمّ هو ضبط الصّيغ التي تصاغ فيها الفروق في المدى بين زمانين ثمّ معرفة الغالب منها واستخلاص نتائج ذلك
- صيغ الوقف : موجودة في هذه الفصّة وتتسبّب في كلّ مرّة في انقطاع في سرد الأقعال و تعرفل حركة الأحداث لأنّها تتمثّل خاصّة في " الأوصاف " أو " الأحوال " ( رائحة الحنوط المريبة المنبعثة ..../ بدلته الصيقيّة.......ومداسه المهترىء../ اكتسى وجهه بامارات الرّضا / وجهه الصّفراوي ...ابتسامة خفيّة / بدا في كفنه هزيلا ضئيلا..)
يطول زمن الحطاب على حساب زمن الخبر
- صيغ الإيجاز : على أنّ أساليب الإختصار وهي الغالبة على السرد في هذا النصّ الذي بنيت فيه الحركة على الأفعال أساسا و يتمثّل الإيجاز في اقتصار السرد على كلّيات الأفعال دون جزئيّاتها و على العناصر المقيّدة دون العناصر الحرّة (يظهر قجأة ) خرج من أيّ مكان على ايّة هيأة لأيّ غرض الظروف كلّها مسكوت عنها ما جعل الرّاوي / الشخصيّة محتارا في أمر هذا القريب الغريب وطبيعة ما يضمره والتزام السرد لفيجاز و الإجمال دون التفصيل يكسب الحركة وتيرة سريعة فيقصر زمن الخطاب عن زمن الخبر .
صيغ التطابق
(يداخلني في كلّ مرّة شيء من الإشمئزاز و النفور ../و كانّني أرى على وجهه...../ أخذتني دوّامة .....وطبيعة ما يضمره)
تصبح الحركة الخارجيّة حركة داخليّة في ذات الراوي الشخصيّة و تنقلب حكاية الأفعال إلى حكاية أحوال قد تطيل في سردها (وقف) أو توجز (اختصار) والنظر في موقعي العدول عن سرد الأفعال إلى سرد الأحوال و التحوّل من الظاهر إلى الباطن يكشف عن موقف الرّاوي /الشخصيّة من شخصيّة المنسيّ وبين الموقفين علاقة تناظر من الناحية الدلاليّة
قمّة الإشمئزاز والنفور / قمّة الحيرة وعدم الفهم
و القصّة تعتمدمن بدايتها إلى نهايتها على السرد التأكيدي أو الإعادي (إعادة وتكرار نفس الجمل في فسمي النصّ و أحيانا بنفس تراكيبها وعباراتها )قصد تقرير المعنى في النفوس فتكرّر الحداث بتفاصيلها يجعل من الأحداث معروفة لا مفاجآت فيها
- عدم التوازي
رويت الأحداث في تسلسلها الزماني دون تعقيد فالزمن خطّي : تعاقبي
- تسلسل الأحداث المرويّة في زمن الخبر
- تسلسل الكلام الروائي في سياق الخطاب
ومن ثمّ فشكل توارد الأحداث إنّما هو "النظم" الذي يربط بين المقاطع المتعاقبة حسب مبدأ "الوصل" وهي الصيغة البدائيّة في تشكيل احداث القصّة.
ب) - أوصاف القصّ
تقوم القصّة على المراوحة بين أنواع الرؤيات السرديّة
- الرؤية الخارجيّة : (ينشغل بنزع الميّت ... / يتحرّك بخفّة .. / يتراجع إلى الخلف ... ) كأنّ الراوي لا يعلم شيئا من شأن المنسيّ و في ذلك لإيهام بالحياد
-الرؤية الدّاخليّة :(يعاون بهمّة متعهّدي الدّفن /لم يخطىء يوما في اسم أيّمن ذوي قرباه /ينتفش منخارا أنفه )كأنّ الرّاوي "إله عليم" بما يجول في باطن الشخصيّة محاولا سبر أغوارها من خلال أفعالها و أحوالها وقسمات وجهها (و كأنني أرى على وجههه الصفراوي الثعلبي الممصوص.....)
- الرؤية مع :ومن أماراتها في النصّ سيطرة ضمير الأنا في أغلب فقراته في مقابل ضمير الهو وفي هذه الرؤية تتساوى معرفة الرّاوي بمعرفة الشخصيّة فكأنّ الرّاوي ينظر بعيني البطل فلا يرى إلّا مايراه (يتراجع إلى الخلف ....يمعن النظر فيما كتبه) و قد تتّحد شخصيّة البطل بشخصيّة الرّاوي كما في القسم الثاني من النص فيصبحان واحدا في حال غياب شخصيّة المنسيّ بالموت
* تتعلّق الرؤية السرديّة بسلوك البطل وتتغيّر عبر النصّ حسب نظام دقيق تضبطه حاجيّات القصّ.
-يلتزم الرّاوي الرؤية من خارج في مواقع الإيجاز فجهله يمكّنه من الإستغناء عن ذكر عدد من الظروف من شأنها أن تثقل سير الأحداث
-يلتزم الرؤية من الدّاخل إذا احتاج إلى تعليل سلوك الهو (المنسيّ) فيقدّم للقارىء من المعارف بقدر الذي يسمح بفهم حركة البطل
- أمّا الرؤية مع فيلتزمها كلّما هيّأ مفاجأة لا يمكن له فضحها و إلّا انتفى انشداد القارىء للنصّ فيكتمنا هويّة الميّت طيلة القسم الثاني من النصّ ولا نكتشف ذلك إلّا في آخر كلمة من آخر جملة من النصّ
تقوم القصّة على المراوحة بين أنواع الرؤيات السرديّة
- الرؤية الخارجيّة : (ينشغل بنزع الميّت ... / يتحرّك بخفّة .. / يتراجع إلى الخلف ... ) كأنّ الراوي لا يعلم شيئا من شأن المنسيّ و في ذلك لإيهام بالحياد
-الرؤية الدّاخليّة :(يعاون بهمّة متعهّدي الدّفن /لم يخطىء يوما في اسم أيّمن ذوي قرباه /ينتفش منخارا أنفه )كأنّ الرّاوي "إله عليم" بما يجول في باطن الشخصيّة محاولا سبر أغوارها من خلال أفعالها و أحوالها وقسمات وجهها (و كأنني أرى على وجههه الصفراوي الثعلبي الممصوص.....)
- الرؤية مع :ومن أماراتها في النصّ سيطرة ضمير الأنا في أغلب فقراته في مقابل ضمير الهو وفي هذه الرؤية تتساوى معرفة الرّاوي بمعرفة الشخصيّة فكأنّ الرّاوي ينظر بعيني البطل فلا يرى إلّا مايراه (يتراجع إلى الخلف ....يمعن النظر فيما كتبه) و قد تتّحد شخصيّة البطل بشخصيّة الرّاوي كما في القسم الثاني من النص فيصبحان واحدا في حال غياب شخصيّة المنسيّ بالموت
* تتعلّق الرؤية السرديّة بسلوك البطل وتتغيّر عبر النصّ حسب نظام دقيق تضبطه حاجيّات القصّ.
-يلتزم الرّاوي الرؤية من خارج في مواقع الإيجاز فجهله يمكّنه من الإستغناء عن ذكر عدد من الظروف من شأنها أن تثقل سير الأحداث
-يلتزم الرؤية من الدّاخل إذا احتاج إلى تعليل سلوك الهو (المنسيّ) فيقدّم للقارىء من المعارف بقدر الذي يسمح بفهم حركة البطل
- أمّا الرؤية مع فيلتزمها كلّما هيّأ مفاجأة لا يمكن له فضحها و إلّا انتفى انشداد القارىء للنصّ فيكتمنا هويّة الميّت طيلة القسم الثاني من النصّ ولا نكتشف ذلك إلّا في آخر كلمة من آخر جملة من النصّ
أهمّ الرؤيات وظيفة في هذا النصّ الرؤية مع بسبب كثرة استبطان الرّاوي
لشخصيّة المنسيّ حتّى أنّها أصبحت بالنسبة إليه هاجسا فنراه يركّز عليه حيّا
وميّتا ويتجلّى ذلك بوضوح من تحوّل الدّافن إلى مدفون على يد من كان يقبل العزاء
سابقا وفي غياب المنسيّ نهائيّا من المشهد سيتحوّل الرّاوي الشخصيّة إلى
"الأوّل في الرّعيل الثّاني "الذي يشرف على قبر ذوي قرباه بعد ان كان
المنسيّ "آخر الرعيل الأوّل"من ذوي قرباه.و ما نستنجه أنّ هذا التواصل
بين الأجيال وجد قبل المنسيّ وسيستمرّ بعده حتى وإن غاب جسديّا بالفعل فهو موجود
وحاضر بالقوّة دائما وثنائيّة الحضور والغياب تلعب دورا أساسيّا في هذا النصّ ففي
القسم الأوّل منه كان الرّاوي /الشخصيّة حاضرا بالقوّة كدافن غائب بالفعل والمنسيّ
حاضر بالفعل كدافن وغائب بالقوّة لتنقلب المعادلة في القسم الثاني من النصّ إلى
الضدّ وهذا إن دلّ على شيء فإنّما يدلّ على أنّ الحياة دول بين النّاس نأخذ منها
نصيب ونؤدّي خلالها دور ليأتي آخرون يتسلّمون نصيبهم منها ويؤدّون أدوارهم المنوطة
بهم وهكذا عود على بدء.
إذن التساوي في المعرفة بين الرّاوي الشخصيّة والشخصيّة البطلة أو أن يصبح الرّاوي هو الشخصيّة ذاتها فهذا ممّا يعنيه انّ كليهما واحد في الفعل والسلوك و المآل وهذا حسب رأيي ما يسعى الكاتب إلى تقريره في النفوس و إن أوهمنا في بعض ردهات النصّ أنّ الرّاوي يرغب في استبعاد سيطرة شخصيّة المنسيّ على تفكيره ونفسيّته (بينا أهرف بلا شيء../ يداخلني في كلّ مرّة شيء من الإشمئزاز..). لكن الواقع أنّه كان مشدودا إليه أوّلا بفعل القرابة الدّمويّة "فهو من أولي الأرحام "و هذا لاينسينا كوننا من رحم واحد قد تشقّق لعديد الأرحام لهذا لا يستطيع الرّاوي فكاكا من هذه الرّابطة لا في المستوى الضيّق" العائلة " و لا في المستوى الأعمّ الإنسانيّة" و ثانيا لرغبة في نفسه تتمثّل في تعليل سلوك المنسيّ الذي "لا أراه ولا يرانا إلّا في هذا المقام " مقام الدّفن بكلّ ما يوحي
به من مأساة تنهي وجود الإنسان الفردي في هذه الحياة و من هنا أخذت الرّاوي / الشخصيّة" دوّامة الحيرة في أمر هذا القريب الغريب" وطبيعة ما يضمره و الحيرة بداية التفكير الجدّي في سلوك المنسيّ المتكرّر مع وفاة كلّ قريب .هل يأتي المنسيّ هذا الفعل كعمل يرتزق منه ، لا أظنّ ليس في النصّ ما يدلّ على ذلك بل بالعكس ثمّة إشارات لمتعهّدي الدّفن والحانوتيّة وهو ليس منهم ، هل هو متطوّع عملا بالسنّة ورغبة في الثّواب ،هل هو درويش من الدّراويش مرتادي المقابر..لا شيء يوحي بذلك في النصّ لذلك يحتار الرّاوي و يحيّرنا معه لولا بعض غشارات متفرّقة هنا وهناك في النصّ تدلّ على أنّه يسلك هذا السلوك و يقوم بهذه الأفعال مع سابق إضمار و لغاية في النفس فهل تكون غايته : التدرّب على الموت حتّى يؤنّسه فيكون شيئا عاديّا وحدثا مالوفا لا هول فيه.
إذن التساوي في المعرفة بين الرّاوي الشخصيّة والشخصيّة البطلة أو أن يصبح الرّاوي هو الشخصيّة ذاتها فهذا ممّا يعنيه انّ كليهما واحد في الفعل والسلوك و المآل وهذا حسب رأيي ما يسعى الكاتب إلى تقريره في النفوس و إن أوهمنا في بعض ردهات النصّ أنّ الرّاوي يرغب في استبعاد سيطرة شخصيّة المنسيّ على تفكيره ونفسيّته (بينا أهرف بلا شيء../ يداخلني في كلّ مرّة شيء من الإشمئزاز..). لكن الواقع أنّه كان مشدودا إليه أوّلا بفعل القرابة الدّمويّة "فهو من أولي الأرحام "و هذا لاينسينا كوننا من رحم واحد قد تشقّق لعديد الأرحام لهذا لا يستطيع الرّاوي فكاكا من هذه الرّابطة لا في المستوى الضيّق" العائلة " و لا في المستوى الأعمّ الإنسانيّة" و ثانيا لرغبة في نفسه تتمثّل في تعليل سلوك المنسيّ الذي "لا أراه ولا يرانا إلّا في هذا المقام " مقام الدّفن بكلّ ما يوحي
به من مأساة تنهي وجود الإنسان الفردي في هذه الحياة و من هنا أخذت الرّاوي / الشخصيّة" دوّامة الحيرة في أمر هذا القريب الغريب" وطبيعة ما يضمره و الحيرة بداية التفكير الجدّي في سلوك المنسيّ المتكرّر مع وفاة كلّ قريب .هل يأتي المنسيّ هذا الفعل كعمل يرتزق منه ، لا أظنّ ليس في النصّ ما يدلّ على ذلك بل بالعكس ثمّة إشارات لمتعهّدي الدّفن والحانوتيّة وهو ليس منهم ، هل هو متطوّع عملا بالسنّة ورغبة في الثّواب ،هل هو درويش من الدّراويش مرتادي المقابر..لا شيء يوحي بذلك في النصّ لذلك يحتار الرّاوي و يحيّرنا معه لولا بعض غشارات متفرّقة هنا وهناك في النصّ تدلّ على أنّه يسلك هذا السلوك و يقوم بهذه الأفعال مع سابق إضمار و لغاية في النفس فهل تكون غايته : التدرّب على الموت حتّى يؤنّسه فيكون شيئا عاديّا وحدثا مالوفا لا هول فيه.
ج_ أوضاع القصّ
تنتهج الحكاية اساسا الأسلوب غير المباشر وهي القاعدة في الأدب القصصي ولكنّها سلكت الأسلوب المباشر في موقعين وفي المرّتين كان السرد اشبه بالحوار الباطني ليكشف لنا موقف الرّاوي /الشخصيّة من البطل المنسيّ فهو بين اشمئزاز ونفور من هيأته وسلوكه لأنّه بالنسبة إليه مرادف للموت و العدم ولهذا عبّر عن كراهيّته لتلك اللحظات التي يجتمع به فيها وكأنّه نذير شؤم وسوء وبين الحيرة في غرابة سلوكه وطبيعة ما يضمر
- في الموقع الأوّل يؤدّي الأسلوب المباشر وظيفة دراميّة : تكشف عن موقف الرّاوي من البطل كإنسان من لحم ودم أسهب في رسم ملامحه المحيلة على المرض (وجهه الصفراوي) والمكر (الثعلبي) والسخريّة (ابتسامة خفيّة)
- و في الموقع الثاني يؤدّي وظيفة فكربّة تتجاوز الظاهر إلى الباطن من الأمو وهي البحث في علل هذا التصرّف المتكرّر من المنسيّ ولا نعتقد أنّ الرّاوي /الشخصيّة وقف على رأي يرضيه إنّما تعمّقت حيرته فعمل قدر استطاعته على استبعاد المنسيّ ومن ورائه الموت المحيل عليه بإحكام غلق القبر حتى تمنى أن يضاف إلى الخرسانة الحدبد رغبة في الإنتصار على الموت ولو بعض الوقت بقبر من يمثّله ويرمز إليه.
تنتهج الحكاية اساسا الأسلوب غير المباشر وهي القاعدة في الأدب القصصي ولكنّها سلكت الأسلوب المباشر في موقعين وفي المرّتين كان السرد اشبه بالحوار الباطني ليكشف لنا موقف الرّاوي /الشخصيّة من البطل المنسيّ فهو بين اشمئزاز ونفور من هيأته وسلوكه لأنّه بالنسبة إليه مرادف للموت و العدم ولهذا عبّر عن كراهيّته لتلك اللحظات التي يجتمع به فيها وكأنّه نذير شؤم وسوء وبين الحيرة في غرابة سلوكه وطبيعة ما يضمر
- في الموقع الأوّل يؤدّي الأسلوب المباشر وظيفة دراميّة : تكشف عن موقف الرّاوي من البطل كإنسان من لحم ودم أسهب في رسم ملامحه المحيلة على المرض (وجهه الصفراوي) والمكر (الثعلبي) والسخريّة (ابتسامة خفيّة)
- و في الموقع الثاني يؤدّي وظيفة فكربّة تتجاوز الظاهر إلى الباطن من الأمو وهي البحث في علل هذا التصرّف المتكرّر من المنسيّ ولا نعتقد أنّ الرّاوي /الشخصيّة وقف على رأي يرضيه إنّما تعمّقت حيرته فعمل قدر استطاعته على استبعاد المنسيّ ومن ورائه الموت المحيل عليه بإحكام غلق القبر حتى تمنى أن يضاف إلى الخرسانة الحدبد رغبة في الإنتصار على الموت ولو بعض الوقت بقبر من يمثّله ويرمز إليه.
د- حضور المتلفّظ
يكشف الرّاوي عن حضوره في عدد كبير من التدخّلات (ينضغل بنزع الميّت../يعدّ خليط الرّمال ور المتلفّظ.../ليسطّر بخطّ نسخ رديء..)
بهذه التدخّلات يعمد الرّاوي إلى الإخبار المباشر فيقدّم للقارىء من المعلومات الجاهزة ما قد يحتاج إليه لمعرفة الدّقائق والخفايا و النّوايا والأغراض .
- في مواضع التدخّل يتميّز الخطاب عن السرد فتخرج علاقة الرّاوي بالقارىء من الخفاء إلى الجلاء و تظلّ تدخّلات الرّاوي في هذا النصّ حسب رأينا غير محايدة تتعلّق بذاتيّة المتكلّم أكثر ما تتعلّق بموضوع الكلام فهي تدخّلات لقصد التعبير لا لقصد الإعلام لأنّ كيفيّة دفن الميّت ولحده يعرفها القاصي والدّاني مسلمين كانوا أم غير مسلمين فهذه التدخّلات بقدر ما تعرّف بالأشياء المعروفة لدى المتلقّي ظاهريّا فإنّها في الباطن تعبّر عن وجدان حسّاس جدّا و عقل واع لقضيّة الموت الرّاصد للإنسان لهذا قال ابن عبد ربّه الأندلسي "إذا كان الموت راصدا فالطمأنينة حمق" فهل نحن حمقى؟ لأنّنا مطمئنّون ناسون للموت والمفكّر والعاقل الوحيد فينا وبيننا هو المنسيّ.
ت-سجلّات القول
في هذا النصّ لا وجود لمستويات لغويّة متعدّدة فالكلام ذو سجلّ واحدهو سجلّ الفصحى وقد استعملها الكاتب في النصّ حسب بلاغة معيّنة : أسلوب الأستاذ سمير عصر "السهل –الواضح و أضيف الممتنع على بعض الكتّاب وهو ممتنع لأنّه حمّال دلالات ، أمّا المعجم فألفاظه متداولة لا غريب فيها ولا تعقيد .
-نسبة المحسوسات فيها مسيطرة سيطرة مطلقة و أكثر من نسبة المجرّدات لأنّ قصّة المنسيّ قصّة أحداث تتكرّر في المكان والزمان مطلقا لا قصّة شخصيّة و تتركّب حركتها من الأفعال الماديّة أكثر ممّا تتركّب من الإنفعالات النفسيّة وتجري على ركح الخارج (الدنيا أكثر ممّا تجري على ركح الدّاخل (الضمير)
*جدول المجرّدات
مصطلح الغيب:الملكين
مصطلح المشاعر:الرّضا /الإشمئزاز /النفور /كرهت /الحيرة /دهشتي
حضور ضعيف لهذا الجدول يصف الأحوال ويبيّن المواقف
*جدول المحسوسات
مصطلح الإنسان:
عالم الأحياء(متعهّدي الدفن /الحانوتية /آخر المشيّعين) ما نلاحظه اقترانها بعالم الأموات
عالم الأموات (الدفين / المتوفّي/ المتوفين/ قاطن القبر) ما نلاحظه اكتساح عالم الموت لعالم الحياة كما نستنتج اقتصار الأسماء على الأعيان دون تخصيص (المعنى العام)لأنّ الفكرة مطلقة وليست مقيّدة.
وهناك ما يقترن بمصطلح الإنسان من معاني العمران : الطّوب/الآجر/ الجدار/الحصاة/ الرمال/الإسمنت/ الخرسانة/ الحديد) وكلّها مواد تشييد و إعمار وبناء أي مواد حياة وحضارة لكنّها قيّدت في النص بكلمة القبرالتي تواترت 11 مرّة على قصر النصّ فجرّدت من دلالاتها على الحياة و أحالت على الموت وهذا ما يذكّرني بما يقوله بعضنا عندما يعزم على بناء مسكن "أبني قبر دار الدنيا" و كأنّ عالم الأحياء مقبرة كبيرة وهنا أستحضر أبيات أبى العتاهية و لعلّ الكاتب كان يستحضرها وهو يكتب نصّه :لدوا للموت وابنوا للخراب فكلّكمُ يصير إلى تباب
لمن نبني ونحن إلى تراب نعود كما خلقنا من تراب
*التراكيب
قليلة التشعيب ،ميل إلى الجمل الفعليّة البسيطة المترابطة بحروف الوصل والإستتباع والترتيب كالولو والفاء وثمّ و أحيانا الإعتماد بكثرة على الجمل الإبتدائية دون الجمل المعترضة أو الموصوليّة –و إن نما التركيب أحيانا فبالصفة أو الحال أو الغاية ومع اقتصاد ملحوظ ، ويعتبر هذا من أبرز مظاهر النظم في هذا النصّ إذ يتلاءم مع ترتيب الأحداث التعاقبي زمنيّا و كأنّه يشي بأنّ حياة الإنسان مآلها وخاتمتها الفناء و كما يقول محمود المسعدي الكاتب التونسي " الحياة كون واستحالة ومأساة"و الكاتب أوجز في نصّه لأنّه سكت عن مرحلة الكون(الميلاد) ولم يشر إليها وكذلك فعل مع مرحلة الإستحالة(التحوّل من حال إلى أخرى) واكتفى بمرحلة المأساة .. و هكذا تكون حياة الإنسان قصّة (وضع بداية وسياق تحوّل فوضع ختام).
*البلاغة
نزعة غالبة إلى الإيجاز و يعني هذا تركيزا على كلّيات المعاني
-بعض الإطناب في مواضع التأثير و خاصّة في إحكام إغلاق القبرعلى الميّت
-اقتصاد في الوصف إذ تنعت الكائنات والشياء بنعوت حقيقية لا يداخلها خيال
* عريان الكلام :لا خيال ولا مجاز فاللاغة متقشّفة تعتمد السهولة و البساطة بقصد الأداء الواضح و يرتبط ذلك بالغاية من النصّ وهي التوعية والتحسيس بفاجعة الموت لأنّه الحقيقة الثابتة في وجود الإنسان فلا حديث عن الغيب أو البعث أو أيّ مسائل أخرى
-خرق النظام
بين النصّ وما نعتقده توتّر ملحوظ فالنصّ يدفعنا دفعا إلى تذكّر الموت في كلّ آن وحين ونحن نتناساه كحقيقة ثابتة في وجودنا لا يمكن التغافل عنها ومصدرها الإحساس العميق بهذه الفاجعة وهو ما يعاكس ما نحتاج إليه –لكي نعيش-من تفاؤل عميق فسبب التوتّر إذن مناقضة النصّ لإيماننا بالحياة لهذا في النصّ نزعة تشاؤميّة لكنّها لا تتجلّى بوضوح و أحسن ما أختم به هذا العرض أبيات أهديها لكاتب النصّ تتفاعل مع نصّه" المنسيّ من قصيد لي بعنوان "كنتُ مثلك" يحاور فيه ميّت حيّ
يكشف الرّاوي عن حضوره في عدد كبير من التدخّلات (ينضغل بنزع الميّت../يعدّ خليط الرّمال ور المتلفّظ.../ليسطّر بخطّ نسخ رديء..)
بهذه التدخّلات يعمد الرّاوي إلى الإخبار المباشر فيقدّم للقارىء من المعلومات الجاهزة ما قد يحتاج إليه لمعرفة الدّقائق والخفايا و النّوايا والأغراض .
- في مواضع التدخّل يتميّز الخطاب عن السرد فتخرج علاقة الرّاوي بالقارىء من الخفاء إلى الجلاء و تظلّ تدخّلات الرّاوي في هذا النصّ حسب رأينا غير محايدة تتعلّق بذاتيّة المتكلّم أكثر ما تتعلّق بموضوع الكلام فهي تدخّلات لقصد التعبير لا لقصد الإعلام لأنّ كيفيّة دفن الميّت ولحده يعرفها القاصي والدّاني مسلمين كانوا أم غير مسلمين فهذه التدخّلات بقدر ما تعرّف بالأشياء المعروفة لدى المتلقّي ظاهريّا فإنّها في الباطن تعبّر عن وجدان حسّاس جدّا و عقل واع لقضيّة الموت الرّاصد للإنسان لهذا قال ابن عبد ربّه الأندلسي "إذا كان الموت راصدا فالطمأنينة حمق" فهل نحن حمقى؟ لأنّنا مطمئنّون ناسون للموت والمفكّر والعاقل الوحيد فينا وبيننا هو المنسيّ.
ت-سجلّات القول
في هذا النصّ لا وجود لمستويات لغويّة متعدّدة فالكلام ذو سجلّ واحدهو سجلّ الفصحى وقد استعملها الكاتب في النصّ حسب بلاغة معيّنة : أسلوب الأستاذ سمير عصر "السهل –الواضح و أضيف الممتنع على بعض الكتّاب وهو ممتنع لأنّه حمّال دلالات ، أمّا المعجم فألفاظه متداولة لا غريب فيها ولا تعقيد .
-نسبة المحسوسات فيها مسيطرة سيطرة مطلقة و أكثر من نسبة المجرّدات لأنّ قصّة المنسيّ قصّة أحداث تتكرّر في المكان والزمان مطلقا لا قصّة شخصيّة و تتركّب حركتها من الأفعال الماديّة أكثر ممّا تتركّب من الإنفعالات النفسيّة وتجري على ركح الخارج (الدنيا أكثر ممّا تجري على ركح الدّاخل (الضمير)
*جدول المجرّدات
مصطلح الغيب:الملكين
مصطلح المشاعر:الرّضا /الإشمئزاز /النفور /كرهت /الحيرة /دهشتي
حضور ضعيف لهذا الجدول يصف الأحوال ويبيّن المواقف
*جدول المحسوسات
مصطلح الإنسان:
عالم الأحياء(متعهّدي الدفن /الحانوتية /آخر المشيّعين) ما نلاحظه اقترانها بعالم الأموات
عالم الأموات (الدفين / المتوفّي/ المتوفين/ قاطن القبر) ما نلاحظه اكتساح عالم الموت لعالم الحياة كما نستنتج اقتصار الأسماء على الأعيان دون تخصيص (المعنى العام)لأنّ الفكرة مطلقة وليست مقيّدة.
وهناك ما يقترن بمصطلح الإنسان من معاني العمران : الطّوب/الآجر/ الجدار/الحصاة/ الرمال/الإسمنت/ الخرسانة/ الحديد) وكلّها مواد تشييد و إعمار وبناء أي مواد حياة وحضارة لكنّها قيّدت في النص بكلمة القبرالتي تواترت 11 مرّة على قصر النصّ فجرّدت من دلالاتها على الحياة و أحالت على الموت وهذا ما يذكّرني بما يقوله بعضنا عندما يعزم على بناء مسكن "أبني قبر دار الدنيا" و كأنّ عالم الأحياء مقبرة كبيرة وهنا أستحضر أبيات أبى العتاهية و لعلّ الكاتب كان يستحضرها وهو يكتب نصّه :لدوا للموت وابنوا للخراب فكلّكمُ يصير إلى تباب
لمن نبني ونحن إلى تراب نعود كما خلقنا من تراب
*التراكيب
قليلة التشعيب ،ميل إلى الجمل الفعليّة البسيطة المترابطة بحروف الوصل والإستتباع والترتيب كالولو والفاء وثمّ و أحيانا الإعتماد بكثرة على الجمل الإبتدائية دون الجمل المعترضة أو الموصوليّة –و إن نما التركيب أحيانا فبالصفة أو الحال أو الغاية ومع اقتصاد ملحوظ ، ويعتبر هذا من أبرز مظاهر النظم في هذا النصّ إذ يتلاءم مع ترتيب الأحداث التعاقبي زمنيّا و كأنّه يشي بأنّ حياة الإنسان مآلها وخاتمتها الفناء و كما يقول محمود المسعدي الكاتب التونسي " الحياة كون واستحالة ومأساة"و الكاتب أوجز في نصّه لأنّه سكت عن مرحلة الكون(الميلاد) ولم يشر إليها وكذلك فعل مع مرحلة الإستحالة(التحوّل من حال إلى أخرى) واكتفى بمرحلة المأساة .. و هكذا تكون حياة الإنسان قصّة (وضع بداية وسياق تحوّل فوضع ختام).
*البلاغة
نزعة غالبة إلى الإيجاز و يعني هذا تركيزا على كلّيات المعاني
-بعض الإطناب في مواضع التأثير و خاصّة في إحكام إغلاق القبرعلى الميّت
-اقتصاد في الوصف إذ تنعت الكائنات والشياء بنعوت حقيقية لا يداخلها خيال
* عريان الكلام :لا خيال ولا مجاز فاللاغة متقشّفة تعتمد السهولة و البساطة بقصد الأداء الواضح و يرتبط ذلك بالغاية من النصّ وهي التوعية والتحسيس بفاجعة الموت لأنّه الحقيقة الثابتة في وجود الإنسان فلا حديث عن الغيب أو البعث أو أيّ مسائل أخرى
-خرق النظام
بين النصّ وما نعتقده توتّر ملحوظ فالنصّ يدفعنا دفعا إلى تذكّر الموت في كلّ آن وحين ونحن نتناساه كحقيقة ثابتة في وجودنا لا يمكن التغافل عنها ومصدرها الإحساس العميق بهذه الفاجعة وهو ما يعاكس ما نحتاج إليه –لكي نعيش-من تفاؤل عميق فسبب التوتّر إذن مناقضة النصّ لإيماننا بالحياة لهذا في النصّ نزعة تشاؤميّة لكنّها لا تتجلّى بوضوح و أحسن ما أختم به هذا العرض أبيات أهديها لكاتب النصّ تتفاعل مع نصّه" المنسيّ من قصيد لي بعنوان "كنتُ مثلك" يحاور فيه ميّت حيّ
كُنْتُ مِثْلَكْ
كُنْتُ أَمْشِي نَاسِيًا أَنِّي أَزُول
كَمْ مَشَيْتُ خَلْفَ نَعْش بَاهِتَ العَيْنِ حَزِين
ثُمَّ عُدْتُ ضَاحِكًــــــــــــا طَلْــقَ الجَبيـــنْ
مِثْلُكَ الآنَ أَمَامِي قَدْ تُبَاكِيـــــــكَ الشُّجُون
ثُمَّ تَمْشِي ناسِيًا ذَاتَ يَوْمٍ قَدْ تَكُــــــــــــون
مِثْلَمَا أَنْتَ تَرَانِي بَيْنَ صَخْـــــــرٍ وَ طُيُونْ
شَقْفَ عَظْمٍ جَرَّفَتْ قَبْرًا سُيُول
أَنْتَ مِثْلِي
كُنْتَ زَهْرًا ، كَيْفَ تَنْسَى أَنَّ للزَّهْرِ ذُبُولْ
أحمـــــــــــد بوقراعة
كُنْتُ أَمْشِي نَاسِيًا أَنِّي أَزُول
كَمْ مَشَيْتُ خَلْفَ نَعْش بَاهِتَ العَيْنِ حَزِين
ثُمَّ عُدْتُ ضَاحِكًــــــــــــا طَلْــقَ الجَبيـــنْ
مِثْلُكَ الآنَ أَمَامِي قَدْ تُبَاكِيـــــــكَ الشُّجُون
ثُمَّ تَمْشِي ناسِيًا ذَاتَ يَوْمٍ قَدْ تَكُــــــــــــون
مِثْلَمَا أَنْتَ تَرَانِي بَيْنَ صَخْـــــــرٍ وَ طُيُونْ
شَقْفَ عَظْمٍ جَرَّفَتْ قَبْرًا سُيُول
أَنْتَ مِثْلِي
كُنْتَ زَهْرًا ، كَيْفَ تَنْسَى أَنَّ للزَّهْرِ ذُبُولْ
أحمـــــــــــد بوقراعة
---------------------------------------------
الأستاذ/ سليمان جمعة
![]() |
سليمان جمعة |
سأعنون تعليقي على النص ب"الصدى"
الكتابة كشف عن الذات ، وارادة تغيير واقع مأزوم .
وفي واقعنا اليوم جمود قد صديء حتى خلنا اننا عالم على حافة النبذ من العالم ..
ونحن نعيش في قيم صوتية ..
وهو لب هذا النص
تقليد وانكار للقيم.
يطرح النص حركة للمعنى يغشيها الوصف والتفسير وفلسفة الرؤية ..
التنكير في العنوان يتوافق وصداه اللفظي ..اي لا حد يعرفه وهو قريب .. قيمة انسانية بوجود مادي وغياب روحي.. قريب غريب.
يعالج في الاستهلال وبصورة نقدية ضدية قيمة اخلاقية وانسانية واعتقادية هي "صلة الرحم .".
في العمق " اولي الارحام المنسيين...
من صلب معتقدنا صلة الرحم والاقربون اولى بالمعروف وهو منسي..
لا يذكر ولا يرى الا في مقام دفن المتوفى وهو الفاعل وهو الذاكر لاقربائه حتى الجيل الرابع منهم ..هم المتمثلون بالراوي لا يتذكرون اسمه حتى فاطلق عليه عندما صار صداه اي مقلده اي انه يعيش حاله كمنسي يتذكر منسيا ولكنه يفشل في التقليد الا في ممارسة دفنه ..ماذا يعني هذا؟
لن احلل علامات الوصف السيميائية ولكن ساستعمل دلالاتها .
لا اراه ولا يراني ...لا اتذكره ..
يظهر فجأة فيتجسد في الفراغ ...
هذه الشطحة الشعرية تكاد تكون روح النص
مع للوهلة لا يدري بماذا يقابل معرفته به..فيهرف بلا شيء.
..
الفجاءة اي لم يترقب وجوده يأتي من فراغ ..هذا الفراغ هو وصف لتعطيل صلة الرحم .فعبر عنها بلا ارى ولا اذكر ..ولا اذكر هي عمق الفراغ..
هذا المعنى الصوتي كحالنا مع تراثنا لا نراه ولا نذكره الا فجاءة ..يتجسد المعنى ماديا ليتحرك فيدفن الوجود المادي الميت للاخرين ويحكم لحدهم بوسائل محكمة ليمنع صلتهم المادية ..فيصبحون معنى في الفراغ ..اذن يقلب المعادلة ..هو الذاكر اللامذكور يدفنه قريب له فيقلد حركته ولكنه لا يستطيع ان يتجسد كمعناه ولا ذاكرة له..
الحياة والموت
منسي وذاكر
فوق الارض وتحتها..
الراوي هو المنسي المعرف عن نفسه لانه قاطع الصلة مع ارحامه الا صوتيا او تلفظيا ..
فقد كشف عن ذانه انه هو الناسي وسيكون منسيا بتتابع الاجيال... وكشف عن ظاهرة سلوكية مع حالنا الاجتماعية في تمزق نسيجنا الرحمي ..الذي اوصانا به ربنا وتجربتنا في وحدة النسيج الوطني والثقافي والديني .. وكذلك نحن ماهرون في ضبط وبناء السد بين الحياة والموت وهذا مضاد لوصية الدنيا كممرللآخرة.. اذن
منسي نص يطرح في اوصافه حالنا ويكشف عن تفتت ذاتنا الجمعية
ويطرح رؤية التغيير ..المقام
ان ندرك ذاتنا اين نحن .هنا نتعارف ..فجأة فلتكن حياتنا مقاما كهذا ..دل على الخلل .. وطرح الرؤية ..فكيف يكون التغيير ..هل بالتقليد؟
لم يخطيء قط في الاسم الرباعي .مقابل..
لم يتذكر اسمه ..
معادلة التجسد والتواصل في المقام .
اذن لم نبن نفسنا كالمنسي ..فنحن صدى مزيف له ..
الكتابة كشف عن الذات ، وارادة تغيير واقع مأزوم .
وفي واقعنا اليوم جمود قد صديء حتى خلنا اننا عالم على حافة النبذ من العالم ..
ونحن نعيش في قيم صوتية ..
وهو لب هذا النص
تقليد وانكار للقيم.
يطرح النص حركة للمعنى يغشيها الوصف والتفسير وفلسفة الرؤية ..
التنكير في العنوان يتوافق وصداه اللفظي ..اي لا حد يعرفه وهو قريب .. قيمة انسانية بوجود مادي وغياب روحي.. قريب غريب.
يعالج في الاستهلال وبصورة نقدية ضدية قيمة اخلاقية وانسانية واعتقادية هي "صلة الرحم .".
في العمق " اولي الارحام المنسيين...
من صلب معتقدنا صلة الرحم والاقربون اولى بالمعروف وهو منسي..
لا يذكر ولا يرى الا في مقام دفن المتوفى وهو الفاعل وهو الذاكر لاقربائه حتى الجيل الرابع منهم ..هم المتمثلون بالراوي لا يتذكرون اسمه حتى فاطلق عليه عندما صار صداه اي مقلده اي انه يعيش حاله كمنسي يتذكر منسيا ولكنه يفشل في التقليد الا في ممارسة دفنه ..ماذا يعني هذا؟
لن احلل علامات الوصف السيميائية ولكن ساستعمل دلالاتها .
لا اراه ولا يراني ...لا اتذكره ..
يظهر فجأة فيتجسد في الفراغ ...
هذه الشطحة الشعرية تكاد تكون روح النص
مع للوهلة لا يدري بماذا يقابل معرفته به..فيهرف بلا شيء.
..
الفجاءة اي لم يترقب وجوده يأتي من فراغ ..هذا الفراغ هو وصف لتعطيل صلة الرحم .فعبر عنها بلا ارى ولا اذكر ..ولا اذكر هي عمق الفراغ..
هذا المعنى الصوتي كحالنا مع تراثنا لا نراه ولا نذكره الا فجاءة ..يتجسد المعنى ماديا ليتحرك فيدفن الوجود المادي الميت للاخرين ويحكم لحدهم بوسائل محكمة ليمنع صلتهم المادية ..فيصبحون معنى في الفراغ ..اذن يقلب المعادلة ..هو الذاكر اللامذكور يدفنه قريب له فيقلد حركته ولكنه لا يستطيع ان يتجسد كمعناه ولا ذاكرة له..
الحياة والموت
منسي وذاكر
فوق الارض وتحتها..
الراوي هو المنسي المعرف عن نفسه لانه قاطع الصلة مع ارحامه الا صوتيا او تلفظيا ..
فقد كشف عن ذانه انه هو الناسي وسيكون منسيا بتتابع الاجيال... وكشف عن ظاهرة سلوكية مع حالنا الاجتماعية في تمزق نسيجنا الرحمي ..الذي اوصانا به ربنا وتجربتنا في وحدة النسيج الوطني والثقافي والديني .. وكذلك نحن ماهرون في ضبط وبناء السد بين الحياة والموت وهذا مضاد لوصية الدنيا كممرللآخرة.. اذن
منسي نص يطرح في اوصافه حالنا ويكشف عن تفتت ذاتنا الجمعية
ويطرح رؤية التغيير ..المقام
ان ندرك ذاتنا اين نحن .هنا نتعارف ..فجأة فلتكن حياتنا مقاما كهذا ..دل على الخلل .. وطرح الرؤية ..فكيف يكون التغيير ..هل بالتقليد؟
لم يخطيء قط في الاسم الرباعي .مقابل..
لم يتذكر اسمه ..
معادلة التجسد والتواصل في المقام .
اذن لم نبن نفسنا كالمنسي ..فنحن صدى مزيف له ..
سليمان جمعة
_________________________
الأستاذ/ جهاد جوهر
![]() |
جهاد جوهر |
لا اعلم كم نحتاج من الوقت والجهد لمتابعة حقيقية ومنصفة لنصوص مميزة
والتي تفوتنا رغما عنا ومتابعة كتاب مبدعون في واحتنا لم يسعفنا الحظ في متابعتهم
جديا لاننا نفتقر الى طاقة لا قبل لنا بها ...
فالنصوص كثيرة والكتاب كثر والحمد لله ومن ضمن الادباء البارزين الرائعين الاستاذ Samir Asaer الذي تتميز كتاباته باحتواء الفكرة ومزجها باللغة البارعة وتقديمها باروع صورة مهما كانت تلكم الفكرة مؤلمة او محزنة او محرجة...
في قصة المنسي التي تدور بمشهديها المنفصلين في مكان المدفن او المقبرة نلمس بعض الانتصار اللحظي في كلا الجزءين انتصار البطل (المنسي) اولا ومن ثمة انتصار البطل (الراوي) ثانيا...
لكن الامر ليس كما يبدو لنا لاننا نسينا ان الانتصار الحقيقي في النهاية هو للبطل الحقيقي او البطل الفعلي وهو (الموت ) لان الموت هو نفسه العنوان او عتبة النص ( الموت = المنسي) فالمنسي هو الموت قد تجسد في هيئة الدفان الذي يعلم اسماءنا ولا نعلم كنهه ...
فهل ننتصر على الموت او نظن اننا منتصرون عليه عندما يتخطانا ويختطف واحدا من بيننا قد لا نظن انه سيموت فنفجع بفقده? هذا ما نعتقده في المشهد الثاني اذ نظن اننا سلمنا منه هذه المرة حتى وددنا لو نتحصن به بالخرسانة داخل قبر هو فيه ونحن في خارجه نحيا بتلذذ نصر مؤقت ومزيف...
فالمنسي يبقى منسيا لا نتذكره ونحن في بحر الحياة رغم انه قريب منا وكأنه من أقربائنا ونخشاه ونحاول الانتصار عليه بنسيانه ( حتى حين) .
ذلك الصراع في نفوسنا قد يبرز في لحظات معينة واوقات محددة عند فقد احدهم مقرب الينا ثم لا نلبث ان تشغلنا الحياة...
الرمزية في هذا النص ساخرة وساحرة بنفس الوقت ... فتم جرجرة او سحب الموت الى الحياة بل انسنة الموت في شخص المنسي ودفنه في نهاية نظنها نهايته الحقيقية ولكنه يتجدد بنا ويتلبسنا او يتقمصنا لنؤدي دوره بامتياز ما عدا اننا بشر ننسى وما ننسى الا شيء واحد الا وهو الموت نفسه...
قد لا يستحق هذا النص منا عبورا طارئا فهو يحتمل اكثر من فلسفة حوله تتداخل بها مخاوف البشر النفسية العميقة من التعامل مع المجهول الذي هو مصيرنا المحتوم...
فالنصوص كثيرة والكتاب كثر والحمد لله ومن ضمن الادباء البارزين الرائعين الاستاذ Samir Asaer الذي تتميز كتاباته باحتواء الفكرة ومزجها باللغة البارعة وتقديمها باروع صورة مهما كانت تلكم الفكرة مؤلمة او محزنة او محرجة...
في قصة المنسي التي تدور بمشهديها المنفصلين في مكان المدفن او المقبرة نلمس بعض الانتصار اللحظي في كلا الجزءين انتصار البطل (المنسي) اولا ومن ثمة انتصار البطل (الراوي) ثانيا...
لكن الامر ليس كما يبدو لنا لاننا نسينا ان الانتصار الحقيقي في النهاية هو للبطل الحقيقي او البطل الفعلي وهو (الموت ) لان الموت هو نفسه العنوان او عتبة النص ( الموت = المنسي) فالمنسي هو الموت قد تجسد في هيئة الدفان الذي يعلم اسماءنا ولا نعلم كنهه ...
فهل ننتصر على الموت او نظن اننا منتصرون عليه عندما يتخطانا ويختطف واحدا من بيننا قد لا نظن انه سيموت فنفجع بفقده? هذا ما نعتقده في المشهد الثاني اذ نظن اننا سلمنا منه هذه المرة حتى وددنا لو نتحصن به بالخرسانة داخل قبر هو فيه ونحن في خارجه نحيا بتلذذ نصر مؤقت ومزيف...
فالمنسي يبقى منسيا لا نتذكره ونحن في بحر الحياة رغم انه قريب منا وكأنه من أقربائنا ونخشاه ونحاول الانتصار عليه بنسيانه ( حتى حين) .
ذلك الصراع في نفوسنا قد يبرز في لحظات معينة واوقات محددة عند فقد احدهم مقرب الينا ثم لا نلبث ان تشغلنا الحياة...
الرمزية في هذا النص ساخرة وساحرة بنفس الوقت ... فتم جرجرة او سحب الموت الى الحياة بل انسنة الموت في شخص المنسي ودفنه في نهاية نظنها نهايته الحقيقية ولكنه يتجدد بنا ويتلبسنا او يتقمصنا لنؤدي دوره بامتياز ما عدا اننا بشر ننسى وما ننسى الا شيء واحد الا وهو الموت نفسه...
قد لا يستحق هذا النص منا عبورا طارئا فهو يحتمل اكثر من فلسفة حوله تتداخل بها مخاوف البشر النفسية العميقة من التعامل مع المجهول الذي هو مصيرنا المحتوم...
جهاد جوهر
_______________________
الأستاذ/ حدريوي مصطفى العبدي
![]() |
حدريوي مصطفى العبدي |
في أعماق كل منا ينام جلاد، هل خاصك متيقن أنه نائم؟
"مارتان وينكلر"
"مارتان وينكلر"
(ال) منسي
نص قصصي متميز!.
عند القراءة الأولى لا يستفزك ولا يثير فيك شيئا يحرك سواكنك ومشاعرك، وقد تجده عدا وصف دقيق لطقوس جنائزية بأسلوب راق، دار صاحبه بأسباب اللغة وبيانها. الأمر الذي يجعلك تعيد القراءة مرة، ومرة استجلاء لما بين السطور، وما هو مضمر بين الاستعارات المكنية والمجازات بأنواعها لعلك تتدبر أخيرا تلك النهاية الفجائية، الملغزة.
بوابته، عنوانه غير مثير، ولكن يدفع القارئ ليتساءل: لم أتى على هذه الصورة البسيطة؟.
أسم نكرة لا سند له يُعاذ به ؛إلاّ ماورد بصورة خاطفة في المقدمة: (من أولي الأرحام المنسيين) وما سطّر عند الخاتمة معرفا (لا أذكر اسم المنسي..),
فهل اختيار العنوان كان اعتباطيا؟ أم إن القاص كان يريد به وهو على هذا النحو قصْدا معينا؟
لن نحسم في الأمر هنا، حتى نصل بالتحليل والقراءة إلى النهاية.
عند السيد محمد قطب، التجربة الشعورية رائدة في أي عمل أدبي، بل مبعث الخلق والإبداع.
فإن وجدتْ، ووجدتْ معها الآلية المثلى لتحويلها إلى صورة موحية ندرك ذروة الخلق و الإبداع!
قصيصة (ال) منسي من هذا القبيل... وزادت عنه بغرائبيتها.
عند الاستهلال يركز القاص على شخصيته الرئيسة الأولى ويصنفها فرعا من فروع أولي الأرحام عبر شخصية السارد ويجعلها:
ـ شاذة لا تُرى إلا عند الدفن،
ـ تظهر فجأة من العدم وكأنها القدر أو الموت ذاته!
ـ من خلال استعارة مكنية جميلة تضارع مبالغة يجعل لحيتها تعبق حنوطا مستفزة من كثرة حضورها لمراسم الدفن ومباشرته بيدها رغم أنها ليست حانوتيا.
ـ تنزع الميت من النعش وكأنها عجول لتراه تحت الثرى.
ـ تساعد في الردم وتتأكد من إحكام الغلق تلميحا أنها تخاف من خروج الفقيد من القبر.
ـ تنهي المراسيم بكتابة اسم المتوفى، وتقف تتأمل عملها راضية.
بينما الشخصية الثانية، السارد، يظل يتابع حركات وسكنات صاحبه باشمئزاز ونفور، وهو يتمنى أن يموت بعيدا حتى لا تطاله يد قريبه فيعبث بجسده كما رآه يعبث مرات ومرات بمن ساقهم المنون بين يديه.
ونحن منشغلون بهذه الشخصية الغرائبية باحثين عن سبب تدمر الراوي منها، ينعطف مسار القص ويختفي على طوله الدافن ميتا في حين يظهر جليا لنا المتدمر في (المقام) ذاته، المقبرة يمشي يمارس عمل قريبه وفق طريقته التى طالما انزعج هو منها، بل استزاد عليها أسمنتا وود لو كان في متناوله خرسانة مسلحة، ولما انتهى صار يتأمل عمله راضيا وقد أخذ منخاراه ينتفشان وحاجباه ترتفعان. على هيئة الفقيد حين كان حيا،
قمة التقمص، وغاية في التوحد، لم يكن التناظر في الأفعال بل تعداها وطال النفس والسلوك، وكأن الفقيد لم يمت وإنما لبس روح قريبه!
جلادا كان. والقريب ضحية سلوكاتِه وأفعالِه، فكثيرا ما آلمه، واستفزه برائحة الموت بين تلابيبه ومناولاته للأجساد المسلوبة الإرادة، وإمعانه في إغلاق كل منفذ في اللحود.
هل النص بهذه النهاية يثبت لنا أن الجلادين لا يفنون في الزمان والمكان وإنما يسلبون ارواح ضحاياهم ليتمموا مسيرة التعذيب والعذاب؟اما قاصنا له رؤية ثانية لم نفطن لها البتة؟
خلاصة:
منسي نص بحق جميل زانه التكثيف والمتن اللغوي الرصين رونقا وألقا. وفكرته ظاهرها وباطنها أعدّها فكرة بكرا متمنعة لا ادري كيف خامرت الكاتب وعانها بهذا الشكل المتميز.
حتى العنوان كان فريدا من نوعه يجده القارئ وكأنه لا يمت بصلة بالنص...في حين هو في حد ذاته إبداع.
تتصدر النص الجملة التالية: من أولي الأرحام المنسيين ويختم النص بالمنسي مصدرة ليس بال التعريف كما يعتقد وإنما بال الموصولية...
حالة المنسي في آخر النص ( ميت ) ومنه نستنتج أن المنسي المقصود بها الميت وكذا المنسيين، وخاصة إن تذكرنا أن ال (منسي) دفن بيديه كل الرعيل الأول من أولي أرحامه فصاروا منسيين يعني موتى...
عند القراءة الأولى لا يستفزك ولا يثير فيك شيئا يحرك سواكنك ومشاعرك، وقد تجده عدا وصف دقيق لطقوس جنائزية بأسلوب راق، دار صاحبه بأسباب اللغة وبيانها. الأمر الذي يجعلك تعيد القراءة مرة، ومرة استجلاء لما بين السطور، وما هو مضمر بين الاستعارات المكنية والمجازات بأنواعها لعلك تتدبر أخيرا تلك النهاية الفجائية، الملغزة.
بوابته، عنوانه غير مثير، ولكن يدفع القارئ ليتساءل: لم أتى على هذه الصورة البسيطة؟.
أسم نكرة لا سند له يُعاذ به ؛إلاّ ماورد بصورة خاطفة في المقدمة: (من أولي الأرحام المنسيين) وما سطّر عند الخاتمة معرفا (لا أذكر اسم المنسي..),
فهل اختيار العنوان كان اعتباطيا؟ أم إن القاص كان يريد به وهو على هذا النحو قصْدا معينا؟
لن نحسم في الأمر هنا، حتى نصل بالتحليل والقراءة إلى النهاية.
عند السيد محمد قطب، التجربة الشعورية رائدة في أي عمل أدبي، بل مبعث الخلق والإبداع.
فإن وجدتْ، ووجدتْ معها الآلية المثلى لتحويلها إلى صورة موحية ندرك ذروة الخلق و الإبداع!
قصيصة (ال) منسي من هذا القبيل... وزادت عنه بغرائبيتها.
عند الاستهلال يركز القاص على شخصيته الرئيسة الأولى ويصنفها فرعا من فروع أولي الأرحام عبر شخصية السارد ويجعلها:
ـ شاذة لا تُرى إلا عند الدفن،
ـ تظهر فجأة من العدم وكأنها القدر أو الموت ذاته!
ـ من خلال استعارة مكنية جميلة تضارع مبالغة يجعل لحيتها تعبق حنوطا مستفزة من كثرة حضورها لمراسم الدفن ومباشرته بيدها رغم أنها ليست حانوتيا.
ـ تنزع الميت من النعش وكأنها عجول لتراه تحت الثرى.
ـ تساعد في الردم وتتأكد من إحكام الغلق تلميحا أنها تخاف من خروج الفقيد من القبر.
ـ تنهي المراسيم بكتابة اسم المتوفى، وتقف تتأمل عملها راضية.
بينما الشخصية الثانية، السارد، يظل يتابع حركات وسكنات صاحبه باشمئزاز ونفور، وهو يتمنى أن يموت بعيدا حتى لا تطاله يد قريبه فيعبث بجسده كما رآه يعبث مرات ومرات بمن ساقهم المنون بين يديه.
ونحن منشغلون بهذه الشخصية الغرائبية باحثين عن سبب تدمر الراوي منها، ينعطف مسار القص ويختفي على طوله الدافن ميتا في حين يظهر جليا لنا المتدمر في (المقام) ذاته، المقبرة يمشي يمارس عمل قريبه وفق طريقته التى طالما انزعج هو منها، بل استزاد عليها أسمنتا وود لو كان في متناوله خرسانة مسلحة، ولما انتهى صار يتأمل عمله راضيا وقد أخذ منخاراه ينتفشان وحاجباه ترتفعان. على هيئة الفقيد حين كان حيا،
قمة التقمص، وغاية في التوحد، لم يكن التناظر في الأفعال بل تعداها وطال النفس والسلوك، وكأن الفقيد لم يمت وإنما لبس روح قريبه!
جلادا كان. والقريب ضحية سلوكاتِه وأفعالِه، فكثيرا ما آلمه، واستفزه برائحة الموت بين تلابيبه ومناولاته للأجساد المسلوبة الإرادة، وإمعانه في إغلاق كل منفذ في اللحود.
هل النص بهذه النهاية يثبت لنا أن الجلادين لا يفنون في الزمان والمكان وإنما يسلبون ارواح ضحاياهم ليتمموا مسيرة التعذيب والعذاب؟اما قاصنا له رؤية ثانية لم نفطن لها البتة؟
خلاصة:
منسي نص بحق جميل زانه التكثيف والمتن اللغوي الرصين رونقا وألقا. وفكرته ظاهرها وباطنها أعدّها فكرة بكرا متمنعة لا ادري كيف خامرت الكاتب وعانها بهذا الشكل المتميز.
حتى العنوان كان فريدا من نوعه يجده القارئ وكأنه لا يمت بصلة بالنص...في حين هو في حد ذاته إبداع.
تتصدر النص الجملة التالية: من أولي الأرحام المنسيين ويختم النص بالمنسي مصدرة ليس بال التعريف كما يعتقد وإنما بال الموصولية...
حالة المنسي في آخر النص ( ميت ) ومنه نستنتج أن المنسي المقصود بها الميت وكذا المنسيين، وخاصة إن تذكرنا أن ال (منسي) دفن بيديه كل الرعيل الأول من أولي أرحامه فصاروا منسيين يعني موتى...
حدريوي مصطفى العبدي
_______________________________
الأستاذة/ منى احمد البريكي
![]() |
منى البريكي |
تصدير.
"الرمز وسيلة ما لا نستطيع التعبير عنه بغيره لأنه أفضل طريقة ممكنة للتعبير عن شيء لا يوجد له معادل لفظي أما حقيقته فهو إشارة حسية أو حادثة أو كلمة ما إلى شيء عقلي أو باطني ."
كارل يونج
"الرمز وسيلة ما لا نستطيع التعبير عنه بغيره لأنه أفضل طريقة ممكنة للتعبير عن شيء لا يوجد له معادل لفظي أما حقيقته فهو إشارة حسية أو حادثة أو كلمة ما إلى شيء عقلي أو باطني ."
كارل يونج
المقدمة :
انقسم النص إلى جزئين تضمنا رموزا صورت لنا وقائع موغلة في الواقع المعيش باعتماد التخييل والبعد العجائبي الذي يقود القارئ إلى أوحش مشاعر يمكن أن يكون قد عاشها سابقا ويسافر به إلى عالم ما ورائي غامض ومخيف إلى حد الشعور بالرغبة في الهروب وعدم مواصلة القراءة الأولى وذلك للبس الأحداث في مراوحة بين سرد وقائع جنائزية الطقوس وتلميح بمفردات تحيل على عالم الأرواح المنسية والأموات بإشارات بثها الكاتب وذوبها ترميزا وإيحاء لتستحيل طلاسم .
وبما أن هذا النص من النوع المغلق الذي لا تنفتح أبوابه بسهولة ارتأيت التركيز أولا على:
_1 العوالم الدلالية والرمزية في النص:
أ*_الشخصية /الساردة:
قدم لنا السارد /البطل نفسه من خلال شخصية مقابلة له :"من أولي الأرحام المنسيين "وقد شكلت عاملا معاكسا للذات المتكلمة (يداخلني في كل مرة شيء من الاشمئزاز والنفور/لطالما كرهت تلك اللحظات وأخذتني دوامة من الحيرة في أمر هذا القريب الغريب/تمنيت أن أموت وأدفن بعيدا/وكأنني أرى على وجهه الثعلبي الممصوص … )مع وجود شخصيات هامشية تسند الحكائية كعوامل مساعدة لا غير.
ويتوارى الكاتب مفسحا المجال لسارد متلبس بروح متوفى رافقته بين القبور وآناء الدفن ليكتشف القارئ في الجزء الثاني من النص تماه نهائي مع شبح المنسي يثير الذعر والرهبة
وقد أسقط الكاتب الحوار نهائيا ليفسح المجال لتوارد خواطر الشخصية التي استفاضت في السرد ووصف كل الأحداث بدقة لا متناهية تثير الريبة وتدعو إلى التساؤل عن جدوى هذا الاسترسال في السرد الذي لا تحتمله بنية القصة القصيرة فحتى المونولوج كان بمثابة تنازل جزئي عن الحكي لا أكثر ليشكل نمطا أحادي الصوت ويبدو كمقتطف أخذ من نص روائي.
*ب _مركزية التخييل:
إذا كان الخيال بمعنى التوهم لما ليس له وجود واقعي ومادي فإن النص قد اعتمد التخييل جسرا ومحملا لطرح تيمته من خلال شخصية ألبسها كفن السريالية بمعنى أنها واقع فوق الواقع لا يتحقق إلا من خلال خطاب ما وراء إبداعي فكانت بداية السرد بوصف طيف المتوفى الذي كان متخيلا مدركا من السارد ومشيرا إلى غيابه في آن (من أولي الأرحام المنسيين ؛كان آخر الرعيل الأول من ذوي قرباه/أو يرانا إلا في هذا المقام"المقبرة"؛متجسدا في الفراغ؛يصافحني بيد باردة؛ورائحة الحنوط المريبة المنبعثة من لحيته؛لم يخطئ أبدا في إسم أي من ذوي قرباه المتوفين. ) وبذلك يكون البعد العجائبي/الفانطاسمي تقنية وتقية توارى خلفها الكاتب ليشير من خلال الوصف والتشبيه إلى قدرة ميتافيزيقية للسارد نكتشفها حين يتماهى الوصف بينه وبين المنسي لنكتشف أنه آخر المنسيين(ولكم كانت دهشتي بالغة حين اكتشفت أنني لا أذكر اسم المنسي. )وهذا التماهي بين الشخصية و عاملها العكسي يقودنا إلى
*ج_الوصف والتشبيه في القصة:
إذا كان "التشبيه صفة الشيء بما قاربه وشاكله،من جهة واحدة أو جهات كثيرة ،لا من جميع جهاته لأنه لو ناسبه مناسبة كلية لكان إياه. "كما يقول ابن رشيق
فقد اتخذ أبعادا دلالية علاوة على التوضيحية
فالكاتب قد استعار نفس الفقرة التي استعملها في الجزء الأول لوصف المنسي ليصبح المشبه به معنى عابرا(ينتفش منخارا أنفه ويرتفع حاجباه وهو يتناول الحصاة التي يخط بها تاريخ الوفاة /درت ابحث عن حصاة لأخط بها على جدار القبر .انتفش منخارا أنفي ،وارتفع حاجباي وتهيأت . ) ولم يعد ذلك الذي نسيناه وأسقط من الذاكرة بقدر ما أصبح كائنا لا انسيا قصد به إثبات الخيال في وعي المتلقي بصورة المشبه به ومعناه في انزياح لوظيفة نفسية ووجدانية شعرية المنحى وإسقاط دلالي على المشبه به وجهت فهم القارئ وأقنعته بلاغيا وذرائعيا
"فأحسن التشبيه هو ما أوقع بين الشيئين اشتراكهما في الصفات أكثر من انفرادهما فيها ،حتى يدني بهما إلى حال الاتحاد."كما ذهب إلى ذلك قدامة بن جعفر في *نقد الشعر*ص124
_3 العنوان وتيمة النص :
جاء العنوان "منسي "مفردة نكرة في صيغة اسم المفعول من فعل نسي للدلالة معجميا على أنه لم يعد يعرف ولا يذكره أحد ولا يدرى من هو
يحيلنا أولا على قول الشاعر:"فإن يبحن بعهد... قلنا معذرة إنا نسينا وفي السنوان نسيان "
وثانيا على الآية 23 من سورة مريم "فأجأها المخاض إلى جذع النخلة .قالت يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا ."
ويعتبر العنوان رمزا تقليديا بما فيه من إشارة إلى الموروث الديني والشعبي وجاء في صيغة تنكير ليخلع عليه الكاتب ستار الغموض والإبهام والإيحاء.
ويضعنا افي مواجهة المنسي في دواخلنا والمسكوت عنه في علاقتنا بذوي الأرحام فما أن نشيع الميت إلى مثواه الأخير حتى يصبح في عداد المنسيين
.
الجزء الثاني من المقال النقدي لقصة"منسي"
ونحن في سباق مع زمن يمسك بعداد أعمارنا وفي غفلة منا يصل العد التنازلي إلى الصفر لنصبح بدورنا من المنسيين (ميت يشيع ميتا ) .
وكأنه يدعونا الى التصالح مع فكرة الموت وألا نخافه بل نعيش به ومعه فهو ليس أسوأ من حياة نحياها كالأجداث فكلنا أموات ولكن بطرق مختلفة .
أليست "الحياة ذاكرة الموت والموت ذاكرة الحياة؟"كما ذهب إلى ذلك أمبرتو أكابال.
لذلك كان التخييل ظلالا ناقش من خلالها الكاتب النسيان والمنسيات ليسمو على واقع مجتمعه ويخرج عن المألوف مضمونا وشكلا.فهاهو آخر المنسيين قد عاد لينفض غبار الذاكرة المعطلة ويضربها بمطارق الدهشة والذعر علنا نستفيق من الأوهام والزيف المطبق على العقول.
فالبعد العجائبي في النص ليس غير تقنية بناء وعي جديد وتقية لجأ إليها رمزا بأننا قوم نساؤون بامتياز ،وأمة تعاني الاستلاب والقهر وترضخ لقوى مقابلة في استسلام مهين وتغييب للفكر والعقل في خضم عالم متطور استثمر في العقل البشري وشجع الخيال والإبداع.
انقسم النص إلى جزئين تضمنا رموزا صورت لنا وقائع موغلة في الواقع المعيش باعتماد التخييل والبعد العجائبي الذي يقود القارئ إلى أوحش مشاعر يمكن أن يكون قد عاشها سابقا ويسافر به إلى عالم ما ورائي غامض ومخيف إلى حد الشعور بالرغبة في الهروب وعدم مواصلة القراءة الأولى وذلك للبس الأحداث في مراوحة بين سرد وقائع جنائزية الطقوس وتلميح بمفردات تحيل على عالم الأرواح المنسية والأموات بإشارات بثها الكاتب وذوبها ترميزا وإيحاء لتستحيل طلاسم .
وبما أن هذا النص من النوع المغلق الذي لا تنفتح أبوابه بسهولة ارتأيت التركيز أولا على:
_1 العوالم الدلالية والرمزية في النص:
أ*_الشخصية /الساردة:
قدم لنا السارد /البطل نفسه من خلال شخصية مقابلة له :"من أولي الأرحام المنسيين "وقد شكلت عاملا معاكسا للذات المتكلمة (يداخلني في كل مرة شيء من الاشمئزاز والنفور/لطالما كرهت تلك اللحظات وأخذتني دوامة من الحيرة في أمر هذا القريب الغريب/تمنيت أن أموت وأدفن بعيدا/وكأنني أرى على وجهه الثعلبي الممصوص … )مع وجود شخصيات هامشية تسند الحكائية كعوامل مساعدة لا غير.
ويتوارى الكاتب مفسحا المجال لسارد متلبس بروح متوفى رافقته بين القبور وآناء الدفن ليكتشف القارئ في الجزء الثاني من النص تماه نهائي مع شبح المنسي يثير الذعر والرهبة
وقد أسقط الكاتب الحوار نهائيا ليفسح المجال لتوارد خواطر الشخصية التي استفاضت في السرد ووصف كل الأحداث بدقة لا متناهية تثير الريبة وتدعو إلى التساؤل عن جدوى هذا الاسترسال في السرد الذي لا تحتمله بنية القصة القصيرة فحتى المونولوج كان بمثابة تنازل جزئي عن الحكي لا أكثر ليشكل نمطا أحادي الصوت ويبدو كمقتطف أخذ من نص روائي.
*ب _مركزية التخييل:
إذا كان الخيال بمعنى التوهم لما ليس له وجود واقعي ومادي فإن النص قد اعتمد التخييل جسرا ومحملا لطرح تيمته من خلال شخصية ألبسها كفن السريالية بمعنى أنها واقع فوق الواقع لا يتحقق إلا من خلال خطاب ما وراء إبداعي فكانت بداية السرد بوصف طيف المتوفى الذي كان متخيلا مدركا من السارد ومشيرا إلى غيابه في آن (من أولي الأرحام المنسيين ؛كان آخر الرعيل الأول من ذوي قرباه/أو يرانا إلا في هذا المقام"المقبرة"؛متجسدا في الفراغ؛يصافحني بيد باردة؛ورائحة الحنوط المريبة المنبعثة من لحيته؛لم يخطئ أبدا في إسم أي من ذوي قرباه المتوفين. ) وبذلك يكون البعد العجائبي/الفانطاسمي تقنية وتقية توارى خلفها الكاتب ليشير من خلال الوصف والتشبيه إلى قدرة ميتافيزيقية للسارد نكتشفها حين يتماهى الوصف بينه وبين المنسي لنكتشف أنه آخر المنسيين(ولكم كانت دهشتي بالغة حين اكتشفت أنني لا أذكر اسم المنسي. )وهذا التماهي بين الشخصية و عاملها العكسي يقودنا إلى
*ج_الوصف والتشبيه في القصة:
إذا كان "التشبيه صفة الشيء بما قاربه وشاكله،من جهة واحدة أو جهات كثيرة ،لا من جميع جهاته لأنه لو ناسبه مناسبة كلية لكان إياه. "كما يقول ابن رشيق
فقد اتخذ أبعادا دلالية علاوة على التوضيحية
فالكاتب قد استعار نفس الفقرة التي استعملها في الجزء الأول لوصف المنسي ليصبح المشبه به معنى عابرا(ينتفش منخارا أنفه ويرتفع حاجباه وهو يتناول الحصاة التي يخط بها تاريخ الوفاة /درت ابحث عن حصاة لأخط بها على جدار القبر .انتفش منخارا أنفي ،وارتفع حاجباي وتهيأت . ) ولم يعد ذلك الذي نسيناه وأسقط من الذاكرة بقدر ما أصبح كائنا لا انسيا قصد به إثبات الخيال في وعي المتلقي بصورة المشبه به ومعناه في انزياح لوظيفة نفسية ووجدانية شعرية المنحى وإسقاط دلالي على المشبه به وجهت فهم القارئ وأقنعته بلاغيا وذرائعيا
"فأحسن التشبيه هو ما أوقع بين الشيئين اشتراكهما في الصفات أكثر من انفرادهما فيها ،حتى يدني بهما إلى حال الاتحاد."كما ذهب إلى ذلك قدامة بن جعفر في *نقد الشعر*ص124
_3 العنوان وتيمة النص :
جاء العنوان "منسي "مفردة نكرة في صيغة اسم المفعول من فعل نسي للدلالة معجميا على أنه لم يعد يعرف ولا يذكره أحد ولا يدرى من هو
يحيلنا أولا على قول الشاعر:"فإن يبحن بعهد... قلنا معذرة إنا نسينا وفي السنوان نسيان "
وثانيا على الآية 23 من سورة مريم "فأجأها المخاض إلى جذع النخلة .قالت يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا ."
ويعتبر العنوان رمزا تقليديا بما فيه من إشارة إلى الموروث الديني والشعبي وجاء في صيغة تنكير ليخلع عليه الكاتب ستار الغموض والإبهام والإيحاء.
ويضعنا افي مواجهة المنسي في دواخلنا والمسكوت عنه في علاقتنا بذوي الأرحام فما أن نشيع الميت إلى مثواه الأخير حتى يصبح في عداد المنسيين
.
الجزء الثاني من المقال النقدي لقصة"منسي"
ونحن في سباق مع زمن يمسك بعداد أعمارنا وفي غفلة منا يصل العد التنازلي إلى الصفر لنصبح بدورنا من المنسيين (ميت يشيع ميتا ) .
وكأنه يدعونا الى التصالح مع فكرة الموت وألا نخافه بل نعيش به ومعه فهو ليس أسوأ من حياة نحياها كالأجداث فكلنا أموات ولكن بطرق مختلفة .
أليست "الحياة ذاكرة الموت والموت ذاكرة الحياة؟"كما ذهب إلى ذلك أمبرتو أكابال.
لذلك كان التخييل ظلالا ناقش من خلالها الكاتب النسيان والمنسيات ليسمو على واقع مجتمعه ويخرج عن المألوف مضمونا وشكلا.فهاهو آخر المنسيين قد عاد لينفض غبار الذاكرة المعطلة ويضربها بمطارق الدهشة والذعر علنا نستفيق من الأوهام والزيف المطبق على العقول.
فالبعد العجائبي في النص ليس غير تقنية بناء وعي جديد وتقية لجأ إليها رمزا بأننا قوم نساؤون بامتياز ،وأمة تعاني الاستلاب والقهر وترضخ لقوى مقابلة في استسلام مهين وتغييب للفكر والعقل في خضم عالم متطور استثمر في العقل البشري وشجع الخيال والإبداع.
منى أحمد البريكي /تونس
______________________________
الأستاذة/ صديقة صديق علي
ماذا فعل العنوان؟ وما التنكير إلا ليذكرنا بالمنسي بيننا، وفينا، أعادنا
لغرورنا ، ترك الباب مواربًا كي لا نتعاطف بالمطلق مع الراوي، كشف جزء من النص،
وترك ما تبقى، ليقلب الطاولة على مشاعرنا في القسم الأخير و في الخاتمة.
كيف؟ بعد أن بدأنا بالتعاطف مع الراوي وقاربنا من تفهم اشمئزازه وشعرنا ببرودة هذا القريب، ورأينا اصفرار وجهه وابتسامته وأخذنا نتسائل عما يضمره[ وأخذتْني دوّامةٌ من الحِيرَةِ في أمر هذا القريبِ الغريبِ وطبيعة ما يُضمِره،] أسأل الراوي:
كيف؟ بعد أن بدأنا بالتعاطف مع الراوي وقاربنا من تفهم اشمئزازه وشعرنا ببرودة هذا القريب، ورأينا اصفرار وجهه وابتسامته وأخذنا نتسائل عما يضمره[ وأخذتْني دوّامةٌ من الحِيرَةِ في أمر هذا القريبِ الغريبِ وطبيعة ما يُضمِره،] أسأل الراوي:
هل انتصر المنسي عليك بذاكرته،وهو المهتم بنسبه، فاتسعت ذاكرته لأسماء
عائلته حتى الرباعية،.بعد أن اتيحت لك الفرصة أن تتشفى منه(ودِدْتُ لو كانت
الخَرسانةُ مُسلّحةً بأسياخِ الحَديد.)و ها أنت تقف مكانه وتفعل له ما فعله
بأقاربك؟.
وهل كنت تنتقم لهم بتعريض سماكة الطوب، أم تنتقم لجثمانك الذي لا
تتمناه أن يكون بين يدي المنسي ( تمنّيت أن أموتَ وأْدفنَ بعيدًا.) . وفي لحظة
الانتصار تكتشف أنه فاز عليك بعد موته بذاكرة لم تخذله ...من دفن الآخر أنت أم هو؟.
وهل مواجهة الموت وشؤونه يحتاج لبرودة أعصاب وحيادية أنت جربتها؟. فلقد تقمصت دوره( انتفشَ منخارا أنفي؛ وارتفع حاجبايَ وتهيّأت).
إذ يفترض أن نقدر دور الفئة المهمشة ،التي تقوم بواجباتها والتي لا نفهم كنهها، ولا نقدرهم عليها بل قد نشمئز من برودتهم في مقامها؛ نرى أنفسنا في دوامة، نفعل تماما ما كرهناه.
لقد نجح الكاتب ، أن يترك لنا فرصة نهاية بعد الخاتمة، لتخيل ملامح الخيبة على وجهك بعد اكتشافك بأن المنسي كان متقنا للحياة حتى بموته ،بذاكرته وانتمائه الذي افتقدتهما أنت اتجاهه. فبدا عملك منقوصا ولم تذكر سوى ما فعله.
قصة محملة بتأويلات، أغلبها تكشف عن حالات نفسية أمام رهبة الموت، وطاحونة الحياة. وعن فلسفة الحياة والموت.و الأثر.
وهل مواجهة الموت وشؤونه يحتاج لبرودة أعصاب وحيادية أنت جربتها؟. فلقد تقمصت دوره( انتفشَ منخارا أنفي؛ وارتفع حاجبايَ وتهيّأت).
إذ يفترض أن نقدر دور الفئة المهمشة ،التي تقوم بواجباتها والتي لا نفهم كنهها، ولا نقدرهم عليها بل قد نشمئز من برودتهم في مقامها؛ نرى أنفسنا في دوامة، نفعل تماما ما كرهناه.
لقد نجح الكاتب ، أن يترك لنا فرصة نهاية بعد الخاتمة، لتخيل ملامح الخيبة على وجهك بعد اكتشافك بأن المنسي كان متقنا للحياة حتى بموته ،بذاكرته وانتمائه الذي افتقدتهما أنت اتجاهه. فبدا عملك منقوصا ولم تذكر سوى ما فعله.
قصة محملة بتأويلات، أغلبها تكشف عن حالات نفسية أمام رهبة الموت، وطاحونة الحياة. وعن فلسفة الحياة والموت.و الأثر.
نص أغبط كاتبه على اللغة الرفيعة المستوى،و على دقة أختياره للألفاظ،
وعلى أناقة السرد،فقد جاء نموذجا للترابط والاتساق والتكثيف، فلم أجد جملة لم
تستثمر أعمق استثمار، في خلق مشهد المقبرة المخيف، وحتى التفاصيل وظفت بذكاء
بالعودة إليها.
لست ناقدة، بل هذا النص الإبداعي، الذي قلما قرأت حول فكرته من قبل،يحرض أسئلة. أتت اجوبتها فيها،والتي قد تكون مخطئة، وفق قراءتي، أو صائبة لكن لم أستطع الخروج منها.
لست ناقدة، بل هذا النص الإبداعي، الذي قلما قرأت حول فكرته من قبل،يحرض أسئلة. أتت اجوبتها فيها،والتي قد تكون مخطئة، وفق قراءتي، أو صائبة لكن لم أستطع الخروج منها.
صديقة صديق علي
____________________________
الأستاذ/ المنجي بن خليفة
![]() |
المنجي بن خليفة |
المنسيّ هو مفعول من فعل نسي، وما ذلك المنسي إلاّ إنسان سقط من ذاكرة
عقول معارفه، فانمحى لديهم تاريخه، وشكله وعنوانه، ذلك المنسي الذي أهمله التاريخ
فغاب عن الأحداثه، فمن يكون ذلك المنسي؟؟ لعلّه يكون أنا؟ لعلّه يكون أنت؟ لعله
يكون هو؟
عتبة النص جدا موفّقة، واختيار هذا العنوان مناسب لروح النص، رغم أن النص كشف سرّ التسمية من أول جملة: " من أُولِي الأرحامِ المنسيين" وبرغم هذه المجاهرة والكشف إلا أن العنوان حافظ على بريقه، وحيويته.
المشهد مشهد دفن، وما في هذا المشهد من رهبة وجلال، فهو مشهد يذكرنا بخاتمة مسيرة حياتنا، لذا نجد القاص يسرف في وصف المشهد بدقائقه:" يُعِدّ خليطَ الرّمال والأسمنت؛ يُناولُ قالبًا من الطّوب، حتى آخرِ قطعةٍ من الآجر تُناسبُ تمامًا آخرَ ثغْرةٍ في الجدار"
وبحركاته: "". يتراجعُ إلى الخلفِ قليلّا دون أن ينظرَ تُجاهي"
"ينْتفِش منخارا أنفِه ويرتفعُ حاجباهُ"
فالمقبرة والموت هي الحقيقة الوحيدة التي لا خلاف فيها بين البشر، الكل يلتقي فيها بين مودّع ومودوع، فلا مناص من تلك الحقيقة، إن كان الإنسان ذا شهرة وإن كان منسيا.
فالقصة التي بين يدينا لم تجنح للتكثيف، والاختزال، وإن كانت هذه الخصيصة من خصائص القصة القصيرة.
استوقفتني جملة:" بَيْنَما أهرِف بلا شيء" فلغة كامل القصة لغة سلسة وسهلة ، ولكن حين قفزت هذه الجملة وبفعلها (أهرف: هرف) يعني هذى وخلط في كلامه، استوقفتني، وأحسست بنشازها وكأنها مسقطة اسقاطا.
الخاتمة حملت شيئا من الدهشة حين انقلبت الأدوار، حين أصبح المنسيّ المهتم بدفن الآخرين مدفونا، هي هكذا الحياة ، وهي هكذا الخاتمة الحقيقية. فاستاذنا الرائع سمير دوما يقتنص اللحظات المفصلية في حياة الفرد والمجتمع فيحسن رسمها والاعتناء بتفاصيلها فيزيد عمله الأدبي روعة وواقعية.
عتبة النص جدا موفّقة، واختيار هذا العنوان مناسب لروح النص، رغم أن النص كشف سرّ التسمية من أول جملة: " من أُولِي الأرحامِ المنسيين" وبرغم هذه المجاهرة والكشف إلا أن العنوان حافظ على بريقه، وحيويته.
المشهد مشهد دفن، وما في هذا المشهد من رهبة وجلال، فهو مشهد يذكرنا بخاتمة مسيرة حياتنا، لذا نجد القاص يسرف في وصف المشهد بدقائقه:" يُعِدّ خليطَ الرّمال والأسمنت؛ يُناولُ قالبًا من الطّوب، حتى آخرِ قطعةٍ من الآجر تُناسبُ تمامًا آخرَ ثغْرةٍ في الجدار"
وبحركاته: "". يتراجعُ إلى الخلفِ قليلّا دون أن ينظرَ تُجاهي"
"ينْتفِش منخارا أنفِه ويرتفعُ حاجباهُ"
فالمقبرة والموت هي الحقيقة الوحيدة التي لا خلاف فيها بين البشر، الكل يلتقي فيها بين مودّع ومودوع، فلا مناص من تلك الحقيقة، إن كان الإنسان ذا شهرة وإن كان منسيا.
فالقصة التي بين يدينا لم تجنح للتكثيف، والاختزال، وإن كانت هذه الخصيصة من خصائص القصة القصيرة.
استوقفتني جملة:" بَيْنَما أهرِف بلا شيء" فلغة كامل القصة لغة سلسة وسهلة ، ولكن حين قفزت هذه الجملة وبفعلها (أهرف: هرف) يعني هذى وخلط في كلامه، استوقفتني، وأحسست بنشازها وكأنها مسقطة اسقاطا.
الخاتمة حملت شيئا من الدهشة حين انقلبت الأدوار، حين أصبح المنسيّ المهتم بدفن الآخرين مدفونا، هي هكذا الحياة ، وهي هكذا الخاتمة الحقيقية. فاستاذنا الرائع سمير دوما يقتنص اللحظات المفصلية في حياة الفرد والمجتمع فيحسن رسمها والاعتناء بتفاصيلها فيزيد عمله الأدبي روعة وواقعية.
المنجي بن خليفة
____________________________
الأستاذة/ الزهرة الصالح
![]() |
الزهرة الصالح |
منسي"؛ نكرة؛ لا قيمة له ولا وزن. هو من الأشياء، أو الناس التي
ليست من أولوياتنا، أو اهتمامنا..لا نذكره إلا إن حضر في الذهن بغتة، أو بجسمه
أمام أعيننا...
ترى هل منسي النص الذي بين أيدينا تنطبق عليه القاعدة؟...
لننظر النص:
في المقدمة اختار الكاتب مفرداته بعناية فائقة، تحيلنا أن البطل ينسى
المنسي إلى حين رؤياه؛ بينما المنسي لا ينساه أبدا(أتذكر.. لا أراه إلا.. أو يرانا) ...
"يظهر
فجأة".. هنا يدخل علينا السرد بنفس القوة التي يدخل بها المنسي على الشخصية
الحكائية، الراوية، المتكلمة..
استعمل الكاتب مفردات جافة، قاسية، قوية الدلالة، لا مجال فيها للعاطفة، وي كأن السرد يهيء المتلقي ليشرب من نفس الوعاء الذي تشرب منه الشخصية الحكائية( يد باردة.. عجل.. تتابع.. أهرف بلا شيء.. الحنوط.. المريبة.. خياشيمي)...
استعمل الكاتب مفردات جافة، قاسية، قوية الدلالة، لا مجال فيها للعاطفة، وي كأن السرد يهيء المتلقي ليشرب من نفس الوعاء الذي تشرب منه الشخصية الحكائية( يد باردة.. عجل.. تتابع.. أهرف بلا شيء.. الحنوط.. المريبة.. خياشيمي)...
تأتينا الفقرة الثالثة لتعرف بالمنسي، ومهمته عبر وصف دقيق لتصرفاته
وحركاته؛ لتظهر للقارئ أنه أمام شخصية هو أيضا لا يذكرها أو يتناساها،‘أو لم يظن
يوما أنه سيلتقيها في نص أدبي، بأدق تفاصيلها، التي ربما لم يتسن له أن يراها
حقيقة(المرأة لا تحضر الدفن)، أو يهرب منها كلما واجهته...
دائما مع النص والفاظه المقتناة بعناية، والسرد الذي يجعل مشاعرنا في
ازدواج بين الخوف من... أو الرغبة في إكمال القراءة (ينزع الميت من النعش بدل يأخذ
الميت من النعش.. يشارك في تغييبه بدل وضعه.. غلق القبر بالآجر والخرسانة
...الجدار الذي يفصل بين الدفين وعالم الأحياء..يتأكد من تمام انسداد فوهة القبر..)؛
ليتعاطف أخيرا معنا ويدخلنا في شيء من الاطمئنان والروحانية (بعد الدعاء للمتوفى.. انتقل إلى رحمة الله...) إلا أن هذا التعاطف لا يطول؛ بل يعيدنا بسرعة إلى المنسي الذي كدنا نحن أيضا نكرهه لقوته، وجفائه، وعدم رحمته بميته، وامتلاكه لزمام الأمور، بحيث لا يخطئ لا في دفن، ولا في اسم أو لقب، بتنا نتخيله سيقضي على الشخصية الحكائية بنفس الطريقة، وعلينا أيضا... هبناه لدرجة أننا لم نتوقع أنه سيأتي عليه الدور!...
وقد أتى عليه الدور..
...الجدار الذي يفصل بين الدفين وعالم الأحياء..يتأكد من تمام انسداد فوهة القبر..)؛
ليتعاطف أخيرا معنا ويدخلنا في شيء من الاطمئنان والروحانية (بعد الدعاء للمتوفى.. انتقل إلى رحمة الله...) إلا أن هذا التعاطف لا يطول؛ بل يعيدنا بسرعة إلى المنسي الذي كدنا نحن أيضا نكرهه لقوته، وجفائه، وعدم رحمته بميته، وامتلاكه لزمام الأمور، بحيث لا يخطئ لا في دفن، ولا في اسم أو لقب، بتنا نتخيله سيقضي على الشخصية الحكائية بنفس الطريقة، وعلينا أيضا... هبناه لدرجة أننا لم نتوقع أنه سيأتي عليه الدور!...
وقد أتى عليه الدور..
نعم، فاجأنا السرد بأن المنسي أيضا غيب في القبر، غيبته الشخصية
الحكائية، لتنتقم لكل ما عاشته، وما كانت ستعيشه وهي تراقبه، وتنتقم لنا ونحن
نتلبسها عند القراءة...
انتهى المنسي؛ دفن ضعيفا هزيلا، حتى بدون تدوين اسمه؛ لكنه خلف وراءه
منسيا آخر، هو من دفنه بنفس الطريقة أو بحرص أكبر، لدرجة أنه أمر بزيادة الأسمنت ،
ونحن أيضا لا نعرف لهذا المنسي المولود اسما، وبعدما تعاطفنا معه ورحمناه،
استنتجنا أنه أيضا لايرحم!...
هذا ما وصلني من ظاهر النص ليحيلني إلى طرح عدة أسئلة والإجابة عليها
في نفس الوقت:
_لماذا
جاء العنوان نكرة "منسي"؟.. لأن المنسي ليس واحدا؛ كلما مات منسي خلفه
آخر. لا بد لكل دفين من دافن، إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
_لماذا
يتصرف المنسي بتلك الثقة، والغلظة، هل لأنه تعود الدفن ومراسيمه، بحيث لم يعد
الموت يعني له شيئا؟! أم يظن نفسه يمتلك زمام الأمور ولن يأتي دوره؟! أو لقوة
إيمانه بأن الذي يموت سيكون آمنا بين يد أمينة رحيمة(يد الله سبحانه وتعالى)، أو...
أم أنه ليس كذلك، بل نحن من نراه على تلك الصورة التي تواجهنا بالحقيقة، والتي ربما إن لم نكن نرفضها لإيماننا بالله وقدره، نهابها لشدة معاصينا.
أم أنه ليس كذلك، بل نحن من نراه على تلك الصورة التي تواجهنا بالحقيقة، والتي ربما إن لم نكن نرفضها لإيماننا بالله وقدره، نهابها لشدة معاصينا.
من هو السارد؟ أليس هو القارئ، أليس هو الإنسان؟!
من هو المنسي؟ هل هو فعلا الشخص الذي يرافق الميت من تغسيله إلى غيابه
في القبر، أم ماهو في الحقيقة إلا الموت الذي لا مفر منه...
من البطل النص؟ هل السارد؟،أم المنسي؟ أم لا هذا ولا ذاك، بل هو الموت!
بالنسبة للغة القص والأسلوب:
أنا من القراء الذين يرون بأن علامات الترقيم لا توضع اعتباطا، أو فقط
ليأخذ من خلالها المتلقي نفسه عند القراءة، بل تقول في بعض الأحيان أكثر مما تقوله
المفردات نفسها ، وهذا ما يحصل معي بالنسبة للفاصلة المنقوطة في نصوص الأستاذ سمير
العصري...
فعادة الفاصلة المنقوطة لانستعملها، إلا لأخذ نفس أكبر بعد جملة طويلة، أو بين جملتي سبب ونتيجة، بينما عندكاتبنا تلزمني بأن توقف، أتأمل، أحلل، تجعلني أستعد لاستقبال الجملة التي ستأتي بعدها، والتي قد تقول نفس الشيء للتأكيد ولكن بطريقة مختلفة، وقد تقول شيئا آخر أكثر قوة ولكنه دائما يبقى امتدادا للأول...
فعادة الفاصلة المنقوطة لانستعملها، إلا لأخذ نفس أكبر بعد جملة طويلة، أو بين جملتي سبب ونتيجة، بينما عندكاتبنا تلزمني بأن توقف، أتأمل، أحلل، تجعلني أستعد لاستقبال الجملة التي ستأتي بعدها، والتي قد تقول نفس الشيء للتأكيد ولكن بطريقة مختلفة، وقد تقول شيئا آخر أكثر قوة ولكنه دائما يبقى امتدادا للأول...
معجم الأستاذ سمير غني، ويحسن استخدامه.. بحيث يمكن أن يكون لمفردات
عديدة نفس المعنى، بينما ليس لها نفس الهدف، لذلك فهو يعرف كيف ينتقي مفرداته لما
يريد لها من دلالة، وهذا أغبطه عليه لأني مازلت لا أحسنه...
النص رغم قصره اشتمل على خمسة عشر فقرة، وهذا ما لم أره من قبل، فرغم
تشابه بعض الفقرات والجمل في المفردات والصياغة إلا أن دلالاتها مختلفة...
أسلوبه جزل سهل ممتنع...
الزهرة الصالح
_____________________________
الأستاذ/ صابر الجنزوري
![]() |
صابر الجنزوري |
رؤيتى للنص ربما تختلف قليلا ..حيث ان مشهدية النص ربما عشتها كثيرا
فى الريف المصرى الذى يهتم بتلك الطقوس ..واقف عند تعريف المنسي كما عرفه ا.سمير
انه من ذوات الأرحام المنسيين ..ولا يتذكره الا فى هذا المقام ..الخ ..فبطل النص
يعرف من هو ولكن صلة الرحم غير موجودة ..ولا يتم تذكر الرجل الا عندما يراه على
القبر اثناء الدفن واثناء رؤيته للابتسامة الصفراء الشامته وهو يكتب ويسجل اسم
المتوفى ..ولم يذكر لنا الكاتب لماذا ومالسبب ؟
وهل عدم ذكر الاسباب ان يترك للقارىء الاستنتاج ام هى اشارة لشخصية
المنسي الغريبة ؟
واذا وصلنا لنهاية النص بعد ان انتهى السارد او بطل النص من دفن
المنسي ..قال ..انه حاول ان يتذكر اسمه فلم يستطع !
ربما لمست كقارىء وانا احاول الربط بين فهمى للجملة الافتتاحية
" ذوات الارحام المنسسي...الخ "
بان النسيان هنا قطيعة رحم وليس نسيان للاسم ..كما جاء وانتهت به
القصة . فاذا كان ذلك ..فيكون هناك مشكلة بالنص وبالتفسير لجملة البداية وجملة
النهاية !
النص تناول مشهد واحد تكرر مرتين ..ويحسب للكاتب انه أخرجه بشكل جيد
..فى المرة الاولى وهو يشاهد المنسى الذى يقوم باجراءت الدفن منذ لحظة الغسل وحتى
اخر لحظة باغلاق القبر ثم المرة الثانية التى يدفن فيها هذا الرجل ..فماذا يقول
النص من المفارقة والمقارنة بين المشهدين ؟
هل الرسالة التى يوصلها النص ..فى جملة
"انت اليوم تدفن " بفتح التاء" وغدا سوف تدفن " بضم
التاء " ولا احد يبقى او يخلد على الأرض !
كل مانستطيع ان نصل اليه لفكرة النص يتلخص فى ذلك ..
الناحية الفنية للبنية القصصية اراها غير مكتملة حيث لم اصل لعقدة
النص وذروة الحدث وانفراجة ونهاية قوية ...
لكنى كنت امام مشهد تم تصويره بعناية واستخلاص العظة منه ..
ولكننا لسنا امام فلسفة ما او ميتافيزيقا ما ..حتى لا نحمل المشهد
اكثر مما يحتمل ..
السرد واللغة البسيطة وهما من خصائص القصة القصيرة
توفرا للنص بشكل جيد ..
فى النهاية وعذرا للإطالة ..يبقى رايى مجرد قراءة وتناول للنص وليس
نقدا ..وتحياتى للاستاذ سمير وشكرا لك ا.منال ولأصدقاء الواحة جميعا .
صابر الجنزوري
____________________________-
الأستاذ/ علي البدر
ألتحليل
النقدي
سرد انعدم فيه الحوار dialogue وبدا
القاص راوياً narrator متحدثاً
بصيغة الشخص الثالث third person خلال
معظم مفاصل السرد" من أولى الأرحام المنسيين. لا أتذكرُه ولا أراه أو يرانا ،
يظهر فجأةً، مُتجسدًا في الفراغ؛ ألمحُه للوَهْلة الأولى، مُقبلًا عليّ؛ يصافحُني
بيدٍ باردةٍ؛ يُلصقُ على عجلٍ خدّيه بخدّي، على التتابعِ مرددًا اسمي مُعزّيًا...
". ويستمر هذا الأسلوب لآخر النص. ويتحدث القاص أيضاً معنا عن نفسه:
"ناولتُ الحانوتيةَ، مررتً بكفي بارتياح، وعندما اكتشفتُ أنني... "،
متنقلاً بانسيابية ودراية تُحسب له. وبين كل انتقالة، يضعنا في موقف قد لا نُحسَد
عليه. أجل علينا فك بعض مفاصل النص وربطها من أجل اكتمال الصورة. "منسي"
عتبة القصة وهي أول كلمة نقرأها وتنطبق مع إخر كلمة في آخر جملة، حيث جاء الربط
بينهما مقنعاً ومرسخاً ما أراد القاص بيانه: ".. ولكم كانت دهشتي بالغة عندما
اكتشفتُ أنني لا أذكر اسم "المنسي". وفي القصة شخصيتان فقط. الأولى
لايحبها السارد، بل يكرهها ويحاول إبراز هيكليتها شبه الكاملة منذ البداية وينجح
في جعلنا نرتاب منها ولا نحبها. ويبدو هنا تمكن القاص من النفاذ لأعماق فكرنا
وتوجيهه كما يحلو له من حيث لاندري. وهذه الشخصية بالنسبة للراوي او السارد، الذي
هو الشخصية الثانية، من" الأرحام المنسيين. لا أتذكرُه ولا أراه أو يرانا
إلّا في هذا المقام....... ، بَيْنَما أهرِف بلا شيء، ورائحةُ الحَنوطِ المُريبةِ
المنبعثةِ من لحيتِه الخفيفة تتسلّلُ إلى خياشيمي..." والحَنوط، يعني العطر
الذي يعطر به الميت، قد يكون كافوراً أو صندلاً وغيرها. وبما أن الموتَ يرتابُ منه
الجميع، فقد جاءت صفة "مريبة" في مكانها حيث نتصور أن الموتَ يلاحقُنا.
وبالتأكيد يكون النفورُ وارداَ من الشخص الذي تَشَرَّبَ جسمُه ولحيتُه بهذه
الرائحة خاصة عندما تكون المصافحة معه وهو بهكذا مواصفات. واليد الباردة أو الخد
البارد أقتران Conjugation بجسم
الميت البارد، ولنا أن نتصور ردةَ الفعلِ عند التصاق الخدين على التتابعِ. وكأننا
نُعانقُ ميتاُ أو رجلاً جاء تواً من تغسيل ميت.
وينمو هذا النفور والإشمئزاز لتكون ذروته its
climax عندما يهمُّ "المنسيُّ" بترتيلٍ خافت، بعض الآيات أو
الأدعية وهو يغلق القبر على ساكنه، " وكأنني أرى على وجهه الصفراوي الثعلبي
الممصوص ابتسامةً خفيةً وهو يتمم بيديه ويربت على الجدار ليتأكد من تمام غلق
القبر.." وأعتقد بوجود سهوٍ طباعيٍ ممكن تعديله إلى " وهو يتمتم وبيديه
يغلقُ القبرَ على ساكنه...". ولنا أن نتصور شخصاً بالأصل نشمئز منه ينظر
إلينا ويحرك شفتيه ويضرب بيده على القبر مع ابتسامة خفيفة مرسومة على وجهه. وقد
نفسر هذه الإبتسامة بأن صاحبها يضمر شيئاً لنا غير محبب. وحسب لغة الجسد body language أو language of gesture :ستكون
هنا يوماً ما وسأسد قبرك بيدي. سوف لن تفلت أبداً...وقد أجاد القاص بوصفه وجه
"المنسي" الصفراوي "والثعلبي الممصوص...". والثعلبي هنا كناية
عن المكر والحيلة والخبث وعدم الثقة. وتأتي مرادفة للكلمة الإنكليزية foxy وهي صفة تعبر عن نفس المعنى. ويستمر القاص بكشف شخصية
"المنسي" والإيغال في النفور منه، حيث يبدو غلقَ القبر وكأنه إحساسٌ
بالزهو superiority ، عندما " ينْتفِش
منخارا أنفِه ويرتفعُ حاجباهُ وهو يتناولُ الحصاةَ التي يَخطُّ بها تأريخَ الوفاةِ
واسم المُتَوَفّى..."، وهنا الرجوع إلى لغة الجسد ونفهم من حركة المنخريين
واستنشاق وحبس الهواء في الصدر كعلامة لتعزيز القوة والتصميم حيث يرتفع الحاجبان
تناغماً مع هذا الإصرار. كل ذلك مع ابتسامة ونظرات وضربات على القبر، متناغمة مع
ترتيل خافت. وبالتأكيد تكون ردةُ الفعلِ خوفاً واشمئزازاً وارتباكاً و "
لطالما كرِهتُ تلك اللحظات، وأخَذَتْني دوّامةٌ من الحِيرَةِ في أمر هذا القريبِ
الغريبِ وطبيعة ما يُضمره، تمنّيت أن أموتَ وأْدفنَ بعيدًا.". والأمنية هذه
تتلاشى وتتحول إلى اطمئنان وارتياح عندما تكون مقابرُنا وسط حديقة عامرةً مزينة
بالورود، كما يحصل في بعض البلدان، وأيضاً عندما يكون الدفان مشاركاً ولو ظاهرياً
أهل المتوفى أحزانهم وخسارتهم..
وعلينا الآن معرفة وظيفة الشخصية الثانية التي تروي لنا التفاصيل.
ويبدو لأول وهلة أنه يعمل في المقبرة:" لا أتذكرُه ولا أراه أو يرانا إلّا في
هذا المقام." ولابأس من اعتماد الومضة التالية flash
point لكشف المهنةِ أيضاً :" ... ودائمًا ما أتخلّفُ قليلًا للدُّعاءِ
منفردًا.." وأيضاً هذه الومضة " لأول مرّة، كان عليّ التّبكيرُ لفتحِ
فُوَّهةِ قبرٍ في حَوزتنا، لتهويتِه وإعدادِه بفرشِ الرّمال في أرضيّته.".
ويبدو أنه في السابق لايبكر في فتح فوهة القبر عند الدفن. وقد تعني كلمة
"بحوزتنا" أنه حاجز لجزء من المقبرة بعهدته كأن يكون مقاولاً أو متعهداً
أكثر منه دفاناً بسيطاً. وقد تعني الحيازة أيضاً لأرض مخصصة للعائلة في المقبرة
وأيضاً: " وأشرتُ بأن تُزاد كميةُ الأسمنت في الخليط، وددْتُ لو كانت
الخَرسانةُ مُسلّحةً بأسياخِ الحَديد...". وهنا انعكاسٌ واضحٌ للخبراتِ
اللاشعوريةِunconscious experiences، المخزونة في عقله الباطن
والمولدة لهكذا انفعالات عدوانية اتجاه "المنسي. ". كل هذه الشواهد توحي
بأنه متواجد في المقبرة، لكن هذا الإفتراض رغم دلالاته، يتناقض مع كرههه لرائحة
الحنوط التي من المفترض أنه تآلف معها بحكم تواجده المفترض. وأيضاً " من أولى
الأرحام المنسيين. لا أتذكرُه ولا أراه أو يرانا إلّا في هذا المقام." وهذا
دليل قوي بأن لقاءاتهما بعيدة وانما إثناء الدفن في الغالب.
ويتبلور أكثر الكره إلى"المنسي" بعد موته، لما سببه من رعب
في حياته للطرف الآخر حيث " التبكير لفتح فوهة قبر في حوزتنا.."،
وأيضاً: " تمت بسرعةٍ عمليةُ تغييب المُتَوَفّى في القبر...... وأن تُزاد
كمية الإسمنت في الخليط، وددتُ لو كانت الخرسانةُ مسلّحةً بأسياخ الحديد..".
وأيضاً: " إن الميتَ بدا بكفنه هزيلاً..." ، وأرى أن صفة الهزيل
إنزياحاً يتناغم مع الوجه "الصفراوي الثعلبي الممصوص..". والممصوص
بالتأكيد تنطبق على الجسم الهزيل. وهذه التورية تأكيدٌ لمدى فهم واستيعاب القاص
سمير العصري لفن إدارة الحبكة القصصية the plot of the theme من خلال
الإشارة غير المباشرة إلى "المنسي"، تاركاً مهمة الربط إلى المتلقي.
وكان بإمكان القاص الإختصار بقوله: وعندما مات "المنسي.."، لكنه تجنب
المباشرة بطرح المعلومة المجانية وهذا يعكس مدى نيته في جعلنا نشارك فعلاً في
الإنخراط والذوبان في النص ، وأيضاً لإبراز قدرته السردية المهنية وهذا من حقه
بالتأكيد.
وعليه، فقد ولى اليومُ الذي كان "المنسي" يحرك فيه شفتيه
مرتلاً بصمت وينظر مع ابتسامة صفراء و ضرباتِ كفٍ على القبر وكأنه يتوعد. ولابد من
تفريغ أو تصريف ما مخزون من كبتٍ repression لمشاعرِ
الرُّعبِ التي كان يسببها "المنسيُّ" ساخراً، حيث تنقلب الآية ويصبح ذو
الوجه الممصوص بالقبر، لتنهمر شحنات الحقد عليه: " مرّرتُ بكفي بارتياحٍ
أتمّمُ (أتمتمُ) وأربِّتُ على الجدار للتأكدِ من تمام انسدادِ فُوّهةِ القبرِ،
تنفّستُ الصُّعداء...إنتفش منخارا أنفي وارتفع حاجباي وتهيأتُ..." ونرى
بالتاكيد هذا التقمص والمحاكاة empathy إشارةً
واضحة ورائعة إلى صاحب الوجه " الصفراوي الثعلبي الممصوص..". وربما كان
السطرُ الأخيرُ من أروعِ الضرباتِ بالقصة، حيث "كانت دهشتي بالغةً ،عندما
اكتشفتُ أنني لا أذكر إسم " المنسي.". ونلاحظ تحول كلمة "
أتذكر" الواردة في " لا أتذكره ولا أراه أو يرانا..." إلى "أذكر".
وياليتَ القاص "سمير العصري" حرَّفها متعمداً ولم تكن سهواً طباعياً،
لأنه من المستحيل عدم تذكر الإسم مع هكذا خبرات مؤثرة تَتركُ أثراً بتفكير الإنسان
على المدى البعيد والمدى القريب..وعدم الذكر هنا دلالة على الرغبة في جعل الميت
منسياً إلى الأبد وكأنه أضاف ميتةً أخرى إلى الميِّت، وهذه إشارة إلى كرهٍ شديدٍ
وحقدٍ لا ينتهي، وهو تبئيرٌ للنص فاق حدودَهُ من قبل القاص.
والآن لابد لنا أن نتساءل: هل كان "المنسي" يكره أو يَضمرُ
الحقدَ فعلأ؟ وهل كان يعامل الجميع بهذا التصور أم شخصاً واحداً فقط ؟ وإن كان
الجواب بالأيجاب.. ياترى .. ما هو سببه؟ وإن بحثنا في مفاصل النص لم نجد أن
"المنسي" يستحق كل هذه المواصفات التي تضمر السوء للطرف الآخر، خاصة وإن
مهنته تعكس عملاً إنسانياً لايقوم به كل شخص رغم أن الجميع يحتاجه. وإن امتلك
"المنسي" تلك المشاعر التي يفترضها النص فإن السبب قد يكون بالطرف الآخر
الذي ينفر من شخص يَهُبُّ للقاءه ومصافحته وتقبيله. والحَنوط رائحةٌ اقترنت
"بالمنسي" وهي جزء جوهري من عمله الإنساني وعليه فإن عدم الإنتباه لنفور
الآخرين منه قد يعود لقصور في تفكيره وربما لعدم مبالاته، مثل الميكانيكي الذي
يجلس مع ركاب السيارة ببدلة العمل الملطخة بالدهون، وعندما ننفر منه بواسطة نظرة
أو كلام أو مجرد الإبتعاد، ينعكس الضجر وعدم الرضا منه. وعليه فإن مشاعر الحب
والنفور تبدو حتى بالنظرات وقد لا يحتاج الحب إلى كلام وإنما الصمتُ الذي يُعَّبرُ
عنه بطريقة مؤثرة أكثر من الكلام، وأيضا بالنسبة لمشاعر الإشمئزاز والنفور، تبدو
واضحةً شحناتُها العدائية للطرف المقابل الذي يستقبلها.. وقد وجدتُ أن الطرف الآخر
في القصة يظهر أفكاره الإشمئزازية الاشعورية بسبب التصورات المكبوتة والتي خزنها
عقله الباطن والتي قد يكون هو أحد أسبابها، نحو "المنسي". إنه يعكس نفسه
وبالمنطق السايكولجي reveals himself والإنعكاس
هو انطباع ترسمه لغة الجسد كما بينا. وكتحصيل حاصل ، لابد لمن مرر يده و وأربَت
"على الجدار للتأكد من تمام انسدادِ فُوّهةِ القبرِ، و تنفس الصعداء..."
، ثمَّ أشار بأن تُزاد كميةُ الأسمنت في الخليط، وودَّ لو كانت الخَرسانةُ
مُسلّحةً بأسياخِ الحَديد، لابد أن يكون ترتيلُهُ بصوتٍ مسموعٍ وبِنيَّةٍ صادقةٍ
لسورةِ الفاتحة على روح "المنسي"، لأنه يستحق كل هذا، ولا يستحق هذا
التحامل الحاقد عليه.
وأخيراً لابد أن نبينَ أن ألقصةُ بمجملِها تعبِّرُ عن سيطرةٍ لافتةٍ
وتمكنٍ من تكنيك أسلوب السرد القصصي . ويبدو أن القاصَ قد منحنا عدةَ مفاتيح لكنه
تركنا حائرين أحياناً، باختيار المناسب منها لفهم النص وما بين سطوره من إشارات
مكثفة. وأمام هكذا قاص ، لابد من الحذر عند التفكيك النقدي لإبداعه. وأجِدُني أمام
نصٍ متمردٍ خرج عن المألوف، ولابد لي من مجاراة تَمَردِهِ. وقد وجدتُ لغتَهُ
الأيقاعيةَ السرديةَشديدة التكثيف و حافَظَتْ على إيقاعاتِ جُمَلِها، لتُنقشُ في
الذاكرةِ كأبياتِ شعرٍ لاتُنسى، حتى لَو تَسَلَّلَتْ "رائحةُ الحَنوطِ
المريبةِ منها إلى خَياشيمنا..."
علي البدر
قاص وناقد أدبي وتشكيلي
بغداد/ ألعراق
____________________________
الأستاذ/ علي العلي
![]() |
علي العلي |
الاسلوب الرمزي من الأساليب الممتعة في القصة القصيرة حيث يقدم المادة
ويترك للقارئ فك رموزها
لو تتبعنا حركة النص قبل الغوص في المعنى :
منسي هو شيء موجود لكنه غائب أو مغيب عن الذاكرة
ظهر فجأة وفي مناسبة معينة سبق له الظهور فيها من قبل
لم يكن محببا أبدا للراوي .. راح يمارس وظيفته بالدفن بعد أن مر مرورا
سريعا باردا معزيا فيه أهل الفقيد
لا أعرف مالذي شدني إلى أفكار فرويد بعد قراءتي لنص أفخاخه كثر ويحمل
في تفسيره الكثير من التأويلات
أقول أفكار فرويد وما طرحه من خلال تفسير النفس البشرية ووجود حالة الشعور
واللاشعور
وكأني بالكاتب يصور لنا شخصية رجل طغى عليه دافع الهو وسيطرت عليه
غرائزه بينما كان الآنا الأعلى ( الضمير ) يقبع في اللاشعور مغيبا لا دور له
هذا الآنا من طبيعته لا يبقى غائبا للأبد فيعود للظهور نتيجة تلقي
صدمة أو فقد أو لربما نتيجة خطئ فادح فيبدأ فور ظهوره بكبت تلك الغرائز ودفعها إلى
حيث كان هو ( مدفونا في اللاشعور)
إلا أن بطل قصتنا كان غارقا في لذاته لذلك نجد بأنه سارع منذ صباح
اليوم التالي لتعافيه من الحدث الفاجعة إلى إعادة هذا المنسي إلى مكانه في
اللاشعور لا بل ومحاولة عدم ظهوره مستقبلا من خلال ( زيادة الاسمنت وغيرها كما في
النص )
نجاح الراوي في مهمته كان واضحا حتى أنه نسي اسم ذاك المنسي
النص من وجهة نظري المتواضعة نص مميز سار به ربان عارف بقصده اتبع
طريقا محددا له وشعب علينا الطرق
تنقل بشكل هادئ سلس بين جملة وأخرى
قراءة النص لمرة واحدة أو بدون تمعن قد يكون ظلما له
علي العلي
___________________________
الأستاذ/ بسام الأشرم
![]() |
بسام الأشرم |
حقيقة هي أني أتمتع دائماً بالأسلوب السردي الرشيق
للأستاذ Samir Asaer
و يعجبني اهتمامه بالتفاصيل وتصويرها بالكلمات
لكني هنا و أمام هذا النص ( مَنْسِيٌّ ) وجدتُ نفسي في متاهة
بين الفهم وعدمه وفي حيرة و أنا أحاول الربط و الافتراض .
يبدأ النص في استهلاله بما يستدعي التوقف ومحاولة الفهم قبل الاستمرار :
( من
أُولِي الأرحامِ المنسيين، لا أتذكرُه ولا أراه أو يرانا إلّا في هذا المقام.
يظهر فجأةً، مُتجسدًا في الفراغ )
هل يتحدث النص هنا عن شبح أم عن شخصية هولامية أم ماذا ؟!
و عند مواصلة القراءة أفهم ضمناً أنه الحانوتي
و أن الراوي أحد أقرباء الميت
وأواصل القراءة بمتعةٍ فالكاتب هنا رشيق السرد جميل التصوير
و النص جميل و الحدث مترابط
إلى أن تمنى الراوي أن يموت و يُدفن بعيداً
كي لا يقع بين يدي ذاك المنسي الذي يظهر فجأة متجسداً في الفراغ ..!
إلى هنا كل شيء على ما يرام
لكني إلى الان أحاول الربط بين أن الراوي هوعادة ما يكون من أقرباء
المتوفي
و بين أنه صار فجأة هو الحانوتي ..!!
أعجبني تصوير الكاتب للحظة موت ذاك المنسي الذي يُمثل الموت
أو على الأقل يذكرنا به ..
أعجبني كيف يحاول الراوي دفنه و التأكد من أنه لن يعود
في مشهدٍ فلسفيٍّ يستعرض حُب الإنسان للدنيا
و كراهيته للموت و حُب الخلود
لكنها سُنّة الله في خلقه فسبحان الله .
بسام الأشرم
_____________________
لكني هنا و أمام هذا النص ( مَنْسِيٌّ ) وجدتُ نفسي في متاهة
( من
أُولِي الأرحامِ المنسيين، لا أتذكرُه ولا أراه أو يرانا إلّا في هذا المقام.
هل يتحدث النص هنا عن شبح أم عن شخصية هولامية أم ماذا ؟!
و أن الراوي أحد أقرباء الميت
لكني إلى الان أحاول الربط بين أن الراوي هوعادة ما يكون من أقرباء
المتوفي
أو على الأقل يذكرنا به ..
في مشهدٍ فلسفيٍّ يستعرض حُب الإنسان للدنيا
الأستاذ / محمود عودة
![]() |
محمود عودة |
قرأت النص عدة مرات وقرأت كافة التعليقات والقراءات ووجدت لدي قراءة تختلف .... حاولت خلال قرائتي البحث عن سبب كره البطل لهذا الرجل من ذوي الأرحام المنسي، فلا يراه إلا في هذا المقام، دفن موتى أحد أفراد العائلة، شعرت بأن البطل يعمل حانوتي ( أي دفن الموتى ) فهو من قام بدفن المنسي عند موته ونسي إسمه،بينما المنسي لم ينس إسم المتوفي من العائلة وحفر إسمه رباعياً على حجر وضعه على مقدمة القبر .... تبادر إلى ذهني إسقاط على الصراع في الحياة على الرزق .. أو لنقل لقمة العيش وهنا أراد الكاتب أن يقول لا تتزاحموا على الرزق فهو من عند الله الرزاق بدليل وفاة هذا المنسي المزاحم للبطل، وأرى أن البطل أراد أن يقول دائما فقراء العائلة منسيين وخاصة أولي الأرحام وهي لفتة لضرورة التراحم بين الأقارب .... كل التحية للكاتب المبدع سمير العصري على نصه الرائع الذي امتعنا بهمحمود عودة
الأستاذ/ حمدي البصيري
![]() |
حمدي البصيري |
قصة منسي قصة مخاتلة تظهر عكس ما تبطن في القصة
شخصيتان (الراوي ومنسي )تنتميان لجيلين مختلفين منسي آخر رعيل الآباء والراوي من
الرعيل الثاني الذي يتهيأ لاستلام الدفة منسي ليس منسيا جميع الأقرباء يعرفونه فهو
رجل المناسبات الحزينة يحسن التصرف بها ممثلا آل المتوفى على أكمل وجه ومثل هذا لا
ينسى والراوي سر كراهية الراوي الذي يمثل الجيل الثاني هو الحسد والغيرة لمنسي
ولذلك ما إن يغيب الموت منسي حتى يقفز الراوي ليؤدي دور منسي بكل رضا وسرور لا بل
يحاكيه في تفاصيل الدور إذا هناك صراع أجيال والتنكير في القصة نفسي لا واقعي منسي
مكانته لا غنى عنها في مناسبات الموت وثمة من يتطلع لاحتلال مكانه ولكن للأسف حين
يموت وتتاح الفرصة لغريمه الراوي يكتشف بأنه لا يذكر اسمه وهنا الخاتمة المفاجئة التي نهضت بالقصة.
حمدي البصيري
__________________________
الأستاذة/ ميسون السعدي
![]() |
ميسون السعدي |
جميل جدا أن نلتفت إلى هذه الشخصية التي قلما التفت لها أحد، أحيانا
كثيرة لا نعي تصرفات من حولنا ونكرهها ولكن عندما نأخذ نفس الموقع نتصرف مثلها لأن
الموقع والمهنة تفرض سلوكيات وإيماءات معينة...وقد نجد أننا لن نبلغ منزلة من
انتقدنا وكرهنا. .. لعبة الحياة والموت...خوفنا من النهاية...انسحاب جيل وراء جيل
..إهمال الأجيال الجديدة لمن سبقهم. ...اهمالنا لمن حولنا ..كلها رسائل بثها
الكاتب بنص جميل السرد...وحبكة وخاتمةمميزة ... فقط أجد المقدمة لا داعي لها...لو
بدأ ب يظهر فجأة كانت بداية فيها غموض وأثارة لذهن القارئ
مجرد رأي غير مختص
كل الود والتقدير
مجرد رأي غير مختص
كل الود والتقدير
ميسون السعدي
_________________________
الأستاذ/ محمد طيب رزيقة
![]() |
محمد طيب رزيقة |
عندما يولد النص يصبح خاضعا لفهم القارئ, و الميلاد هنا نعي للكاتب
أيضا, و القراءة لا تكتشف النص فقط, بل تعيد إنتاجه, و النص الذي لا يستحق القراءة
أكثر من مرة لا يستحق القراءة مرة واحدة, و قد نجح النص في التورية مثلما نجح في
الإفصاح, هذا ما يخلق لدى القارئ تلك الرغبة في مساءلة النص من جديد, لماذا
الزيادة في نسبة الاسمنت؟. مثلا, و لماذا هذا الاصرار ليكون الجدار بعرض طوبة؟. لو
تعمد الكاتب شرح الاسباب لانتفت الحاجة لإعادة القراءة, تلك الفراغات هي التي تحفز
الخيال, و هي التي تولد الرغبة في القراءة, ما لا يقوله النص أكثر حضورا مما
يقوله. أعتقد ان النص يتحدث عن الصراع أكثر مما يشير الى النسيان
محمد طيب رزيقة
_________________________
في البدء:أجد إن السارد لم يبيّن دور الرجل في الفقرة الأولى من
عتبةالنص؛فيتملكني الفضول اللاهث خلف الكلمات.
أتأمل العبارة القادمة بلهفة وتمعن:(أتذكرُه ولا أراه أو يرانا إلّا في هذا المقام)أجدها تلامس واقعنا الاجتماعي، فعادة ماتجتمع الأقارب في مراسيم التشييع، والدفن ، ومآتم العزاء .
تنجذب شهيتي لمتابعة ماسيحدث بأسلوب هادئ يرتقي إلى ذائقتي؛فيسيل لعاب مخيلتي لتذوق طعم تلك الكلمات.
بعد قراءة النص أعود إلى سماعه بتسجيل صوتي بأداء الأديبة المتألقة على أنغام هادئة،ورسوم مطابقة لما تخيلته تماما؛فتسافر روحي إلى عالم غريب يضج بخفايا النص الثري بالأسرار.
أعيد قراءته مرة أخرى لإثبات صلة الرحم بين المقدمة والخاتمة:أشعر باعتماد السارد على اللغة الحسية،ولغة الجسد، وحركات الوجه مثل(ينْتفِش منخارا أنفِه ويرتفع حاجباهُ)،وانتقال الوصف الظاهري لطقوس التكفين والدفن إلى وصف داخلي تتخلله بعض الهواجس النفسيةمثل( ورائحةُ الحَنوطِ المُريبةِ المنبعثةِ من لحيتِه الخفيفة تتسلّلُ إلى خياشيمي.) و( يُداخِلني في كل مرّةٍ شيءُ من الاشمئزازِ والنّفورِ) و( تمنّيت أن أموتَ وأْدفنَ بعيدًا).
كما يسمع ويشاع: إنّ من يزاول عمل تكفين ودفن الموتى عليه أن يجيد في نفسه السيطرة على الحزن والخوف، ويتصف بقسوة المشاعر، وغلظة القلب؛لمروره بتجارب كثيرة اعتادت عليها نفسه إلاأنّ البطل في محاولته الأولى لعملية الدفن نجح في إتقان العمل بشكل تام ولكنه أخفق في كبح جماح مشاعره في اللحظة الأخيرة عندما نسي فيها اسم المتوفى؛ فتعطلت ذاكرته مؤقتا كأحد أعراض الخوف من الموت لتلقي الضوء على ماكانت ترافقه من مخاوف منذ بدء العمل،وتعد هذه الفقرة لحظة التنوير للقصةالتي نشهد فيها قفزة سريعة في تنامي الحدث، وتوهج ذروته لتتزامن مع القفلةالتي:تسيدت على النص بأكمله،وحتى على الحدث ذاته حيث تنقلنا إلى عوالم الذات ، وتذكر سيئاتنا قبل أن يفاجئنا الموت؛فأضع في هذه اللحظة أصبع إبهامي تحت كل جزء من هذا النص؛لأشهد لسارده بالإبداع.
أتأمل العبارة القادمة بلهفة وتمعن:(أتذكرُه ولا أراه أو يرانا إلّا في هذا المقام)أجدها تلامس واقعنا الاجتماعي، فعادة ماتجتمع الأقارب في مراسيم التشييع، والدفن ، ومآتم العزاء .
تنجذب شهيتي لمتابعة ماسيحدث بأسلوب هادئ يرتقي إلى ذائقتي؛فيسيل لعاب مخيلتي لتذوق طعم تلك الكلمات.
بعد قراءة النص أعود إلى سماعه بتسجيل صوتي بأداء الأديبة المتألقة على أنغام هادئة،ورسوم مطابقة لما تخيلته تماما؛فتسافر روحي إلى عالم غريب يضج بخفايا النص الثري بالأسرار.
أعيد قراءته مرة أخرى لإثبات صلة الرحم بين المقدمة والخاتمة:أشعر باعتماد السارد على اللغة الحسية،ولغة الجسد، وحركات الوجه مثل(ينْتفِش منخارا أنفِه ويرتفع حاجباهُ)،وانتقال الوصف الظاهري لطقوس التكفين والدفن إلى وصف داخلي تتخلله بعض الهواجس النفسيةمثل( ورائحةُ الحَنوطِ المُريبةِ المنبعثةِ من لحيتِه الخفيفة تتسلّلُ إلى خياشيمي.) و( يُداخِلني في كل مرّةٍ شيءُ من الاشمئزازِ والنّفورِ) و( تمنّيت أن أموتَ وأْدفنَ بعيدًا).
كما يسمع ويشاع: إنّ من يزاول عمل تكفين ودفن الموتى عليه أن يجيد في نفسه السيطرة على الحزن والخوف، ويتصف بقسوة المشاعر، وغلظة القلب؛لمروره بتجارب كثيرة اعتادت عليها نفسه إلاأنّ البطل في محاولته الأولى لعملية الدفن نجح في إتقان العمل بشكل تام ولكنه أخفق في كبح جماح مشاعره في اللحظة الأخيرة عندما نسي فيها اسم المتوفى؛ فتعطلت ذاكرته مؤقتا كأحد أعراض الخوف من الموت لتلقي الضوء على ماكانت ترافقه من مخاوف منذ بدء العمل،وتعد هذه الفقرة لحظة التنوير للقصةالتي نشهد فيها قفزة سريعة في تنامي الحدث، وتوهج ذروته لتتزامن مع القفلةالتي:تسيدت على النص بأكمله،وحتى على الحدث ذاته حيث تنقلنا إلى عوالم الذات ، وتذكر سيئاتنا قبل أن يفاجئنا الموت؛فأضع في هذه اللحظة أصبع إبهامي تحت كل جزء من هذا النص؛لأشهد لسارده بالإبداع.
فاضل العذاري
________________________
الأستاذ/ صالح شرف الدين
القصة أكثر من جيدة ..ويغلب عليها تيار الوعي حيث وصف احساس المنسي
واحساس السارد..تشير إلى مهمة كادت تختفي وهي العناية بالميت حتى يدفن والحرص على
كتابة بياناته على القبر واختلاف مشاعر من يقوم بالدفن عن مشاعر من فقد غاليا وعدم
حرص الجيل الجديد على معرفة كل الارحام ..عناصر القصة القصيرة متوفرة رغم القفزة
الزمانية التى كان يمكن ان تعالج بالعودة للخلف .وهي القفزة بين الدفنتين ..وحدة
الهدف والمضمون والجو النفسي والشخوص والمكان واللغة الفصحى المصورة للمشهد منبع
قوة القصة
صالح شرف الدين
______________________
الأستاذ/ سعيد الصباغ
اتسمت القصة بعدة نقاط :
١- وحدة
الموضوع ؛ولقد حافظ الكاتب على وحدة الفكرة فلم يتولد اى تشتيت مما أدى لترابط
الموضوع والذى حافظ فيه على البنية الدرامية للحدث "الفعل" فجاءت
المفردات متسقة مع نوع الموضوع ولم تأتى جزرا منعزلة.
٢- ترك مساحة تخيلية للقارئ للمشاركة مع الكاتب على الطريقة "البريختية " وهى اشراك المتلقى مع المبدع حتى لايشعر ذلك المتلقى بحالة الاغتراب التى يقع فيها الكثير من كتابنا.
٣- الفكرة : للقارئ حرية ترجمة الفكرة حسبما يرى ويشعر ؛ ماذا يريد الكاتب ؟ أرى أنه يلجأ لدفن ماضٍٍ قاسِِ أو تجربة مريرة مر بها
فيسعى لوأدها بكل وسائل الوأد وأقواها حتى لاتشاغله ثانية أو يظهر أثرها مرة أخرى.
أنه هروب من ماضٍٍ اليم ألم به كثيرا (ربما)
لقد اعجبتنى للقصة كثيرا.
سعيد الصباغ- مصر- اسكندرية
٢- ترك مساحة تخيلية للقارئ للمشاركة مع الكاتب على الطريقة "البريختية " وهى اشراك المتلقى مع المبدع حتى لايشعر ذلك المتلقى بحالة الاغتراب التى يقع فيها الكثير من كتابنا.
٣- الفكرة : للقارئ حرية ترجمة الفكرة حسبما يرى ويشعر ؛ ماذا يريد الكاتب ؟ أرى أنه يلجأ لدفن ماضٍٍ قاسِِ أو تجربة مريرة مر بها
فيسعى لوأدها بكل وسائل الوأد وأقواها حتى لاتشاغله ثانية أو يظهر أثرها مرة أخرى.
أنه هروب من ماضٍٍ اليم ألم به كثيرا (ربما)
لقد اعجبتنى للقصة كثيرا.
سعيد الصباغ- مصر- اسكندرية
________________________
الأستاذة/ شادية
محمد
هذه المرة سأغرد بعيدا عن السرب قليلا وسأدلو بدلوي كقارئة ،
عنوان القصة ذكرني بفيلم كان يحمل نفس الأسم ولكن بإضافة الف ولا فكان
المنسي ،فمن هو المنسي ؟ هل هو انسان كنا نعرفه وغاب عنا فنسيناه أم أنه ذلك الانسان الساقط من ذاكرة الجميع حتى وهو أمامهم ،فهو بالنسبة لهم نكرة ،لا وجود له حتى في وجوده ،عبر كثير من كتابنا المبدعين عن تمرير الشعور بكراهية تلك الشخصية المجهولة إليهم من خلال كلمات الكاتب و الذي لم يحدد لها اسما متعمدا لأنه أرادها مجهولة بلا هوية ،انا على العكس تماما لم أكره تلك الشخصية ولم أنفر منها ،بل لم أشعر إلا بحب وطمأنينة لها ولا أعتقد أن الكاتب كان يريد أن يصل بنا لكره شخصية المنسي بقدر ما أراد أن يعبر عن مدي كره الراوي لتلك الشخصية التي كانت دائما تذكره بالموت وتحمل رائحته معها في ملابس المنسي ولحيته ،تعاطفت مع شخصية المنسي ولم اتعاطف مع شخصية الراوي فالأول كان يؤدي مهمته بحب واتقان ويقين أنه إنما يقوم بإكرام المتوفي و دفنه واعداد لحده كما يجب أن يكون أما الشخصية الآخرى فكانت شخصية متخوفة تفترض سوء النية في الآخر لدرجة أنه ارتاح لوفاة ذلك الرجل الذي لم يسيئ له أو لغيره ،لا لشيئ إلا لأنه كان يذكره بالموت كعادتنا جميعا عندما نحاول تجنب الحديث عن الموت أو الجلوس مع من يتحدثون عنه مع أنه الحقيقة الوحيدة في الكون ،
أعجبتني لغة السر والمفردات الأنيقة التي جعلتني كقارئة أعيش في ذلك الجو الجنائزي الكئيب و يلازمني الشعور بالرهبة للحدث والإحترام لذاك الرجل الذي أعتقد أنه كان يقوم بمهمته احتراما منه لأهله و رغبة منه في سترهم في رحلتهم الأخيرة
أعجبتني نهاية القصة جدا و أكدت لي أنني أصبت في أن شخصية الراوي هى من يجب ألا نحبها فلا يمكن أن نعجب بمن يفرح في موت شخص ما دون ذنب اقترفه ولا جريرة قام بها إلا أنه كان يقوم بدفن الموتى من اقربائه ،
قصة ماتعة وقلم متمكن من أدواته و أرجو أن لا أكون قد جانبت الصواب في قراءتي لها
شادية محمد
_______________________
الأستاذ/ عدنان لطيف
قصة تناولت عالم النهاية الحتمية لجميع الأحياء ..
تحكي عن شخص يتولى دفن الموتى، هذا الشخص غريب الأطوار فهو يتشفّى بأقربائه الذين يدفنهم ويبتسم ابتسامة صفراء في كل مرة يواري فيها واحدا منهم.
تحكي عن شخص يتولى دفن الموتى، هذا الشخص غريب الأطوار فهو يتشفّى بأقربائه الذين يدفنهم ويبتسم ابتسامة صفراء في كل مرة يواري فيها واحدا منهم.
بطل القصة الذي يسرد الحكاية وينتقد هذا الشخص قد فعل فعله! فقد أدّى
ذات الحركات والأفعال والطقوس بما في ذلك تلك الابتسامة الصفراء والشماتة!
الفرق الوحيد بينه وبين هذا ال(منسي) أنّه لا يحفظ الأسماء مثله.
الفرق الوحيد بينه وبين هذا ال(منسي) أنّه لا يحفظ الأسماء مثله.
عنصر التشويق غير موجود في النص، فهو يحكي قصة شخص يدفن الموتى دون
فارق يميزه عن غيره ممن يمارسون هذه المهمة أو المهنة، النص وصف عملية الدفن بحسب
مراحلها من حفر القبر وحتى صب الخرسانة ولا فائدة من هذا الوصف لأنه لا يؤدي إلى
حبكة ما أو غاية منشودة.
النص يكتنفه الغموض إلّا أن يذهب كل قارئ منا إلى الترميز وتحميله مضامين ربما لم يقصدها الكاتب مطلقا!
حقيقة أنا لا أميل إلى المط والتزويق والإطالة والغرابة والمبالغة في الرمزية في كتابة القصة، فكلما كان النص واضحا مشوّقا ذا هدف واضح كان أجمل وأبقى في ذاكرة القارئ.
قرأت النص أكثر من مرة ولم ترتسم له معالم في ذهني غير الترميز.
هذا رأيي وربما أخالف فيه الكثير من الأصدقاء، تحياتي للأخ الكاتب ولجميع الإخوة والأخوات في هذه الواحة الجميلة .. شكرا لكم.
النص يكتنفه الغموض إلّا أن يذهب كل قارئ منا إلى الترميز وتحميله مضامين ربما لم يقصدها الكاتب مطلقا!
حقيقة أنا لا أميل إلى المط والتزويق والإطالة والغرابة والمبالغة في الرمزية في كتابة القصة، فكلما كان النص واضحا مشوّقا ذا هدف واضح كان أجمل وأبقى في ذاكرة القارئ.
قرأت النص أكثر من مرة ولم ترتسم له معالم في ذهني غير الترميز.
هذا رأيي وربما أخالف فيه الكثير من الأصدقاء، تحياتي للأخ الكاتب ولجميع الإخوة والأخوات في هذه الواحة الجميلة .. شكرا لكم.
عدنان لطيف
________________________
الأستاذ/ سمير المنزلاوي
..
القصة ذهنية الى درجة كبيرة ، والذهن عندما يسيطر على الكاتب ، يتنحى الوجدان ، وتحتشد القصة بعبارات زائدة تهبط بها ولا تعلو ! فما فائدة " متجسدا فى الفراغ " وهل يتجسد احد خارجه ؟ ثم ما قيمة " للوهلة الاولى " بعد لمحته ، وهل اللمحة الا نظرة اولى خاطفة ؟ وما قيمة " على التتابع " بعد يلصق خده بخدى ؟
انها رقابة الذهن الصارمة التى توحى بهذه الاستطرادات ، واما عن الفكرة فرغم جودتها وقع الكاتب فى مزالق كثيرة ، فرغم تاففه من قريبه الذى يحكم غلق القبر ويتمم عليه ، فعل هو نفس الطقوس ! وسواء كان المتوفى الاخير هو نفسه قريبه متعهد الدفن ، او غيره ، فما كلن ثمة داع لكلمة " المنسى " التى تؤكدها الاحداث ، وكان الكاتب لا يثق ابدا فى ذكاء القارئ ، ويريد ان يحاصره حتى الكلمة الاخيرة . القصة فى مجملها مشروع عميق ، لكن المعالجة تشى بقلة الخبرة وعدم الركون الى الوجدان الذى هو مصدر الفن الحقيقى ! ولا يخالجنى شك فى ان الكاتب لديه القدرة على التخلص من هذه الهنات ، وفهم حقيقة القصة القصيرة التى هى ومضة بارقة لا تتحمل اى اثقال لا لزوم لها ! مع كل تقديرى
القصة ذهنية الى درجة كبيرة ، والذهن عندما يسيطر على الكاتب ، يتنحى الوجدان ، وتحتشد القصة بعبارات زائدة تهبط بها ولا تعلو ! فما فائدة " متجسدا فى الفراغ " وهل يتجسد احد خارجه ؟ ثم ما قيمة " للوهلة الاولى " بعد لمحته ، وهل اللمحة الا نظرة اولى خاطفة ؟ وما قيمة " على التتابع " بعد يلصق خده بخدى ؟
انها رقابة الذهن الصارمة التى توحى بهذه الاستطرادات ، واما عن الفكرة فرغم جودتها وقع الكاتب فى مزالق كثيرة ، فرغم تاففه من قريبه الذى يحكم غلق القبر ويتمم عليه ، فعل هو نفس الطقوس ! وسواء كان المتوفى الاخير هو نفسه قريبه متعهد الدفن ، او غيره ، فما كلن ثمة داع لكلمة " المنسى " التى تؤكدها الاحداث ، وكان الكاتب لا يثق ابدا فى ذكاء القارئ ، ويريد ان يحاصره حتى الكلمة الاخيرة . القصة فى مجملها مشروع عميق ، لكن المعالجة تشى بقلة الخبرة وعدم الركون الى الوجدان الذى هو مصدر الفن الحقيقى ! ولا يخالجنى شك فى ان الكاتب لديه القدرة على التخلص من هذه الهنات ، وفهم حقيقة القصة القصيرة التى هى ومضة بارقة لا تتحمل اى اثقال لا لزوم لها ! مع كل تقديرى
سميرالمنزلاوي
___________________________
الأستاذ/ رسول يحي
![]() |
رسول يحي |
حددت مقومات القصة القصيرة في أربعة أركان أساسية، وهي" القصصية
، الجرأة ، الوحدة ، التكثيف، و تستند المرتكزات البنيوية لفن القصة القصيرة على
معايير ومقاييس تنصب على الجوانب الدلالية والشكلية والبصرية. المقاربة تميز بين
الأركان والشروط، أو بين المكونات الداخلية والتقنيات الخارجية وبين العناصر
البنيوية التي تميز فن القصة القصيرة و الأجناس الأدبية الأخرى ومن ملامح القصة
القصيرة اللجوء إلى الأنسنة، واستخدام الرمز والإيماء والتلميح والإيهام ،
والاعتماد على الخاتمة المتوهجة الواخزة المحيرة، وطرافة اللقطة، واختيار العنوان
الذي يحفظ للخاتمة صدمتها ، وقد استخدمت الكاتب سمير العَصَري العنوان المنسي فكان
العنوان من بدايته شكل الصدمة فيتبادر المتلقي للسؤال من هو المنسي
ومَنسيّ: (اسم) مفعول من نَسِيَ
كِتَابٌ مَنْسِيٌّ : كِتَابٌ نُسِيَ ذِكْرُهُ ، أَيْ لَمْ يَعُدْ يُذْكَرُ، وَكُنْتُ نَسْياً مَنْسِيّاً (مريم آية 23 )
مُنْسي: (اسم)، مُنْسي : فاعل من أَنسَى
مُنسّي: (اسم)،مُنسّي : فاعل من نسَّى
جزءٌ منسي: وجمعها الأجزاء المنسية فاستخدام العنونة من الوهلة الأولى عن طريق الإيحاء جعلنا نتعمق بالإيحاءات والرمزيات النص (من أُولِي الأرحامِ المنسيين، لا أتذكرُه ولا أراه أو يرانا إلّا في هذا المقام.) (يظهر فجاء) جعل النص متعمق بالحيرات والإيحاءات والرمزية فكان النص عميقاً بمعناه وعنوانه وتميز بالعلاقة بين السارد وذلك المنسي من خلال العلاقة الطردية بينه وبين المتغيب والمقبرة والقبر وتدوين الاسم على القبر أمتاز النص الرصانة اللغوية وفيه اتقان باختيار المفردات والجمل الرصينة توحي ببنويه عالية وداريه وحنكة لكاتبه
ومَنسيّ: (اسم) مفعول من نَسِيَ
كِتَابٌ مَنْسِيٌّ : كِتَابٌ نُسِيَ ذِكْرُهُ ، أَيْ لَمْ يَعُدْ يُذْكَرُ، وَكُنْتُ نَسْياً مَنْسِيّاً (مريم آية 23 )
مُنْسي: (اسم)، مُنْسي : فاعل من أَنسَى
مُنسّي: (اسم)،مُنسّي : فاعل من نسَّى
جزءٌ منسي: وجمعها الأجزاء المنسية فاستخدام العنونة من الوهلة الأولى عن طريق الإيحاء جعلنا نتعمق بالإيحاءات والرمزيات النص (من أُولِي الأرحامِ المنسيين، لا أتذكرُه ولا أراه أو يرانا إلّا في هذا المقام.) (يظهر فجاء) جعل النص متعمق بالحيرات والإيحاءات والرمزية فكان النص عميقاً بمعناه وعنوانه وتميز بالعلاقة بين السارد وذلك المنسي من خلال العلاقة الطردية بينه وبين المتغيب والمقبرة والقبر وتدوين الاسم على القبر أمتاز النص الرصانة اللغوية وفيه اتقان باختيار المفردات والجمل الرصينة توحي ببنويه عالية وداريه وحنكة لكاتبه
رسول يحي
_____________________________
اطيب تمنياتي لكم
وإلى لقاء جديد مع قصة شهر مارس
محسن الطوخي
التسميات: قصة الشهر