دراسة نقدية بقلم الأستاذ الناقد/ أحمد بوقراعة في القصة القصيرة بعنوان" منسي "
جدليّة القابر /المقبور
دراسة نقدية
للأستاذ الناقد/ احمد بوقراعة.. تونس
في نصّ "منسيّ" لسمير عصر
![]() |
أحمد بوقراعة |
التحليل
ثصدير
ألا إنّي كنت قد نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزوروها فإنّها تذكّركم الموت
(حديث شريف)
يُدفِّنُ بعضُنا بعضا و يمشي أواخرنا على هام الأوائل
(المعرّي)
1- مستوى الخبر
أ- منطق الأفعال
_ نظام المقاطع
يتركّب النصّ من قسمين كبيرين يشدّهما نظام يستمدّ منطقه من جدليّة القابر /المقبور و يتألّف كلّ قسم من جملة من القاطع الصغرى يتتبّع فيها الرّاوي/الشخصيّة مراحل عمليّة الدّفن
يمتدّ القسم الأوّل من قوله"من أولي.........إلى قولهتمنيّت أن أموت و أدفن بعيدا"
ويمتدّ القسم الثّاني من قوله"لأوّل مرّة ................ولا أذكر إسم المنسيّ"
و كمقياس شكلي يدعم هذا التقسيم يمكن اعتماد ثنائيّة الزّمان حاضر/ماضي ، إذ تسيطر في القسم الأوّل من من النصّ الأفعال المضارعة على السرد (يظهر، ألمحه ، ينشغل، يعاون ، يتحرّك .....)ومن دلالات المضارع تكرّر الحدث واستمراريّته في الزّمان الماضي.
أمّا القسم الثّاني من النصّ فتسيطر عليه الأفعال في صيغة الماضي (هيّات ، تمّت ، اشرت ، ناوت......) ومن دلالات صيغة الماضي إنتهاء وقوع الحدث في الزمن الماضي
ما نستنتجه أنّ من يقوم بالفعل في الفسم الأوّل من النص سواء كان الشخصيّة/البطلة "المنسيّ" أو الرّوي/الشخصيّة يكرّره مـــــــــع كلّ مـــوت لأحد من أولي الأرحام الأقارب
أمّا القسم الثّاني فمن يقوم بالفعل لا يكرّره إلّا مرّة واحدة "فالمنسيّ"الذي كان يدفن أقاربه لن يبعث من موته مجدّدا ليكرّر عمليّة الدفن إن هي ألّا موتة واحدة والرّاوي/الشخصيّة يقرّ أنّه لأوّل مرّة يتولّى عمليّة الإشراف على دفن أحد أقاربه ويكتشف في الأخير أنّه لا يذكر إسم من يدفن لذلك لن يخطّ اسمه على شاهد القبر فنستنتج إذا حقّ لنا الإستنتاج أنّه غير مؤهّل لأن يكون الأوّل من الرّعيل الثّاني الذي يدفن ذوي قرباه لهذا ستكون أوّل مرّة هي آخر مرّة فالنسيان سمة الرّاوي الشخصيّة
ثصدير
ألا إنّي كنت قد نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزوروها فإنّها تذكّركم الموت
(حديث شريف)
يُدفِّنُ بعضُنا بعضا و يمشي أواخرنا على هام الأوائل
(المعرّي)
1- مستوى الخبر
أ- منطق الأفعال
_ نظام المقاطع
يتركّب النصّ من قسمين كبيرين يشدّهما نظام يستمدّ منطقه من جدليّة القابر /المقبور و يتألّف كلّ قسم من جملة من القاطع الصغرى يتتبّع فيها الرّاوي/الشخصيّة مراحل عمليّة الدّفن
يمتدّ القسم الأوّل من قوله"من أولي.........إلى قولهتمنيّت أن أموت و أدفن بعيدا"
ويمتدّ القسم الثّاني من قوله"لأوّل مرّة ................ولا أذكر إسم المنسيّ"
و كمقياس شكلي يدعم هذا التقسيم يمكن اعتماد ثنائيّة الزّمان حاضر/ماضي ، إذ تسيطر في القسم الأوّل من من النصّ الأفعال المضارعة على السرد (يظهر، ألمحه ، ينشغل، يعاون ، يتحرّك .....)ومن دلالات المضارع تكرّر الحدث واستمراريّته في الزّمان الماضي.
أمّا القسم الثّاني من النصّ فتسيطر عليه الأفعال في صيغة الماضي (هيّات ، تمّت ، اشرت ، ناوت......) ومن دلالات صيغة الماضي إنتهاء وقوع الحدث في الزمن الماضي
ما نستنتجه أنّ من يقوم بالفعل في الفسم الأوّل من النص سواء كان الشخصيّة/البطلة "المنسيّ" أو الرّوي/الشخصيّة يكرّره مـــــــــع كلّ مـــوت لأحد من أولي الأرحام الأقارب
أمّا القسم الثّاني فمن يقوم بالفعل لا يكرّره إلّا مرّة واحدة "فالمنسيّ"الذي كان يدفن أقاربه لن يبعث من موته مجدّدا ليكرّر عمليّة الدفن إن هي ألّا موتة واحدة والرّاوي/الشخصيّة يقرّ أنّه لأوّل مرّة يتولّى عمليّة الإشراف على دفن أحد أقاربه ويكتشف في الأخير أنّه لا يذكر إسم من يدفن لذلك لن يخطّ اسمه على شاهد القبر فنستنتج إذا حقّ لنا الإستنتاج أنّه غير مؤهّل لأن يكون الأوّل من الرّعيل الثّاني الذي يدفن ذوي قرباه لهذا ستكون أوّل مرّة هي آخر مرّة فالنسيان سمة الرّاوي الشخصيّة
خصائص النظام
قي القسم الثّاني من النصّ يحدث تغيّر كبير إذ يتحوّل الرّاوي/الشخصية من معزٍّ أو مُعَزّا إلى قابر و يتحوّل " المنسيّ" الشخصيّة البطلة من قابر إلى مقبور
تنعكس أفعال و أحوال الرّاوي/الشخصيّة من متلقِّي/مُنْفَعِل إلى باثٍّ /فاعل
تنعكس أفعال و أحوال الرّاوي/الشخصيّة من متلقِّي/مُنْفَعِل إلى باثٍّ /فاعل
إذن بين القسم الأوّل والثّاني تناظر هندسي يرتّبهما حسب مبدإ التقابل مضمونيّا وإن كان بينهما تواز شكليّ من حيث اتّباع نفس مراسم الدّفن بمراحلها المختلفة و المتعاقبة مع بعض التدرّج المعنويّ
تنتمي الأفعال في هذا النصّ إلى محور المشاركة أو الصّراع و يلخّصها العنوان في مفهوم النسيان " المنسيّ" و النسيان يفترض وجود طرفين ناسي ومنسيّ إلّا أنّ العنوان لا يصرّح إلّا بالطرف الثّاني و قد ورد في صيغة إسم المفعول ومن دلالاتها وقوع الفعل على حاملها لكن ما نلاحظه أنّ ثمّة مقابلة بين عنوان النصّ ومتنه لأنّ الشخصيّة/ البطلة في النصّ وخاصة في قسمه الأوّل فاعلة متحركة وغير هيّابة من الموت تتعامل معه بكلّ برود ورصانة لأنّه يبدو حاضرا في كلّ ثنايا حياتها لذلك فالعلاثة بينها وبين الموت لا تقوم على الصراع بثدر ما تثوم على المشاركة والمعايشة وبذلك انتفى عندها معنى الهول من الموت أو الخوف من استقباله ولهذا خيّل للرّاوي /الشخصيّة و أنّه "يرى على وجهه الصفراوي الثعلبي الممصوص ابتسامة خفيّة" هي ابتسامة الإستهزاء و السخريّة من سطوة الموت .
والرّاوي/الشخصيّة في خقيقة الأمرهو الطرف الأوّل في عمليّة النسيان فهو النّاسي و صيغته الصرفيّة اسم فاعل ما يعني تحلّيه بالفاعليّة لكنّه في متن النصّ مفعول به ونستدلّ على ذلك من مواقفه وردود أفعالها لتي تحيل في مجملها على الإشمئزازو النّفور و الكراهة لكلّ ما تأتيه الشخصيّة/البطلة من أفعال وسلوكات لها علاقة بالموت إذ ينسحب نفوره واشمئزازه من الشخصيّة /البطلة إلى الموت ذاته فالعلاقة بينهما إذا قائمة على الصّراع الخفيّ وهو يعلم مسبقا أنّه صراع غير متكافىء بين قوّة غيبيّة لا متناهية لا يحدّها حدّ أو زمان وقوّة بشريّة محدودة ومتناهية ومن هنا كرهها للموت وكلّ ما يتعلّق به و إن كان هذا "القريب الغريب"المتقبّل لحتميّة الموت دون تفلسف أو حذلقة.
تنتمي الأفعال في هذا النصّ إلى محور المشاركة أو الصّراع و يلخّصها العنوان في مفهوم النسيان " المنسيّ" و النسيان يفترض وجود طرفين ناسي ومنسيّ إلّا أنّ العنوان لا يصرّح إلّا بالطرف الثّاني و قد ورد في صيغة إسم المفعول ومن دلالاتها وقوع الفعل على حاملها لكن ما نلاحظه أنّ ثمّة مقابلة بين عنوان النصّ ومتنه لأنّ الشخصيّة/ البطلة في النصّ وخاصة في قسمه الأوّل فاعلة متحركة وغير هيّابة من الموت تتعامل معه بكلّ برود ورصانة لأنّه يبدو حاضرا في كلّ ثنايا حياتها لذلك فالعلاثة بينها وبين الموت لا تقوم على الصراع بثدر ما تثوم على المشاركة والمعايشة وبذلك انتفى عندها معنى الهول من الموت أو الخوف من استقباله ولهذا خيّل للرّاوي /الشخصيّة و أنّه "يرى على وجهه الصفراوي الثعلبي الممصوص ابتسامة خفيّة" هي ابتسامة الإستهزاء و السخريّة من سطوة الموت .
والرّاوي/الشخصيّة في خقيقة الأمرهو الطرف الأوّل في عمليّة النسيان فهو النّاسي و صيغته الصرفيّة اسم فاعل ما يعني تحلّيه بالفاعليّة لكنّه في متن النصّ مفعول به ونستدلّ على ذلك من مواقفه وردود أفعالها لتي تحيل في مجملها على الإشمئزازو النّفور و الكراهة لكلّ ما تأتيه الشخصيّة/البطلة من أفعال وسلوكات لها علاقة بالموت إذ ينسحب نفوره واشمئزازه من الشخصيّة /البطلة إلى الموت ذاته فالعلاقة بينهما إذا قائمة على الصّراع الخفيّ وهو يعلم مسبقا أنّه صراع غير متكافىء بين قوّة غيبيّة لا متناهية لا يحدّها حدّ أو زمان وقوّة بشريّة محدودة ومتناهية ومن هنا كرهها للموت وكلّ ما يتعلّق به و إن كان هذا "القريب الغريب"المتقبّل لحتميّة الموت دون تفلسف أو حذلقة.
ب- العلاقة بين الفواعل
1-قاعدة الإشتقاق
° أصناف الفواعل
يبرز العنوان الفاعلين الرّئيسيين : النّاسي / المنسيّ
أنا / هو
راوٍشخصيّة / شخصيّة بطلة
إنسان / إنسان
ذوات لها شخصيّة محدّدة ، لكن صيغة اسم المفعول في العنوان "منسيّ" وردت نكرة غير معرّفة ومن معاني التنكير الإطلاق إذا لم تخصّص فالمنسيّ إذن يمكن أن يكون شخصا و هذا ما يوحي به النصّ ويمكن أن يكون مادّة ويمكن أن يكون فكرة و يمكن أن يكون واقعا أو غيبا وباستنطاق متن النصّ نقف في عمومه بقسميه على تواتر كثيف لكلّ ما يتّصل بالموت فالنصّ على ايجازه كميّا و بعمليّة احصائيّة بسيطة نرى أنّ مصطلح الموت وما يقترن به تواترت 28 مرّة بصيغ مختلقة فوردت أسماء ومصادر و أفعال و أحوال وصفات وهذا ما يعني أنّ" الموت " هو القادح الحقيقي لكتابة الكاتب لنصّه وهو ا لمحرّك الساسي للشخصيّات وهو علّة سلوكها و أفعالها فالمنسيّ في الظّاهر هو الشخصيّة /البطلة في النصّ أمّا في الباطن فالبطل الحقيقي هو الموت الذي ينظر إليه الكاتب من زاوية ويراه الرّاوي/الشخصيّة من زاوية أخرى وتتعامل معه الشخصيّة/البطلة من وجهة مغايرة فالكاتب تلحّ على قكره ونفسه قكرة معضلة الموت و تؤرّقه فيكتب عنها محاولا فهمها و الإحاطة بها علّه يطمئنّ فيها إلى رأي بعد أن اكله الشكّ في كلّ ما هو بالنسبة للبعض منّا ثوابت نقرّ ونؤمن بها ايمان العجائز و الشخصيّة/ البطلة تقرّ به حقيقة حتميّة وختاميّة لوجود الإنسان ومن هذا المنطلق تتعامل معه وتعايشه بل وتتدرّب عليه استعدادا لملاقاته والرّاوي/ الشخصيّة يخافه ويكرهه ولهذا يجتهد في استبعاده من واقعه وخياله حتّى وان كان بالمشاركة والإشراف على دفن المنسيّ الذي يمثّل بالنسبة إليه رديفا للموت برائحة الحنوط المنبعثة من لحيته الخفيفة ولكنّ الموت موجود ثابت "يصول بلا سيف ويسعى بلا قدم "يظهر فجأة متجسّدا في الفراغ.
ولقد برزت صورة الموت في أشكال مختلفة
طبيعة:حصاة،اسمنت، ماء ،رمال...
جماد: آجر جدار، خرسانة ، حديد ، نعش ، قبر..(من صنع الإنسان)
سائل : حــــــــــــــنوط (من صنع الإنسان)
انسان :متعهّدي الدفن ،المتوفّى ، المتوفين ، المشيّعين ، الحانوتية...
غيب : الملكين
اتّخذ الموت وجوها متعدّدة يظهر من ورائها من طبيعة إلى جماد أو سائل من صنع الإنسان إلى انسان . يتبع لاحقا بالجزء الثاني (النصّ بما هو خطاب)
1-قاعدة الإشتقاق
° أصناف الفواعل
يبرز العنوان الفاعلين الرّئيسيين : النّاسي / المنسيّ
أنا / هو
راوٍشخصيّة / شخصيّة بطلة
إنسان / إنسان
ذوات لها شخصيّة محدّدة ، لكن صيغة اسم المفعول في العنوان "منسيّ" وردت نكرة غير معرّفة ومن معاني التنكير الإطلاق إذا لم تخصّص فالمنسيّ إذن يمكن أن يكون شخصا و هذا ما يوحي به النصّ ويمكن أن يكون مادّة ويمكن أن يكون فكرة و يمكن أن يكون واقعا أو غيبا وباستنطاق متن النصّ نقف في عمومه بقسميه على تواتر كثيف لكلّ ما يتّصل بالموت فالنصّ على ايجازه كميّا و بعمليّة احصائيّة بسيطة نرى أنّ مصطلح الموت وما يقترن به تواترت 28 مرّة بصيغ مختلقة فوردت أسماء ومصادر و أفعال و أحوال وصفات وهذا ما يعني أنّ" الموت " هو القادح الحقيقي لكتابة الكاتب لنصّه وهو ا لمحرّك الساسي للشخصيّات وهو علّة سلوكها و أفعالها فالمنسيّ في الظّاهر هو الشخصيّة /البطلة في النصّ أمّا في الباطن فالبطل الحقيقي هو الموت الذي ينظر إليه الكاتب من زاوية ويراه الرّاوي/الشخصيّة من زاوية أخرى وتتعامل معه الشخصيّة/البطلة من وجهة مغايرة فالكاتب تلحّ على قكره ونفسه قكرة معضلة الموت و تؤرّقه فيكتب عنها محاولا فهمها و الإحاطة بها علّه يطمئنّ فيها إلى رأي بعد أن اكله الشكّ في كلّ ما هو بالنسبة للبعض منّا ثوابت نقرّ ونؤمن بها ايمان العجائز و الشخصيّة/ البطلة تقرّ به حقيقة حتميّة وختاميّة لوجود الإنسان ومن هذا المنطلق تتعامل معه وتعايشه بل وتتدرّب عليه استعدادا لملاقاته والرّاوي/ الشخصيّة يخافه ويكرهه ولهذا يجتهد في استبعاده من واقعه وخياله حتّى وان كان بالمشاركة والإشراف على دفن المنسيّ الذي يمثّل بالنسبة إليه رديفا للموت برائحة الحنوط المنبعثة من لحيته الخفيفة ولكنّ الموت موجود ثابت "يصول بلا سيف ويسعى بلا قدم "يظهر فجأة متجسّدا في الفراغ.
ولقد برزت صورة الموت في أشكال مختلفة
طبيعة:حصاة،اسمنت، ماء ،رمال...
جماد: آجر جدار، خرسانة ، حديد ، نعش ، قبر..(من صنع الإنسان)
سائل : حــــــــــــــنوط (من صنع الإنسان)
انسان :متعهّدي الدفن ،المتوفّى ، المتوفين ، المشيّعين ، الحانوتية...
غيب : الملكين
اتّخذ الموت وجوها متعدّدة يظهر من ورائها من طبيعة إلى جماد أو سائل من صنع الإنسان إلى انسان . يتبع لاحقا بالجزء الثاني (النصّ بما هو خطاب)
قاعدة العمل
-العلاقة بين الفاعلين تتغيبّر ما بين القسم الأوّل من النصّ والقسم الثّاني كان الرّاوي الشخصيّة معزًّى أو معزٍّ دائما في القسم الأوّل فأصبح في القسم الثّاني دافنا /قابرا أمّا الشخصيّة/ البطلة قكان معزٍّ دافنا فأضحى مدفونا إذن ما نستنتجه انقلاب الأدوار بين الفاعلين بين قسمي النصّ
و هذا ما يحيل عموما على تبادلنا للأدوار في هذا الوجود لكن كيف نقهم التحوّل في شخصيّة الراوي من فاعل يحاول جاهدا استبعاد فكرة الموت في ظاهر النص إلى إلإنغراس فيه تماما في باطن النص يتناساه حينا من الدهر بعد دفن أحد أقاربه فيكشف الموت عن نفسه أحيانا بخطف آخر ليذكّره بحضوره لعبة يلعبها الموت مع الإنسان تجعل منه بطلا مقنّعا يظهر في أشكال حسيّة مختلفة لهذا نرى أنّ عنوان النصّ "منسيّ"يوهم أنّ الهو المتحدَّثِ عنه هو الشخصيّة / البطلة حيّا و ميّتا في قسمي النصّ و لكن التدقيق في مفاصله يوقفنا أنّ صورة "منسيّ" تتجاوز بعده الإجتماعي إلى صورة رمزيّة فيضحي هو الموت برائحة الحنوط المنبعثة كم لحيته الخفيفة و وجهه الصفراوي الثعلبي الممصوص و لون الصفرة يحيل من بين ما يحيل عليه إلى المرض و النصب و الغروب و كلّها مظاهر تسبق الموت و تمهّد له و وصف وجهه بالثعلبي يجيل على المكر و المراوغة والموت مكّار يتخفّى و يهاجم من حيث لا نحتسب
العنوان يوهم بأنّ "منسيّ" صفة لا تتجاوز الشخصيّة /البطلة لكن المرّة هو منسيّ و هي منسيّة و أنتَ منسيّ و أنتِ منسيّة و أنا منسيّ و نحن كلّنا منسيّون....
2) في مستوى الخطاب
أ- زمن الفصص
-عدم التجانس
يقوم السرد في النص على الإختلاف الكلاسيكي بين زمانين
زمن الخبر :وهو الماضي يدلّ عليه غياب المنسيّ بالموت و حتّى سيطرة صيغة المضارع على القسم الأوّل من النصّ إنّما دلالته على تكرّر الحدث ةاستمراريّته في الزمان الماضي .
زمن الخطاب : وهو الحاضر دائما ويدلّ عليه ماضي الخبر وقع الفعل يعاد في ساعة روايته و إذا كان قد انتهى فالرواية لم تنقطع تتجدّد مع كا قراءة
ولماضي الخبر وظيفة رئيسيّة هي الإبهام بواقعيّة الأحداث مع أنّها من صنع الخيال و ترتيب الكاتب وفي ذلك ما يحمل على التصديق بها.
- عدم التناسب
+ في المدى
المهمّ هو ضبط الصّيغ التي تصاغ فيها الفروق في المدى بين زمانين ثمّ معرفة الغالب منها واستخلاص نتائج ذلك
- صيغ الوقف : موجودة في هذه الفصّة وتتسبّب في كلّ مرّة في انقطاع في سرد الأقعال و تعرفل حركة الأحداث لأنّها تتمثّل خاصّة في " الأوصاف " أو " الأحوال " ( رائحة الحنوط المريبة المنبعثة ..../ بدلته الصيقيّة.......ومداسه المهترىء../ اكتسى وجهه بامارات الرّضا / وجهه الصّفراوي ...ابتسامة خفيّة / بدا في كفنه هزيلا ضئيلا..)
يطول زمن الحطاب على حساب زمن الخبر
- صيغ الإيجاز : على أنّ أساليب الإختصار وهي الغالبة على السرد في هذا النصّ الذي بنيت فيه الحركة على الأفعال أساسا و يتمثّل الإيجاز في اقتصار السرد على كلّيات الأفعال دون جزئيّاتها و على العناصر المقيّدة دون العناصر الحرّة (يظهر قجأة ) خرج من أيّ مكان على ايّة هيأة لأيّ غرض الظروف كلّها مسكوت عنها ما جعل الرّاوي / الشخصيّة محتارا في أمر هذا القريب الغريب وطبيعة ما يضمره والتزام السرد لفيجاز و الإجمال دون التفصيل يكسب الحركة وتيرة سريعة فيقصر زمن الخطاب عن زمن الخبر .
صيغ التطابق
(يداخلني في كلّ مرّة شيء من الإشمئزاز و النفور ../و كانّني أرى على وجهه...../ أخذتني دوّامة .....وطبيعة ما يضمره)
تصبح الحركة الخارجيّة حركة داخليّة في ذات الراوي الشخصيّة و تنقلب حكاية الأفعال إلى حكاية أحوال قد تطيل في سردها (وقف) أو توجز (اختصار) والنظر في موقعي العدول عن سرد الأفعال إلى سرد الأحوال و التحوّل من الظاهر إلى الباطن يكشف عن موقف الرّاوي /الشخصيّة من شخصيّة المنسيّ وبين الموقفين علاقة تناظر من الناحية الدلاليّة
قمّة الإشمئزاز والنفور / قمّة الحيرة وعدم الفهم
و القصّة تعتمدمن بدايتها إلى نهايتها على السرد التأكيدي أو الإعادي (إعادة وتكرار نفس الجمل في فسمي النصّ و أحيانا بنفس تراكيبها وعباراتها )قصد تقرير المعنى في النفوس فتكرّر الحداث بتفاصيلها يجعل من الأحداث معروفة لا مفاجآت فيها
- عدم التوازي
رويت الأحداث في تسلسلها الزماني دون تعقيد فالزمن خطّي : تعاقبي
- تسلسل الأحداث المرويّة في زمن الخبر
- تسلسل الكلام الروائي في سياق الخطاب
ومن ثمّ فشكل توارد الأحداث إنّما هو "النظم" الذي يربط بين المقاطع المتعاقبة حسب مبدأ "الوصل" وهي الصيغة البدائيّة في تشكيل احداث القصّة.
-العلاقة بين الفاعلين تتغيبّر ما بين القسم الأوّل من النصّ والقسم الثّاني كان الرّاوي الشخصيّة معزًّى أو معزٍّ دائما في القسم الأوّل فأصبح في القسم الثّاني دافنا /قابرا أمّا الشخصيّة/ البطلة قكان معزٍّ دافنا فأضحى مدفونا إذن ما نستنتجه انقلاب الأدوار بين الفاعلين بين قسمي النصّ
و هذا ما يحيل عموما على تبادلنا للأدوار في هذا الوجود لكن كيف نقهم التحوّل في شخصيّة الراوي من فاعل يحاول جاهدا استبعاد فكرة الموت في ظاهر النص إلى إلإنغراس فيه تماما في باطن النص يتناساه حينا من الدهر بعد دفن أحد أقاربه فيكشف الموت عن نفسه أحيانا بخطف آخر ليذكّره بحضوره لعبة يلعبها الموت مع الإنسان تجعل منه بطلا مقنّعا يظهر في أشكال حسيّة مختلفة لهذا نرى أنّ عنوان النصّ "منسيّ"يوهم أنّ الهو المتحدَّثِ عنه هو الشخصيّة / البطلة حيّا و ميّتا في قسمي النصّ و لكن التدقيق في مفاصله يوقفنا أنّ صورة "منسيّ" تتجاوز بعده الإجتماعي إلى صورة رمزيّة فيضحي هو الموت برائحة الحنوط المنبعثة كم لحيته الخفيفة و وجهه الصفراوي الثعلبي الممصوص و لون الصفرة يحيل من بين ما يحيل عليه إلى المرض و النصب و الغروب و كلّها مظاهر تسبق الموت و تمهّد له و وصف وجهه بالثعلبي يجيل على المكر و المراوغة والموت مكّار يتخفّى و يهاجم من حيث لا نحتسب
العنوان يوهم بأنّ "منسيّ" صفة لا تتجاوز الشخصيّة /البطلة لكن المرّة هو منسيّ و هي منسيّة و أنتَ منسيّ و أنتِ منسيّة و أنا منسيّ و نحن كلّنا منسيّون....
2) في مستوى الخطاب
أ- زمن الفصص
-عدم التجانس
يقوم السرد في النص على الإختلاف الكلاسيكي بين زمانين
زمن الخبر :وهو الماضي يدلّ عليه غياب المنسيّ بالموت و حتّى سيطرة صيغة المضارع على القسم الأوّل من النصّ إنّما دلالته على تكرّر الحدث ةاستمراريّته في الزمان الماضي .
زمن الخطاب : وهو الحاضر دائما ويدلّ عليه ماضي الخبر وقع الفعل يعاد في ساعة روايته و إذا كان قد انتهى فالرواية لم تنقطع تتجدّد مع كا قراءة
ولماضي الخبر وظيفة رئيسيّة هي الإبهام بواقعيّة الأحداث مع أنّها من صنع الخيال و ترتيب الكاتب وفي ذلك ما يحمل على التصديق بها.
- عدم التناسب
+ في المدى
المهمّ هو ضبط الصّيغ التي تصاغ فيها الفروق في المدى بين زمانين ثمّ معرفة الغالب منها واستخلاص نتائج ذلك
- صيغ الوقف : موجودة في هذه الفصّة وتتسبّب في كلّ مرّة في انقطاع في سرد الأقعال و تعرفل حركة الأحداث لأنّها تتمثّل خاصّة في " الأوصاف " أو " الأحوال " ( رائحة الحنوط المريبة المنبعثة ..../ بدلته الصيقيّة.......ومداسه المهترىء../ اكتسى وجهه بامارات الرّضا / وجهه الصّفراوي ...ابتسامة خفيّة / بدا في كفنه هزيلا ضئيلا..)
يطول زمن الحطاب على حساب زمن الخبر
- صيغ الإيجاز : على أنّ أساليب الإختصار وهي الغالبة على السرد في هذا النصّ الذي بنيت فيه الحركة على الأفعال أساسا و يتمثّل الإيجاز في اقتصار السرد على كلّيات الأفعال دون جزئيّاتها و على العناصر المقيّدة دون العناصر الحرّة (يظهر قجأة ) خرج من أيّ مكان على ايّة هيأة لأيّ غرض الظروف كلّها مسكوت عنها ما جعل الرّاوي / الشخصيّة محتارا في أمر هذا القريب الغريب وطبيعة ما يضمره والتزام السرد لفيجاز و الإجمال دون التفصيل يكسب الحركة وتيرة سريعة فيقصر زمن الخطاب عن زمن الخبر .
صيغ التطابق
(يداخلني في كلّ مرّة شيء من الإشمئزاز و النفور ../و كانّني أرى على وجهه...../ أخذتني دوّامة .....وطبيعة ما يضمره)
تصبح الحركة الخارجيّة حركة داخليّة في ذات الراوي الشخصيّة و تنقلب حكاية الأفعال إلى حكاية أحوال قد تطيل في سردها (وقف) أو توجز (اختصار) والنظر في موقعي العدول عن سرد الأفعال إلى سرد الأحوال و التحوّل من الظاهر إلى الباطن يكشف عن موقف الرّاوي /الشخصيّة من شخصيّة المنسيّ وبين الموقفين علاقة تناظر من الناحية الدلاليّة
قمّة الإشمئزاز والنفور / قمّة الحيرة وعدم الفهم
و القصّة تعتمدمن بدايتها إلى نهايتها على السرد التأكيدي أو الإعادي (إعادة وتكرار نفس الجمل في فسمي النصّ و أحيانا بنفس تراكيبها وعباراتها )قصد تقرير المعنى في النفوس فتكرّر الحداث بتفاصيلها يجعل من الأحداث معروفة لا مفاجآت فيها
- عدم التوازي
رويت الأحداث في تسلسلها الزماني دون تعقيد فالزمن خطّي : تعاقبي
- تسلسل الأحداث المرويّة في زمن الخبر
- تسلسل الكلام الروائي في سياق الخطاب
ومن ثمّ فشكل توارد الأحداث إنّما هو "النظم" الذي يربط بين المقاطع المتعاقبة حسب مبدأ "الوصل" وهي الصيغة البدائيّة في تشكيل احداث القصّة.
ب) - أوصاف القصّ
تقوم القصّة على المراوحة بين أنواع الرؤيات السرديّة
- الرؤية الخارجيّة : (ينشغل بنزع الميّت ... / يتحرّك بخفّة .. / يتراجع إلى الخلف ... ) كأنّ الراوي لا يعلم شيئا من شأن المنسيّ و في ذلك لإيهام بالحياد
-الرؤية الدّاخليّة :(يعاون بهمّة متعهّدي الدّفن /لم يخطىء يوما في اسم أيّمن ذوي قرباه /ينتفش منخارا أنفه )كأنّ الرّاوي "إله عليم" بما يجول في باطن الشخصيّة محاولا سبر أغوارها من خلال أفعالها و أحوالها وقسمات وجهها (و كأنني أرى على وجههه الصفراوي الثعلبي الممصوص.....)
- الرؤية مع :ومن أماراتها في النصّ سيطرة ضمير الأنا في أغلب فقراته في مقابل ضمير الهو وفي هذه الرؤية تتساوى معرفة الرّاوي بمعرفة الشخصيّة فكأنّ الرّاوي ينظر بعيني البطل فلا يرى إلّا مايراه (يتراجع إلى الخلف ....يمعن النظر فيما كتبه) و قد تتّحد شخصيّة البطل بشخصيّة الرّاوي كما في القسم الثاني من النص فيصبحان واحدا في حال غياب شخصيّة المنسيّ بالموت
* تتعلّق الرؤية السرديّة بسلوك البطل وتتغيّر عبر النصّ حسب نظام دقيق تضبطه حاجيّات القصّ.
-يلتزم الرّاوي الرؤية من خارج في مواقع الإيجاز فجهله يمكّنه من الإستغناء عن ذكر عدد من الظروف من شأنها أن تثقل سير الأحداث
-يلتزم الرؤية من الدّاخل إذا احتاج إلى تعليل سلوك الهو (المنسيّ) فيقدّم للقارىء من المعارف بقدر الذي يسمح بفهم حركة البطل
- أمّا الرؤية مع فيلتزمها كلّما هيّأ مفاجأة لا يمكن له فضحها و إلّا انتفى انشداد القارىء للنصّ فيكتمنا هويّة الميّت طيلة القسم الثاني من النصّ ولا نكتشف ذلك إلّا في آخر كلمة من آخر جملة من النصّ
تقوم القصّة على المراوحة بين أنواع الرؤيات السرديّة
- الرؤية الخارجيّة : (ينشغل بنزع الميّت ... / يتحرّك بخفّة .. / يتراجع إلى الخلف ... ) كأنّ الراوي لا يعلم شيئا من شأن المنسيّ و في ذلك لإيهام بالحياد
-الرؤية الدّاخليّة :(يعاون بهمّة متعهّدي الدّفن /لم يخطىء يوما في اسم أيّمن ذوي قرباه /ينتفش منخارا أنفه )كأنّ الرّاوي "إله عليم" بما يجول في باطن الشخصيّة محاولا سبر أغوارها من خلال أفعالها و أحوالها وقسمات وجهها (و كأنني أرى على وجههه الصفراوي الثعلبي الممصوص.....)
- الرؤية مع :ومن أماراتها في النصّ سيطرة ضمير الأنا في أغلب فقراته في مقابل ضمير الهو وفي هذه الرؤية تتساوى معرفة الرّاوي بمعرفة الشخصيّة فكأنّ الرّاوي ينظر بعيني البطل فلا يرى إلّا مايراه (يتراجع إلى الخلف ....يمعن النظر فيما كتبه) و قد تتّحد شخصيّة البطل بشخصيّة الرّاوي كما في القسم الثاني من النص فيصبحان واحدا في حال غياب شخصيّة المنسيّ بالموت
* تتعلّق الرؤية السرديّة بسلوك البطل وتتغيّر عبر النصّ حسب نظام دقيق تضبطه حاجيّات القصّ.
-يلتزم الرّاوي الرؤية من خارج في مواقع الإيجاز فجهله يمكّنه من الإستغناء عن ذكر عدد من الظروف من شأنها أن تثقل سير الأحداث
-يلتزم الرؤية من الدّاخل إذا احتاج إلى تعليل سلوك الهو (المنسيّ) فيقدّم للقارىء من المعارف بقدر الذي يسمح بفهم حركة البطل
- أمّا الرؤية مع فيلتزمها كلّما هيّأ مفاجأة لا يمكن له فضحها و إلّا انتفى انشداد القارىء للنصّ فيكتمنا هويّة الميّت طيلة القسم الثاني من النصّ ولا نكتشف ذلك إلّا في آخر كلمة من آخر جملة من النصّ
أهمّ الرؤيات وظيفة في هذا النصّ الرؤية مع بسبب كثرة استبطان الرّاوي لشخصيّة المنسيّ حتّى أنّها أصبحت بالنسبة إليه هاجسا فنراه يركّز عليه حيّا وميّتا ويتجلّى ذلك بوضوح من تحوّل الدّافن إلى مدفون على يد من كان يقبل العزاء سابقا وفي غياب المنسيّ نهائيّا من المشهد سيتحوّل الرّاوي الشخصيّة إلى "الأوّل في الرّعيل الثّاني "الذي يشرف على قبر ذوي قرباه بعد ان كان المنسيّ "آخر الرعيل الأوّل"من ذوي قرباه.و ما نستنجه أنّ هذا التواصل بين الأجيال وجد قبل المنسيّ وسيستمرّ بعده حتى وإن غاب جسديّا بالفعل فهو موجود وحاضر بالقوّة دائما وثنائيّة الحضور والغياب تلعب دورا أساسيّا في هذا النصّ ففي القسم الأوّل منه كان الرّاوي /الشخصيّة حاضرا بالقوّة كدافن غائب بالفعل والمنسيّ حاضر بالفعل كدافن وغائب بالقوّة لتنقلب المعادلة في القسم الثاني من النصّ إلى الضدّ وهذا إن دلّ على شيء فإنّما يدلّ على أنّ الحياة دول بين النّاس نأخذ منها نصيب ونؤدّي خلالها دور ليأتي آخرون يتسلّمون نصيبهم منها ويؤدّون أدوارهم المنوطة بهم وهكذا عود على بدء.
إذن التساوي في المعرفة بين الرّاوي الشخصيّة والشخصيّة البطلة أو أن يصبح الرّاوي هو الشخصيّة ذاتها فهذا ممّا يعنيه انّ كليهما واحد في الفعل والسلوك و المآل وهذا حسب رأيي ما يسعى الكاتب إلى تقريره في النفوس و إن أوهمنا في بعض ردهات النصّ أنّ الرّاوي يرغب في استبعاد سيطرة شخصيّة المنسيّ على تفكيره ونفسيّته (بينا أهرف بلا شيء../ يداخلني في كلّ مرّة شيء من الإشمئزاز..). لكن الواقع أنّه كان مشدودا إليه أوّلا بفعل القرابة الدّمويّة "فهو من أولي الأرحام "و هذا لاينسينا كوننا من رحم واحد قد تشقّق لعديد الأرحام لهذا لا يستطيع الرّاوي فكاكا من هذه الرّابطة لا في المستوى الضيّق" العائلة " و لا في المستوى الأعمّ الإنسانيّة" و ثانيا لرغبة في نفسه تتمثّل في تعليل سلوك المنسيّ الذي "لا أراه ولا يرانا إلّا في هذا المقام " مقام الدّفن بكلّ ما يوحي
به من مأساة تنهي وجود الإنسان الفردي في هذه الحياة و من هنا أخذت الرّاوي / الشخصيّة" دوّامة الحيرة في أمر هذا القريب الغريب" وطبيعة ما يضمره و الحيرة بداية التفكير الجدّي في سلوك المنسيّ المتكرّر مع وفاة كلّ قريب .هل يأتي المنسيّ هذا الفعل كعمل يرتزق منه ، لا أظنّ ليس في النصّ ما يدلّ على ذلك بل بالعكس ثمّة إشارات لمتعهّدي الدّفن والحانوتيّة وهو ليس منهم ، هل هو متطوّع عملا بالسنّة ورغبة في الثّواب ،هل هو درويش من الدّراويش مرتادي المقابر..لا شيء يوحي بذلك في النصّ لذلك يحتار الرّاوي و يحيّرنا معه لولا بعض غشارات متفرّقة هنا وهناك في النصّ تدلّ على أنّه يسلك هذا السلوك و يقوم بهذه الأفعال مع سابق إضمار و لغاية في النفس فهل تكون غايته : التدرّب على الموت حتّى يؤنّسه فيكون شيئا عاديّا وحدثا مالوفا لا هول فيه.
إذن التساوي في المعرفة بين الرّاوي الشخصيّة والشخصيّة البطلة أو أن يصبح الرّاوي هو الشخصيّة ذاتها فهذا ممّا يعنيه انّ كليهما واحد في الفعل والسلوك و المآل وهذا حسب رأيي ما يسعى الكاتب إلى تقريره في النفوس و إن أوهمنا في بعض ردهات النصّ أنّ الرّاوي يرغب في استبعاد سيطرة شخصيّة المنسيّ على تفكيره ونفسيّته (بينا أهرف بلا شيء../ يداخلني في كلّ مرّة شيء من الإشمئزاز..). لكن الواقع أنّه كان مشدودا إليه أوّلا بفعل القرابة الدّمويّة "فهو من أولي الأرحام "و هذا لاينسينا كوننا من رحم واحد قد تشقّق لعديد الأرحام لهذا لا يستطيع الرّاوي فكاكا من هذه الرّابطة لا في المستوى الضيّق" العائلة " و لا في المستوى الأعمّ الإنسانيّة" و ثانيا لرغبة في نفسه تتمثّل في تعليل سلوك المنسيّ الذي "لا أراه ولا يرانا إلّا في هذا المقام " مقام الدّفن بكلّ ما يوحي
به من مأساة تنهي وجود الإنسان الفردي في هذه الحياة و من هنا أخذت الرّاوي / الشخصيّة" دوّامة الحيرة في أمر هذا القريب الغريب" وطبيعة ما يضمره و الحيرة بداية التفكير الجدّي في سلوك المنسيّ المتكرّر مع وفاة كلّ قريب .هل يأتي المنسيّ هذا الفعل كعمل يرتزق منه ، لا أظنّ ليس في النصّ ما يدلّ على ذلك بل بالعكس ثمّة إشارات لمتعهّدي الدّفن والحانوتيّة وهو ليس منهم ، هل هو متطوّع عملا بالسنّة ورغبة في الثّواب ،هل هو درويش من الدّراويش مرتادي المقابر..لا شيء يوحي بذلك في النصّ لذلك يحتار الرّاوي و يحيّرنا معه لولا بعض غشارات متفرّقة هنا وهناك في النصّ تدلّ على أنّه يسلك هذا السلوك و يقوم بهذه الأفعال مع سابق إضمار و لغاية في النفس فهل تكون غايته : التدرّب على الموت حتّى يؤنّسه فيكون شيئا عاديّا وحدثا مالوفا لا هول فيه.
ج_ أوضاع القصّ
تنتهج الحكاية اساسا الأسلوب غير المباشر وهي القاعدة في الأدب القصصي ولكنّها سلكت الأسلوب المباشر في موقعين وفي المرّتين كان السرد اشبه بالحوار الباطني ليكشف لنا موقف الرّاوي /الشخصيّة من البطل المنسيّ فهو بين اشمئزاز ونفور من هيأته وسلوكه لأنّه بالنسبة إليه مرادف للموت و العدم ولهذا عبّر عن كراهيّته لتلك اللحظات التي يجتمع به فيها وكأنّه نذير شؤم وسوء وبين الحيرة في غرابة سلوكه وطبيعة ما يضمر
- في الموقع الأوّل يؤدّي الأسلوب المباشر وظيفة دراميّة : تكشف عن موقف الرّاوي من البطل كإنسان من لحم ودم أسهب في رسم ملامحه المحيلة على المرض (وجهه الصفراوي) والمكر (الثعلبي) والسخريّة (ابتسامة خفيّة)
- و في الموقع الثاني يؤدّي وظيفة فكربّة تتجاوز الظاهر إلى الباطن من الأمو وهي البحث في علل هذا التصرّف المتكرّر من المنسيّ ولا نعتقد أنّ الرّاوي /الشخصيّة وقف على رأي يرضيه إنّما تعمّقت حيرته فعمل قدر استطاعته على استبعاد المنسيّ ومن ورائه الموت المحيل عليه بإحكام غلق القبر حتى تمنى أن يضاف إلى الخرسانة الحدبد رغبة في الإنتصار على الموت ولو بعض الوقت بقبر من يمثّله ويرمز إليه.
تنتهج الحكاية اساسا الأسلوب غير المباشر وهي القاعدة في الأدب القصصي ولكنّها سلكت الأسلوب المباشر في موقعين وفي المرّتين كان السرد اشبه بالحوار الباطني ليكشف لنا موقف الرّاوي /الشخصيّة من البطل المنسيّ فهو بين اشمئزاز ونفور من هيأته وسلوكه لأنّه بالنسبة إليه مرادف للموت و العدم ولهذا عبّر عن كراهيّته لتلك اللحظات التي يجتمع به فيها وكأنّه نذير شؤم وسوء وبين الحيرة في غرابة سلوكه وطبيعة ما يضمر
- في الموقع الأوّل يؤدّي الأسلوب المباشر وظيفة دراميّة : تكشف عن موقف الرّاوي من البطل كإنسان من لحم ودم أسهب في رسم ملامحه المحيلة على المرض (وجهه الصفراوي) والمكر (الثعلبي) والسخريّة (ابتسامة خفيّة)
- و في الموقع الثاني يؤدّي وظيفة فكربّة تتجاوز الظاهر إلى الباطن من الأمو وهي البحث في علل هذا التصرّف المتكرّر من المنسيّ ولا نعتقد أنّ الرّاوي /الشخصيّة وقف على رأي يرضيه إنّما تعمّقت حيرته فعمل قدر استطاعته على استبعاد المنسيّ ومن ورائه الموت المحيل عليه بإحكام غلق القبر حتى تمنى أن يضاف إلى الخرسانة الحدبد رغبة في الإنتصار على الموت ولو بعض الوقت بقبر من يمثّله ويرمز إليه.
د- حضور المتلفّظ
يكشف الرّاوي عن حضوره في عدد كبير من التدخّلات (ينضغل بنزع الميّت../يعدّ خليط الرّمال ور المتلفّظ.../ليسطّر بخطّ نسخ رديء..)
بهذه التدخّلات يعمد الرّاوي إلى الإخبار المباشر فيقدّم للقارىء من المعلومات الجاهزة ما قد يحتاج إليه لمعرفة الدّقائق والخفايا و النّوايا والأغراض .
- في مواضع التدخّل يتميّز الخطاب عن السرد فتخرج علاقة الرّاوي بالقارىء من الخفاء إلى الجلاء و تظلّ تدخّلات الرّاوي في هذا النصّ حسب رأينا غير محايدة تتعلّق بذاتيّة المتكلّم أكثر ما تتعلّق بموضوع الكلام فهي تدخّلات لقصد التعبير لا لقصد الإعلام لأنّ كيفيّة دفن الميّت ولحده يعرفها القاصي والدّاني مسلمين كانوا أم غير مسلمين فهذه التدخّلات بقدر ما تعرّف بالأشياء المعروفة لدى المتلقّي ظاهريّا فإنّها في الباطن تعبّر عن وجدان حسّاس جدّا و عقل واع لقضيّة الموت الرّاصد للإنسان لهذا قال ابن عبد ربّه الأندلسي "إذا كان الموت راصدا فالطمأنينة حمق" فهل نحن حمقى؟ لأنّنا مطمئنّون ناسون للموت والمفكّر والعاقل الوحيد فينا وبيننا هو المنسيّ.
ت-سجلّات القول
في هذا النصّ لا وجود لمستويات لغويّة متعدّدة فالكلام ذو سجلّ واحدهو سجلّ الفصحى وقد استعملها الكاتب في النصّ حسب بلاغة معيّنة : أسلوب الأستاذ سمير عصر "السهل –الواضح و أضيف الممتنع على بعض الكتّاب وهو ممتنع لأنّه حمّال دلالات ، أمّا المعجم فألفاظه متداولة لا غريب فيها ولا تعقيد .
-نسبة المحسوسات فيها مسيطرة سيطرة مطلقة و أكثر من نسبة المجرّدات لأنّ قصّة المنسيّ قصّة أحداث تتكرّر في المكان والزمان مطلقا لا قصّة شخصيّة و تتركّب حركتها من الأفعال الماديّة أكثر ممّا تتركّب من الإنفعالات النفسيّة وتجري على ركح الخارج (الدنيا أكثر ممّا تجري على ركح الدّاخل (الضمير)
*جدول المجرّدات
مصطلح الغيب:الملكين
مصطلح المشاعر:الرّضا /الإشمئزاز /النفور /كرهت /الحيرة /دهشتي
حضور ضعيف لهذا الجدول يصف الأحوال ويبيّن المواقف
*جدول المحسوسات
مصطلح الإنسان:
عالم الأحياء(متعهّدي الدفن /الحانوتية /آخر المشيّعين) ما نلاحظه اقترانها بعالم الأموات
عالم الأموات (الدفين / المتوفّي/ المتوفين/ قاطن القبر) ما نلاحظه اكتساح عالم الموت لعالم الحياة كما نستنتج اقتصار الأسماء على الأعيان دون تخصيص (المعنى العام)لأنّ الفكرة مطلقة وليست مقيّدة.
وهناك ما يقترن بمصطلح الإنسان من معاني العمران : الطّوب/الآجر/ الجدار/الحصاة/ الرمال/الإسمنت/ الخرسانة/ الحديد) وكلّها مواد تشييد و إعمار وبناء أي مواد حياة وحضارة لكنّها قيّدت في النص بكلمة القبرالتي تواترت 11 مرّة على قصر النصّ فجرّدت من دلالاتها على الحياة و أحالت على الموت وهذا ما يذكّرني بما يقوله بعضنا عندما يعزم على بناء مسكن "أبني قبر دار الدنيا" و كأنّ عالم الأحياء مقبرة كبيرة وهنا أستحضر أبيات أبى العتاهية و لعلّ الكاتب كان يستحضرها وهو يكتب نصّه :لدوا للموت وابنوا للخراب فكلّكمُ يصير إلى تباب
لمن نبني ونحن إلى تراب نعود كما خلقنا من تراب
*التراكيب
قليلة التشعيب ،ميل إلى الجمل الفعليّة البسيطة المترابطة بحروف الوصل والإستتباع والترتيب كالولو والفاء وثمّ و أحيانا الإعتماد بكثرة على الجمل الإبتدائية دون الجمل المعترضة أو الموصوليّة –و إن نما التركيب أحيانا فبالصفة أو الحال أو الغاية ومع اقتصاد ملحوظ ، ويعتبر هذا من أبرز مظاهر النظم في هذا النصّ إذ يتلاءم مع ترتيب الأحداث التعاقبي زمنيّا و كأنّه يشي بأنّ حياة الإنسان مآلها وخاتمتها الفناء و كما يقول محمود المسعدي الكاتب التونسي " الحياة كون واستحالة ومأساة"و الكاتب أوجز في نصّه لأنّه سكت عن مرحلة الكون(الميلاد) ولم يشر إليها وكذلك فعل مع مرحلة الإستحالة(التحوّل من حال إلى أخرى) واكتفى بمرحلة المأساة .. و هكذا تكون حياة الإنسان قصّة (وضع بداية وسياق تحوّل فوضع ختام).
*البلاغة
نزعة غالبة إلى الإيجاز و يعني هذا تركيزا على كلّيات المعاني
-بعض الإطناب في مواضع التأثير و خاصّة في إحكام إغلاق القبرعلى الميّت
-اقتصاد في الوصف إذ تنعت الكائنات والشياء بنعوت حقيقية لا يداخلها خيال
* عريان الكلام :لا خيال ولا مجاز فاللاغة متقشّفة تعتمد السهولة و البساطة بقصد الأداء الواضح و يرتبط ذلك بالغاية من النصّ وهي التوعية والتحسيس بفاجعة الموت لأنّه الحقيقة الثابتة في وجود الإنسان فلا حديث عن الغيب أو البعث أو أيّ مسائل أخرى
-خرق النظام
بين النصّ وما نعتقده توتّر ملحوظ فالنصّ يدفعنا دفعا إلى تذكّر الموت في كلّ آن وحين ونحن نتناساه كحقيقة ثابتة في وجودنا لا يمكن التغافل عنها ومصدرها الإحساس العميق بهذه الفاجعة وهو ما يعاكس ما نحتاج إليه –لكي نعيش-من تفاؤل عميق فسبب التوتّر إذن مناقضة النصّ لإيماننا بالحياة لهذا في النصّ نزعة تشاؤميّة لكنّها لا تتجلّى بوضوح و أحسن ما أختم به هذا العرض أبيات أهديها لكاتب النصّ تتفاعل مع نصّه" المنسيّ من قصيد لي بعنوان "كنتُ مثلك" يحاور فيه ميّت حيّ
يكشف الرّاوي عن حضوره في عدد كبير من التدخّلات (ينضغل بنزع الميّت../يعدّ خليط الرّمال ور المتلفّظ.../ليسطّر بخطّ نسخ رديء..)
بهذه التدخّلات يعمد الرّاوي إلى الإخبار المباشر فيقدّم للقارىء من المعلومات الجاهزة ما قد يحتاج إليه لمعرفة الدّقائق والخفايا و النّوايا والأغراض .
- في مواضع التدخّل يتميّز الخطاب عن السرد فتخرج علاقة الرّاوي بالقارىء من الخفاء إلى الجلاء و تظلّ تدخّلات الرّاوي في هذا النصّ حسب رأينا غير محايدة تتعلّق بذاتيّة المتكلّم أكثر ما تتعلّق بموضوع الكلام فهي تدخّلات لقصد التعبير لا لقصد الإعلام لأنّ كيفيّة دفن الميّت ولحده يعرفها القاصي والدّاني مسلمين كانوا أم غير مسلمين فهذه التدخّلات بقدر ما تعرّف بالأشياء المعروفة لدى المتلقّي ظاهريّا فإنّها في الباطن تعبّر عن وجدان حسّاس جدّا و عقل واع لقضيّة الموت الرّاصد للإنسان لهذا قال ابن عبد ربّه الأندلسي "إذا كان الموت راصدا فالطمأنينة حمق" فهل نحن حمقى؟ لأنّنا مطمئنّون ناسون للموت والمفكّر والعاقل الوحيد فينا وبيننا هو المنسيّ.
ت-سجلّات القول
في هذا النصّ لا وجود لمستويات لغويّة متعدّدة فالكلام ذو سجلّ واحدهو سجلّ الفصحى وقد استعملها الكاتب في النصّ حسب بلاغة معيّنة : أسلوب الأستاذ سمير عصر "السهل –الواضح و أضيف الممتنع على بعض الكتّاب وهو ممتنع لأنّه حمّال دلالات ، أمّا المعجم فألفاظه متداولة لا غريب فيها ولا تعقيد .
-نسبة المحسوسات فيها مسيطرة سيطرة مطلقة و أكثر من نسبة المجرّدات لأنّ قصّة المنسيّ قصّة أحداث تتكرّر في المكان والزمان مطلقا لا قصّة شخصيّة و تتركّب حركتها من الأفعال الماديّة أكثر ممّا تتركّب من الإنفعالات النفسيّة وتجري على ركح الخارج (الدنيا أكثر ممّا تجري على ركح الدّاخل (الضمير)
*جدول المجرّدات
مصطلح الغيب:الملكين
مصطلح المشاعر:الرّضا /الإشمئزاز /النفور /كرهت /الحيرة /دهشتي
حضور ضعيف لهذا الجدول يصف الأحوال ويبيّن المواقف
*جدول المحسوسات
مصطلح الإنسان:
عالم الأحياء(متعهّدي الدفن /الحانوتية /آخر المشيّعين) ما نلاحظه اقترانها بعالم الأموات
عالم الأموات (الدفين / المتوفّي/ المتوفين/ قاطن القبر) ما نلاحظه اكتساح عالم الموت لعالم الحياة كما نستنتج اقتصار الأسماء على الأعيان دون تخصيص (المعنى العام)لأنّ الفكرة مطلقة وليست مقيّدة.
وهناك ما يقترن بمصطلح الإنسان من معاني العمران : الطّوب/الآجر/ الجدار/الحصاة/ الرمال/الإسمنت/ الخرسانة/ الحديد) وكلّها مواد تشييد و إعمار وبناء أي مواد حياة وحضارة لكنّها قيّدت في النص بكلمة القبرالتي تواترت 11 مرّة على قصر النصّ فجرّدت من دلالاتها على الحياة و أحالت على الموت وهذا ما يذكّرني بما يقوله بعضنا عندما يعزم على بناء مسكن "أبني قبر دار الدنيا" و كأنّ عالم الأحياء مقبرة كبيرة وهنا أستحضر أبيات أبى العتاهية و لعلّ الكاتب كان يستحضرها وهو يكتب نصّه :لدوا للموت وابنوا للخراب فكلّكمُ يصير إلى تباب
لمن نبني ونحن إلى تراب نعود كما خلقنا من تراب
*التراكيب
قليلة التشعيب ،ميل إلى الجمل الفعليّة البسيطة المترابطة بحروف الوصل والإستتباع والترتيب كالولو والفاء وثمّ و أحيانا الإعتماد بكثرة على الجمل الإبتدائية دون الجمل المعترضة أو الموصوليّة –و إن نما التركيب أحيانا فبالصفة أو الحال أو الغاية ومع اقتصاد ملحوظ ، ويعتبر هذا من أبرز مظاهر النظم في هذا النصّ إذ يتلاءم مع ترتيب الأحداث التعاقبي زمنيّا و كأنّه يشي بأنّ حياة الإنسان مآلها وخاتمتها الفناء و كما يقول محمود المسعدي الكاتب التونسي " الحياة كون واستحالة ومأساة"و الكاتب أوجز في نصّه لأنّه سكت عن مرحلة الكون(الميلاد) ولم يشر إليها وكذلك فعل مع مرحلة الإستحالة(التحوّل من حال إلى أخرى) واكتفى بمرحلة المأساة .. و هكذا تكون حياة الإنسان قصّة (وضع بداية وسياق تحوّل فوضع ختام).
*البلاغة
نزعة غالبة إلى الإيجاز و يعني هذا تركيزا على كلّيات المعاني
-بعض الإطناب في مواضع التأثير و خاصّة في إحكام إغلاق القبرعلى الميّت
-اقتصاد في الوصف إذ تنعت الكائنات والشياء بنعوت حقيقية لا يداخلها خيال
* عريان الكلام :لا خيال ولا مجاز فاللاغة متقشّفة تعتمد السهولة و البساطة بقصد الأداء الواضح و يرتبط ذلك بالغاية من النصّ وهي التوعية والتحسيس بفاجعة الموت لأنّه الحقيقة الثابتة في وجود الإنسان فلا حديث عن الغيب أو البعث أو أيّ مسائل أخرى
-خرق النظام
بين النصّ وما نعتقده توتّر ملحوظ فالنصّ يدفعنا دفعا إلى تذكّر الموت في كلّ آن وحين ونحن نتناساه كحقيقة ثابتة في وجودنا لا يمكن التغافل عنها ومصدرها الإحساس العميق بهذه الفاجعة وهو ما يعاكس ما نحتاج إليه –لكي نعيش-من تفاؤل عميق فسبب التوتّر إذن مناقضة النصّ لإيماننا بالحياة لهذا في النصّ نزعة تشاؤميّة لكنّها لا تتجلّى بوضوح و أحسن ما أختم به هذا العرض أبيات أهديها لكاتب النصّ تتفاعل مع نصّه" المنسيّ من قصيد لي بعنوان "كنتُ مثلك" يحاور فيه ميّت حيّ
كُنْتُ مِثْلَكْ
كُنْتُ أَمْشِي نَاسِيًا أَنِّي أَزُول
كَمْ مَشَيْتُ خَلْفَ نَعْش بَاهِتَ العَيْنِ حَزِين
ثُمَّ عُدْتُ ضَاحِكًــــــــــــا طَلْــقَ الجَبيـــنْ
مِثْلُكَ الآنَ أَمَامِي قَدْ تُبَاكِيـــــــكَ الشُّجُون
ثُمَّ تَمْشِي ناسِيًا ذَاتَ يَوْمٍ قَدْ تَكُــــــــــــون
مِثْلَمَا أَنْتَ تَرَانِي بَيْنَ صَخْـــــــرٍ وَ طُيُونْ
شَقْفَ عَظْمٍ جَرَّفَتْ قَبْرًا سُيُول
أَنْتَ مِثْلِي
كُنْتَ زَهْرًا ، كَيْفَ تَنْسَى أَنَّ للزَّهْرِ ذُبُولْ
أحمـــــــــــد بوقراعة
كُنْتُ أَمْشِي نَاسِيًا أَنِّي أَزُول
كَمْ مَشَيْتُ خَلْفَ نَعْش بَاهِتَ العَيْنِ حَزِين
ثُمَّ عُدْتُ ضَاحِكًــــــــــــا طَلْــقَ الجَبيـــنْ
مِثْلُكَ الآنَ أَمَامِي قَدْ تُبَاكِيـــــــكَ الشُّجُون
ثُمَّ تَمْشِي ناسِيًا ذَاتَ يَوْمٍ قَدْ تَكُــــــــــــون
مِثْلَمَا أَنْتَ تَرَانِي بَيْنَ صَخْـــــــرٍ وَ طُيُونْ
شَقْفَ عَظْمٍ جَرَّفَتْ قَبْرًا سُيُول
أَنْتَ مِثْلِي
كُنْتَ زَهْرًا ، كَيْفَ تَنْسَى أَنَّ للزَّهْرِ ذُبُولْ
أحمـــــــــــد بوقراعة
---------------------
النص:
مَنْسِيٌّ.
من أُولِي الأرحامِ المنسيين، لا أتذكرُه ولا أراه أو يرانا إلّا في هذا المقام.
يظهر فجأةً، مُتجسدًا في الفراغ؛ ألمحُه للوَهْلة الأولى مُقبلًا عليّ؛ يصافحُني بيدٍ باردةٍ؛ يُلصقُ على عجلٍ خدّيه بخدّي على التتابعِ مرددًا اسمي مُعزّيًا، بَيْنَما أهرِف بلا شيء، ورائحةُ الحَنوطِ المُريبةِ المنبعثةِ من لحيتِه الخفيفة تتسلّلُ إلى خياشيمي.
ينشغِل بنزعِ المَيْتِ من النَّعْشِ؛ يشاركُ في تغييبِه في القبر؛ ثُم بعد ذلك؛ يُعاوِنُ بهمّةٍ مُتعهّدي الدّفنِ في غَلقِ القبرِ بالآجِر والخَرَسانة.
يتحرّكُ بخفّةٍ ونشاطٍ في بَدلته الصّيفيةِ النظيفةِ الكالحةِ، ومَداسِه المُهترئ المُطيَّنِ؛ يُعِدّ خليطَ الرّمال والأسمنت؛ يُناولُ قالبًا من الطّوب، حتى آخرِ قطعةٍ من الآجر تُناسبُ تمامًا آخرَ ثغْرةٍ في الجدار الذي يَفصِل بين الدَّفينِ وعالمِ الأحياء. بحِرصٍ وعِنَايَة؛ يتأكّد من تمام اِنسِدادِ فُوَّهةِ القبْر.
بعد الدّعاءِ للمُتَوَفًّى وانصرافِ آخرِ المشيِّعين؛ ودائمًا ما أتخلّفُ قليلًا للدُّعاءِ منفردًا، يتناولُ حصاةً يغرسُها في جدار القبْر الطّريِّ ليُسطّرَ بخطِّ نسْخٍ رديء: انتقلَ إلى رحمةِ الله تعالى في جُمادى . . الموافق . . سنة . .؛ ثُم يُعقِبُ ذلك باسمِ المُتَوَفّى.
يتراجعُ إلى الخلفِ قليلّا دون أن ينظرَ تُجاهي، يُمعِنُ النظرَ فيما كتبَه وقد اِكْتَسَى وجهُه بأمارات الرضا.
لمْ يُخطئْ أبدًا في اسم أيٍّ من ذوي قُرباهِ المتوفين؛ يكتبُه دَومًا رُباعيًا مُذيَّلًا بلقبِ العائلة.
يُداخِلني في كل مرّةٍ شيءُ من الاشمئزازِ والنّفورِ، وكأنني أرى على وجهه الصّفراوي الثعلبيّ الممصوصِ ابتسامةً خفيّةً وهو يُتمّمُ بيده ويربّتُ على الجدار ليتأكّد من تمامِ غلقِ القبر على قاطنِه، ينْتفِش منخارا أنفِه ويرتفعُ حاجباهُ وهو يتناولُ الحصاة التي يَخطُّ بها تاريخَ الوفاةِ واسم المُتَوَفّى؛ . . . كان آخر الرَّعيلِ الأَوّل من ذوي قرباه.
لطالما كرِهتُ تلك اللحظات، وأخذتْني دوّامةٌ من الحِيرَةِ في أمر هذا القريبِ الغريبِ وطبيعة ما يُضمِره، تمنّيت أن أموتَ وأْدفنَ بعيدًا.
لأول مرّة، كان عليّ التّبكيرُ لفتحِ فُوَّهةِ قبرٍ في حَوزتنا، لتهويتِه وإعدادِه بفرشِ الرّمال في أرضيّته.
هيّأت أمام القبر مِقطفين من الرمال، ونصفَ جِوالٍ من الأسمنت، ودلوًا مملوءًا بالماء، وكميةً لا بأس بها من الآجر.
تمت بسرعةٍ عمليةُ تغييب المُتَوَفّى في القبر، وقد بَدا في كفَنهِ هزيلًا ضئيلًا، وبينما كان يُلقِنُه أحدُهم داخلَ القبر بما يُجيبُ به المَلَكَيْن حين يسألانِه، أمرتُ بإعدادِ الخَرسانةِ بخلطِ الرمال بالأسمنت؛ وأشرتُ بأن تُزاد كميةُ الأسمنت في الخليط، ودِدْتُ لو كانت الخَرسانةُ مُسلّحةً بأسياخِ الحَديد.
ناولتُ الحانوتيَّة بنفسي بهِمّة قوالبَ الطوب، نبّهتهم أن يكون الجدارُ بعرضِ طوبةٍ كاملةٍ. لم يَفُتْني سَدُّ الثّغرةِ الأخيرة.
مرّرتُ بكفي بارتياحٍ أتمّمُ وأربِّتُ على الجدار للتأكدِ من تمام انسدادِ فُوّهةِ القبرِ، تنفّستُ الصُّعداء.
بعد انصرافِ آخرِ المشيّعين، دُرتُ أبحثُ عن حصاةٍ لأخُطَّ بها على جدار القبر تاريخَ الوفاة، انتفشَ منخارا أنفي؛ وارتفع حاجبايَ وتهيّأتُ؛ ولكم كانت دهشَتي بالغةً عندما اكتشفتُ أنّني لا أذكرُ اسمَ المَنْسِيّ.
من أُولِي الأرحامِ المنسيين، لا أتذكرُه ولا أراه أو يرانا إلّا في هذا المقام.
يظهر فجأةً، مُتجسدًا في الفراغ؛ ألمحُه للوَهْلة الأولى مُقبلًا عليّ؛ يصافحُني بيدٍ باردةٍ؛ يُلصقُ على عجلٍ خدّيه بخدّي على التتابعِ مرددًا اسمي مُعزّيًا، بَيْنَما أهرِف بلا شيء، ورائحةُ الحَنوطِ المُريبةِ المنبعثةِ من لحيتِه الخفيفة تتسلّلُ إلى خياشيمي.
ينشغِل بنزعِ المَيْتِ من النَّعْشِ؛ يشاركُ في تغييبِه في القبر؛ ثُم بعد ذلك؛ يُعاوِنُ بهمّةٍ مُتعهّدي الدّفنِ في غَلقِ القبرِ بالآجِر والخَرَسانة.
يتحرّكُ بخفّةٍ ونشاطٍ في بَدلته الصّيفيةِ النظيفةِ الكالحةِ، ومَداسِه المُهترئ المُطيَّنِ؛ يُعِدّ خليطَ الرّمال والأسمنت؛ يُناولُ قالبًا من الطّوب، حتى آخرِ قطعةٍ من الآجر تُناسبُ تمامًا آخرَ ثغْرةٍ في الجدار الذي يَفصِل بين الدَّفينِ وعالمِ الأحياء. بحِرصٍ وعِنَايَة؛ يتأكّد من تمام اِنسِدادِ فُوَّهةِ القبْر.
بعد الدّعاءِ للمُتَوَفًّى وانصرافِ آخرِ المشيِّعين؛ ودائمًا ما أتخلّفُ قليلًا للدُّعاءِ منفردًا، يتناولُ حصاةً يغرسُها في جدار القبْر الطّريِّ ليُسطّرَ بخطِّ نسْخٍ رديء: انتقلَ إلى رحمةِ الله تعالى في جُمادى . . الموافق . . سنة . .؛ ثُم يُعقِبُ ذلك باسمِ المُتَوَفّى.
يتراجعُ إلى الخلفِ قليلّا دون أن ينظرَ تُجاهي، يُمعِنُ النظرَ فيما كتبَه وقد اِكْتَسَى وجهُه بأمارات الرضا.
لمْ يُخطئْ أبدًا في اسم أيٍّ من ذوي قُرباهِ المتوفين؛ يكتبُه دَومًا رُباعيًا مُذيَّلًا بلقبِ العائلة.
يُداخِلني في كل مرّةٍ شيءُ من الاشمئزازِ والنّفورِ، وكأنني أرى على وجهه الصّفراوي الثعلبيّ الممصوصِ ابتسامةً خفيّةً وهو يُتمّمُ بيده ويربّتُ على الجدار ليتأكّد من تمامِ غلقِ القبر على قاطنِه، ينْتفِش منخارا أنفِه ويرتفعُ حاجباهُ وهو يتناولُ الحصاة التي يَخطُّ بها تاريخَ الوفاةِ واسم المُتَوَفّى؛ . . . كان آخر الرَّعيلِ الأَوّل من ذوي قرباه.
لطالما كرِهتُ تلك اللحظات، وأخذتْني دوّامةٌ من الحِيرَةِ في أمر هذا القريبِ الغريبِ وطبيعة ما يُضمِره، تمنّيت أن أموتَ وأْدفنَ بعيدًا.
لأول مرّة، كان عليّ التّبكيرُ لفتحِ فُوَّهةِ قبرٍ في حَوزتنا، لتهويتِه وإعدادِه بفرشِ الرّمال في أرضيّته.
هيّأت أمام القبر مِقطفين من الرمال، ونصفَ جِوالٍ من الأسمنت، ودلوًا مملوءًا بالماء، وكميةً لا بأس بها من الآجر.
تمت بسرعةٍ عمليةُ تغييب المُتَوَفّى في القبر، وقد بَدا في كفَنهِ هزيلًا ضئيلًا، وبينما كان يُلقِنُه أحدُهم داخلَ القبر بما يُجيبُ به المَلَكَيْن حين يسألانِه، أمرتُ بإعدادِ الخَرسانةِ بخلطِ الرمال بالأسمنت؛ وأشرتُ بأن تُزاد كميةُ الأسمنت في الخليط، ودِدْتُ لو كانت الخَرسانةُ مُسلّحةً بأسياخِ الحَديد.
ناولتُ الحانوتيَّة بنفسي بهِمّة قوالبَ الطوب، نبّهتهم أن يكون الجدارُ بعرضِ طوبةٍ كاملةٍ. لم يَفُتْني سَدُّ الثّغرةِ الأخيرة.
مرّرتُ بكفي بارتياحٍ أتمّمُ وأربِّتُ على الجدار للتأكدِ من تمام انسدادِ فُوّهةِ القبرِ، تنفّستُ الصُّعداء.
بعد انصرافِ آخرِ المشيّعين، دُرتُ أبحثُ عن حصاةٍ لأخُطَّ بها على جدار القبر تاريخَ الوفاة، انتفشَ منخارا أنفي؛ وارتفع حاجبايَ وتهيّأتُ؛ ولكم كانت دهشَتي بالغةً عندما اكتشفتُ أنّني لا أذكرُ اسمَ المَنْسِيّ.
التسميات: دراسات
1 تعليقات:
This is just a beautiful and well elaborated write up.
Its very interesting and I will definitely wanna to read more from you.
Let us look race horses and camels and in general animals health care matters. We bring you great and original supplements and supplies for horses , camels and other livestock for a well and healthy welbeing
Buy Cortamethasone For Horses
Rpm-21 10ml Injection For Camels
Buy Bio Blocker 100ml Injection Online
Buy Dexalone Solution For Camles
Equioxx Firocoxib For Horses
Diurizone 50ml Injection For Horses
Dexaphenylarthrite 100ml For Camels
Time Fast 50ml Breathing & Endurance Supplement
Dexacortyl 100ml Anti-inflammatory For Horses and Camels
إرسال تعليق
الاشتراك في تعليقات الرسالة [Atom]
<< الصفحة الرئيسية