قصة قصيرة بعنوان " دخان أسود " للأديبة المصرية / إيناس سيد جعيتم
دخانٌ أسود
قصة قصيرة
إيناس سيد جعيتم / مصر
كمهرٍ صغيرٍ يتقافزُ فرحًا كان يجري وسط الحقولِ الخضراءِ، متعلقةً عيناه بزوجتِه التي تسبقه بأمتارٍ، يتبعها صوتُ ضحكاتِها، تلتفت له،
فتح عينيه فجأةً وانتفض جالسًا ممسكًا بصدرهِ في ألم ، كاد كتابُ (محمود درويش) الذي وضعه تحت رأسهِ ان يسقط فأمسكه بلهفةٍ ووضعه على حافةِ السور، دوار رأسهِ يجعلُها تميل تحت ثقلِ الخوذة، يحاول بلعَ ريقهِ فيستعصى عليه إلا من لزوجةٍ مرةٍ تغلف حلقَه..
«سأصنع أحلامي من كفافِ يومي؛ لأتجنبَ الخيبة»
يرفع زجاجةَ المياهِ الفارغةَ ويرجُها، تأبى شفتاه المتشققتان على الابتسام، يلقيها أرضًا باستسلام، خمسةُ أيامٍ مذ تركوه فوق هذا البرجِ ليقضي مناوبتَه في الحراسةِ التي عادةً ما تستمر لاثنتي عشر ساعة، عقلهُ المشوشُ يخلط الأحداثَ في سيرياليةٍ مبهرجة، تمزج صوتَ أمهِ بآخر ما سمع من جهازِ اللاسلكي قبل أن تنفدَ بطارياته:
شششش..موقعك..خطوطنا....تعود لي..ششششش.العدو....حبيبي..لازم... شششششش...
وكلمات درويش.
وكلمات درويش.
تلعق الهلاوسُ عقلَه على مهلِ، يخيلُ إليه أنه يرى أحدهَم قادمًا، يعتدل في جلستِه ويمسك بمنظارهِ المكبرِ بيدين مرتعشتين وينظر فيه، إنها صغيرتُه تجري فوق الرمالِ هناك، يمد يدَه ليمسكها فيسقط المنظارُ منهما، يخشى أن يغمضَ عينيه فيسقط في الهوةِ السحيقةِ التي تلازمت والنوم ِ لديه، شارفت الشمسُ على المغيبِ، تعجب من لهفتِه لحلولِ الظلامِ وما يرافقُه من إحاطةِ قطيعٌ من الذئابِ للبرج، في الليلةِ السابقةِ شاركهم العواءَ وبكاهم وهم ينصرفون، لا يقوى ذراعاه اللذان اعتادا حمل الفأسَ على حمل البندقية، ماعاد يهمه أيأتيه عدوٌ أم صديق، تكالب عليه العطشُ والجوعُ و... الوحشة، أمسك الكتابَ ووضعه خلف رأسه، أغمض عينيه وهاجرت روحُه إليهم، الحقلُ الأخضر.. زوجتُه الضاحكةُ تسبقه.. ضحكاتُ صغيرتِه ووالدته.. وتنقطع الأرض.. ويسقط...
يهوي في طمأنينةٍ وراحةٍ مودعًا الشمس، يهذي بكلماتٍ لا يعرف من أين أتته:
«ستنتهي الحربُ..
ويتصافح القادةُ..
وتتبقى تلك العجوزُ تنتظر ولدهَا الشهيدَ
وتلك الفتاةُ تنتظر زوجَها الحبيبَ
وأولائك الأولادُ ينتظرون والدَهم البطلَ
لا أعلم من باع الوطن
ولكنني رأيت من دفع الثمن».
إيناس سيد جعيتم
مصر
يهوي في طمأنينةٍ وراحةٍ مودعًا الشمس، يهذي بكلماتٍ لا يعرف من أين أتته:
«ستنتهي الحربُ..
ويتصافح القادةُ..
وتتبقى تلك العجوزُ تنتظر ولدهَا الشهيدَ
وتلك الفتاةُ تنتظر زوجَها الحبيبَ
وأولائك الأولادُ ينتظرون والدَهم البطلَ
لا أعلم من باع الوطن
ولكنني رأيت من دفع الثمن».
إيناس سيد جعيتم
مصر
التسميات: قصة قصيرة
1 تعليقات:
❤️❤️❤️❤️💗
إرسال تعليق
الاشتراك في تعليقات الرسالة [Atom]
<< الصفحة الرئيسية