قصة قصيرة للأديب نبيل النجار - مدونة واحة القصة القصيرة
قصة قصيرة واحدة، ومعالجتان
للأديب : نبيل النجار / سوريا
![]() |
نبيل النجار |
شقيق الكساد كان ورديف الملل، تسلية التجار وأولادهم، عصبي كجرذ وقع في
مصيدة كصرصار يلاحقه خف،يدخل السوق صباحاً بثيابه المهلهلة ذات الماركات العالمية
الشهيرة!.
ـ أبو زبلة..تعال،الشاي جاهز، يناديه أحدهم.
يرفع يده بحركة بذيئة: صرت تشرب شاي على حظي يلعن أبوك النتن.
يسارع تجار السوق إلى خارج محلاتهم ضاحكين
ـ تعال صياح قهوتك جاهزة، يناديه آخر.
ـ سمعت ..قهوة.. الناس الأكابر تشرب قهوة.
يمط شفتيه بقرف ويخرج لفافة تبغ طويلة يشعلها وهو يضع رجلاً على رجل .
حذاؤه المعوجة مقدمته كحذاء السندباد كان ملمعاً وكبيراً جداً على قدميه.
ـ ايييه ماهذه الشخصية المحترمة ياصياح والله أحسن من رئيس وزراء.
ـ اشتريت هذه البزة أم سرقتها أبو زبلة؟
ـ نفض رماد لفافته بعصبية: هذه أهدتني إياها أمك ياإبن الشرمو...
تعالت الضحكات لتجتذب مزيداً من المشاركين، هم يعلمون أنه يغضب من هذا اللقب.
ـ حلوا عن سمانا، كل واحد إلى محله، صاح بهم وقد تغضن وجهه الأسمر: لايوجد سينما هنا ولاراقصات، هيا كل واحد إلى عمله،أولاد القحاب.
تدخل صاحب المحل: إنتهينا ياجماعة دعوا صياح يشرب قهوته بمزاج.
انفض الجمع تقريباً بقي ثلاثة حول الطاولة.
مال التاجر على صديقه، سأله بصوت فوق الهمس بقليل: إنتخابات مجلس الشعب قريبة مارأيك أن نرشح صاحبنا؟!.
أشار بعينيه وبهزة رأس جانبية خفيفة تجاه صياح.
ضرب بقبضته على صدره مسهلاً طريق رشفة القهوة التي ضلت مسارها،سعل عدة مرات،تلون وجهه بالأحمر الداكن بينما كان صاحب الإقتراح يقهقه.
ـ علي تكاليف الحملة الإنتخابية قالها ضاحكاً بعد أن تمالك أنفاسه؛ ولكن ألا يجب أخذ رأي العريس!
عادا للقهقهة بصخب، ضربا أكفهما ببعض كتهنئة على الفكرة البارعة.
ـ مارأيك صياح؟ تترشح لمجلس الشعب؟
عرك عينه اليسرى التي خالطها دخان التبغ فغدت حمراء كخوخة،نفض الرماد المتساقط عن بنطاله
ـ اتركني بحالي لا مجلس شعب ولامجلس ضراط.
ـ بالعكس صياح. قيمة ومصاري وهيبة
كاد ينهض من مكانه ويغادر لولا أن أمسكاه.
ـ اسمع سأعطيك كل يوم مئة ليرة.
فكر بالعرض ملياً حك شعره الاشعث بقسوة: ولفافة شاورما.
مبتسما: لا كثير..هكذا كثير.
حاول سحب نفسه باتجاه المخرج: اتركني،اتركني
ـ بسيطة بسيطة،مئة ولفافة شاورما وحبة مسك تكرم عينك.
مد يده كمذراة: هات.
لأول مرّة في حياته يقتني صياح بزة جديدة؛ صحيح أنها وطنية الصنع ولكنها جديدة وعلى مقاسه تماماً،ذهبوا به إلى حمام السوق قشروه جلخوه أعادوا لون جلده الحقيقي.
الحلاق طالب بمضاعفة الأجرة مبررا:شعر أذنيه لوحده يحتاج لساعة نتف!
إنتشرت صور صياح الغزاوي كانتشار حبات الطلع في يوم ريح،كُتب تحتها عباراتٍ رنانة: نصير الكادحين! مكافح الفاسدين! عدو الاستغلال...
صورته بالشعر القنفذي اللامع كانت توحي بالعزم والصدق والموثوقية.
دبت الحياة في السوق من بعد موات طويل،وفود جاءت، مهرجانات أقيمت،الإقبال على مقر الحملة الإنتخابية كان ساحقاً بينما أقفرت مقرات المنافسين إلا من الأقارب وبعض المنتفعين.
انسحب من المنافسين على نفس الدائرة ثلاثة ولم يبق في الدائرة إلا صياح ومنافسه مرشح الحزب الحاكم.
وسائل الإعلام وضعت ظاهرة صعود المرشح الغامض في بؤرة إهتمامها وساهمت في زيادة إنتشاره،انهزم المحللون الرسميون أمام محللي المعارضة.
في اول خطاب شعبي لصياح صعد على منصة مرتجلة من صناديقٍ وطبليات؛لفافته على زاوية فمه؛تضيقت عينه اليسرى كالعادة من الدخان المتصاعد إليها،فاجأته الجماهير المحتشدة في الساحة بهتافها وتصفيقها، صاح ابن أحد التجار:
كلمة..كلمة..نريد كلمة.
ردد الحشد ذات الهتاف بحناجر ملتهبة.
نظر إليهم نفض الرماد المتساقط على ثيابه:
سأرخص لكم ال((كيري)) ستأكلون((كيري)).
نهرهم بذراعه ونزل عن المنصة.
خلال يومين فقط استلمت المحطات التلفزيونية جميعها إعلانا يقول: قطعتان إضافيتان وبنفس السعر القديم من جبنة كيري القشدية الرائعة.
استمرأ التجار اللعبة: صوروه يأكل أو يلبس أو يحمل منتجاتهم.
الإقبال على صناديق الإقتراع كان مدهشاً،لأول مرة كانت المراكز تمتلئ طواعية،رفض الناخبون أخذ الأوراق التي طبعت مسبقاً وعليها اسماء مرشحي الحكومة، أخذوا أوارقاً فارغة كتبوا عليها إسماً واحداً والإبتسامات تزين وجوههم.
مد المذيع الشهير يده لضيفه:يقول أنه حتى أصوات الأموات وصناديق البادية لم تكن كافية لينجح مرشحكم بالإنتخابات، كيف ترد عليه؟
يعدل الضيف من جلسته يتصنع صوتاً مخشوشناً أبيا: الحكومة غير مضطرة لهذا التزوير، مرشحنا فاز بالتزكية.
ـ ياراااجل..ياراااجل..يقاطعه المذيع وهو يفرد أصابعه في وجهه: كل من راقبوا الانتخابات قالوا أن نسبة 99.99%من الأصوات كانت لصالح صياح الغزاوي.
ـ يادكتور هذا المرشح ليس له وجود، لم نجد ملفه عند لجنة الانتخابات..غير موجودة..لم يتقدم بأوراق أو ثبوتيات.
يستدير المذيع باتجاه ضيفه الثاني الذي رسم إبتسامة عريضة هازئة بكلام نظيره: يقول لك مرشحكم ليس له وجود، شبح،مارأيك بهذا الكلام رد عليه! رد ياأخي رد!
ـ ياسيدي بماذا تريدني أن أرد؟اضبارته كانت عندهم وأخفوها! واضحة،انت تعرف أساليب الحكومات الإستبدادية.
ـ أبو زبلة..تعال،الشاي جاهز، يناديه أحدهم.
يرفع يده بحركة بذيئة: صرت تشرب شاي على حظي يلعن أبوك النتن.
يسارع تجار السوق إلى خارج محلاتهم ضاحكين
ـ تعال صياح قهوتك جاهزة، يناديه آخر.
ـ سمعت ..قهوة.. الناس الأكابر تشرب قهوة.
يمط شفتيه بقرف ويخرج لفافة تبغ طويلة يشعلها وهو يضع رجلاً على رجل .
حذاؤه المعوجة مقدمته كحذاء السندباد كان ملمعاً وكبيراً جداً على قدميه.
ـ ايييه ماهذه الشخصية المحترمة ياصياح والله أحسن من رئيس وزراء.
ـ اشتريت هذه البزة أم سرقتها أبو زبلة؟
ـ نفض رماد لفافته بعصبية: هذه أهدتني إياها أمك ياإبن الشرمو...
تعالت الضحكات لتجتذب مزيداً من المشاركين، هم يعلمون أنه يغضب من هذا اللقب.
ـ حلوا عن سمانا، كل واحد إلى محله، صاح بهم وقد تغضن وجهه الأسمر: لايوجد سينما هنا ولاراقصات، هيا كل واحد إلى عمله،أولاد القحاب.
تدخل صاحب المحل: إنتهينا ياجماعة دعوا صياح يشرب قهوته بمزاج.
انفض الجمع تقريباً بقي ثلاثة حول الطاولة.
مال التاجر على صديقه، سأله بصوت فوق الهمس بقليل: إنتخابات مجلس الشعب قريبة مارأيك أن نرشح صاحبنا؟!.
أشار بعينيه وبهزة رأس جانبية خفيفة تجاه صياح.
ضرب بقبضته على صدره مسهلاً طريق رشفة القهوة التي ضلت مسارها،سعل عدة مرات،تلون وجهه بالأحمر الداكن بينما كان صاحب الإقتراح يقهقه.
ـ علي تكاليف الحملة الإنتخابية قالها ضاحكاً بعد أن تمالك أنفاسه؛ ولكن ألا يجب أخذ رأي العريس!
عادا للقهقهة بصخب، ضربا أكفهما ببعض كتهنئة على الفكرة البارعة.
ـ مارأيك صياح؟ تترشح لمجلس الشعب؟
عرك عينه اليسرى التي خالطها دخان التبغ فغدت حمراء كخوخة،نفض الرماد المتساقط عن بنطاله
ـ اتركني بحالي لا مجلس شعب ولامجلس ضراط.
ـ بالعكس صياح. قيمة ومصاري وهيبة
كاد ينهض من مكانه ويغادر لولا أن أمسكاه.
ـ اسمع سأعطيك كل يوم مئة ليرة.
فكر بالعرض ملياً حك شعره الاشعث بقسوة: ولفافة شاورما.
مبتسما: لا كثير..هكذا كثير.
حاول سحب نفسه باتجاه المخرج: اتركني،اتركني
ـ بسيطة بسيطة،مئة ولفافة شاورما وحبة مسك تكرم عينك.
مد يده كمذراة: هات.
لأول مرّة في حياته يقتني صياح بزة جديدة؛ صحيح أنها وطنية الصنع ولكنها جديدة وعلى مقاسه تماماً،ذهبوا به إلى حمام السوق قشروه جلخوه أعادوا لون جلده الحقيقي.
الحلاق طالب بمضاعفة الأجرة مبررا:شعر أذنيه لوحده يحتاج لساعة نتف!
إنتشرت صور صياح الغزاوي كانتشار حبات الطلع في يوم ريح،كُتب تحتها عباراتٍ رنانة: نصير الكادحين! مكافح الفاسدين! عدو الاستغلال...
صورته بالشعر القنفذي اللامع كانت توحي بالعزم والصدق والموثوقية.
دبت الحياة في السوق من بعد موات طويل،وفود جاءت، مهرجانات أقيمت،الإقبال على مقر الحملة الإنتخابية كان ساحقاً بينما أقفرت مقرات المنافسين إلا من الأقارب وبعض المنتفعين.
انسحب من المنافسين على نفس الدائرة ثلاثة ولم يبق في الدائرة إلا صياح ومنافسه مرشح الحزب الحاكم.
وسائل الإعلام وضعت ظاهرة صعود المرشح الغامض في بؤرة إهتمامها وساهمت في زيادة إنتشاره،انهزم المحللون الرسميون أمام محللي المعارضة.
في اول خطاب شعبي لصياح صعد على منصة مرتجلة من صناديقٍ وطبليات؛لفافته على زاوية فمه؛تضيقت عينه اليسرى كالعادة من الدخان المتصاعد إليها،فاجأته الجماهير المحتشدة في الساحة بهتافها وتصفيقها، صاح ابن أحد التجار:
كلمة..كلمة..نريد كلمة.
ردد الحشد ذات الهتاف بحناجر ملتهبة.
نظر إليهم نفض الرماد المتساقط على ثيابه:
سأرخص لكم ال((كيري)) ستأكلون((كيري)).
نهرهم بذراعه ونزل عن المنصة.
خلال يومين فقط استلمت المحطات التلفزيونية جميعها إعلانا يقول: قطعتان إضافيتان وبنفس السعر القديم من جبنة كيري القشدية الرائعة.
استمرأ التجار اللعبة: صوروه يأكل أو يلبس أو يحمل منتجاتهم.
الإقبال على صناديق الإقتراع كان مدهشاً،لأول مرة كانت المراكز تمتلئ طواعية،رفض الناخبون أخذ الأوراق التي طبعت مسبقاً وعليها اسماء مرشحي الحكومة، أخذوا أوارقاً فارغة كتبوا عليها إسماً واحداً والإبتسامات تزين وجوههم.
مد المذيع الشهير يده لضيفه:يقول أنه حتى أصوات الأموات وصناديق البادية لم تكن كافية لينجح مرشحكم بالإنتخابات، كيف ترد عليه؟
يعدل الضيف من جلسته يتصنع صوتاً مخشوشناً أبيا: الحكومة غير مضطرة لهذا التزوير، مرشحنا فاز بالتزكية.
ـ ياراااجل..ياراااجل..يقاطعه المذيع وهو يفرد أصابعه في وجهه: كل من راقبوا الانتخابات قالوا أن نسبة 99.99%من الأصوات كانت لصالح صياح الغزاوي.
ـ يادكتور هذا المرشح ليس له وجود، لم نجد ملفه عند لجنة الانتخابات..غير موجودة..لم يتقدم بأوراق أو ثبوتيات.
يستدير المذيع باتجاه ضيفه الثاني الذي رسم إبتسامة عريضة هازئة بكلام نظيره: يقول لك مرشحكم ليس له وجود، شبح،مارأيك بهذا الكلام رد عليه! رد ياأخي رد!
ـ ياسيدي بماذا تريدني أن أرد؟اضبارته كانت عندهم وأخفوها! واضحة،انت تعرف أساليب الحكومات الإستبدادية.
*****************
المعالجة الثانية بعنوان: (حقائق ستبقى طي الكتمان)
ـ ماهذا ياأفندي..مكتبة كاملة؟قلنا لك دراسة تقرير!هل تظن أننا نحن أو القيادة عندنا كل وقت الدنيا للقراءة؟
الموظف الذي لم يُدع للجلوس كان في قمة الإضطراب والتبعثر.
ـ سيدي كتبت لحضرتكم ملخص من صفحتين.
عدل نظارته بعنجهية ظاهرة أشار للملف وللموظف المرتبك بحركة واحدة.
بسرعة أخرج الملخص المطلوب قدمه بيد مرتجفة وتراجع مسرعاً لمكانه الأول.
السيد المدير وضع نظارةً بديلة بعدساتٍ صغيرة شفافة،هز رأسه الكبير الحليق تماماً فبدا كمصارع يتهيأ للإنقضاض الشرس،اربدت جبهته اهتزت أرنبة انفه،تغير موقع نظارته.
بدا الموظف المسكين وهو يراقب إنفعالات رئيسه كأنما يتوقع تهاوي سقفٍ متصدع فوق رأسه ،شحب وجهه غارت الدماء عن وجهه، خشعت ركبتاه كاد يتهاوى.
ولأن دقائق المواقف المحرجة تمتد دهوراً؛فقد شارك الزمن بقسوة في جلسة التعذيب المضنية.
ـ يئست منك. هز رأسه كمن يقرر حقيقة واقعة.
ـ ل..لماذا..س.. سيدي؟ زاد جفاف حلقه في تلجلج كلماته.
أربع سنوات ومازلت لاتفهم طريقة عملنا،تحليلاتك خرقاء،تعال..اقترب.. أنظر؛ أمسك قلماً كأنه يستعد لتصحيح ورقة امتحان.
سحب الموظف حذاءه الملتصق بالأرض رافضاً التقدم بصعوبة،كادت عضلات ساقيه أن تخذله مثل كل شيء في يومه المكفهر هذا، وقف ذليلاً كتلميذ لم يكتب الواجب المدرسي،كان قلبه يخفق بدعاء الفرج.
ـ أنظر هنا ـ أشار برأس القلم لأول سطر في التقرير الملخص: بدأت الحادثة كمزحة بين التاجر حامد المعجون والتاجر مصطفى الجوخدار وأتفقا على ترشيح المجنون صياح الغزاوي لعضوية مجلس الشعب، وضع ثلاثة خطوط نزقة تحت كلمة مزحة.
ـ مزحة؟!..مزحة؟! أين تفكيرك؟ هذه مزحة؟ هذه مؤامرة.
بدأ العرق البارد يتسلل عبر مسام جسده شعر بدوار خفيف وكادت تغيم عيناه: مؤامرة..؟!
ـ طبعا مؤامرة، هؤلاء البورجوازيون ينتظرون فرصة لإسقاط نظام الحكم.. أية مزحة تجعل أحدهم يتبرع بتكاليف الحملة والآخر يجعل مستودعه مقراً لحملة إنتخابية؟ ومن قال لك أصلاً أن الغزاوي مجنون؟
ـ اعتمدت على التحريات سيدي،هذا بالإضافة إلى أنهم حتى لم يقدموا أوراق الترشيح..الرجل مجنون لايملك أوراقا ليقدموها،تقارير المخبرين سيد..
رمى بالقلم بانزعاج واضح:
-مخبروك أغبى منك..مزحة ومجنون..ياللغباء!.
بدأ صاحب السيادة يشفط الهواء بمنخريه مصدراً أصواتاً كالخوار كأنه يريد سحب هواء الغرفة كله دفعة واحدة،فيما كان الموظف المسكين يشعر بالإختناق فعلياً وهو يفكر بعواقب تقريره التعس.
ـ وماهذه الفقرة؟ماهذه الفقرة هنا؟ هل تريد إرسالي وراء الشمس؟ والله بكسر الهاء لو اطلعت القيادة عليها لضعنا نحن وأولادنا وأولاد أولادنا، ياإبن الحرام ماذا فعلت لك؟ أربع سنوات وانا أتحمل تقاريرك الغبية.رفع أربعة أصابع في الهواء ثم سحب يديه إلى ربطة عنقه حلها مسح رأسه المتعرق بطرفها..يخرب بيتك. يخرب بيتك!.
ـ يبدو من إقبال الناس الشديد على إنتخاب صياح الغزاوي وهم يعلمون أنه مجنون كنوع من السخرية من الحكومة والاستهزاء بمجلس الشعب الذي أصبح ألعوبة بيد الحزب الحاكم..الله لا يوفقك على هذا الكلام،وهذا الإقبال والإصرار على اختيار الغزاوي دليل على أن الشعب بدأ يتجرأ على إظهار ما في دواخله من كره كامن للحكم.
أهذا كلام نرسله للقيادة؟
ـ س..س..سيدي.. أنت.. أنتم طلبتم تحليلاً كا..
ـ تحليل؟!..تحليل؟! عيناه الآن أصبحتا في منتصف قرص رأسه العاري، هذا توصيلة لحبل المشنقة
ـ لكن..لماذا سيدي؟
ـ أنت هنا تقول للقيادة أن الشعب يسخر بكم ويكرهكم وسوف يثور عليكم.
ـ هذا..هذا..ما أوحت به الأحداث.
ـ أحداث!.والله بكسر الهاء لأرسلنك إلى القبو ولأرسلن أولادك لسجن الأحداث، قرب إصبعه ليضغط زراً.
أسرع الضحية كنمر مطارد انقض على يده يقبلها يغسلها بدموع الندم الحقيقية.
- أرجوك.. أرجوك ياسيدي.. أرجوك.
نفض السيد يده لشعوره بالشفقة أو بالقرف، مسح يده بمنديل ورقي سحب هواء الغرفة وهو يخور حتى انتظمت أنفاسه.
ـ أ مسك..مد يده بورقة وقلم..واكتب.
ـ بعد التحية والإحترام:
تبين لنا أن حادثة إنتخاب صياح الغزاوي هي مؤامرة قامت بها الإمبريالية العالمية والاستعمار الغادر وعملائهما من البورجوازيين في الداخل،وبعض المغرر بهم من العوام الجهلة.
وتبين لنا بتحليل بعض العينات العشوائية أن الشعب مازال وفياً للشعارات التي رفعها الحزب القائد ويتمتع بكافة وسائل الرفاهية والراحة التي تجعله يقدم أسمى آيات الشكر والعرفان لقيادته الحكيمة المظفرة.
والنصر لقضايانا العادلة.
هكذا تكتب التقارير! مسح رأسه العاري بفخر: هل تعلمت؟.
التسميات: قصة قصيرة
0 تعليقات:
إرسال تعليق
الاشتراك في تعليقات الرسالة [Atom]
<< الصفحة الرئيسية