الثلاثاء، 2 مايو 2017

قصة قصيرة بعنوان .. " متلازمة الرداء الأبيض " .. للأديب / اسماعيل مسعد .. مصر

متلازمة الرداء الأبيض 
قصة قصيرة 
الأديب / اسماعيل مسعد
مصر 

اسماعيل مسعد




 يتألف الكون من قصص، وليس من ذرات أو هيولى، والله وحدة هو الذى يمنع المحن أن تاتي دفعة واحدة، تتجاوز صفحات الإنترنت المفهرسة تعداد نجوم السماء بعدة مراحل، اقتراب موتي عند شاشة لمسية، وأدلة تمر عبر الأبواب المغلقة، توضع بين ثنايا الحروف حبات من التوت البري، ومن المفترض أن يذهلنى ذلك، أنفى حمراء داكنة مثل سمكة شبوط، وزهرة قلنسوة تركية على حافة شرفة مقابلة، جاء طائر الطنان ذو الحنجرة الملونة، تبا لأحلامى التى لا تتوقف ولا تتحقق أيضا، كان المنطق هو السبيل الوحيد لابتكار حلول فاسدة، إذهب لخارج الصندوق، عبارات لا تنفك تذكرني بغبائها، كل ما أحبه أو أريده، يأتينى فى توقيت غير مناسب، طبقا لقانون مورفي، من ذا الذى قال أن كل شىء على ما يرام؟
 مرت رصاصة داخل ثقب قديم فى قلبى، استجاب للدعم الطبي وتدليك خفيف، رغم خشونة يد الممرضة. من أجل ذلك أواصل الحياة.
 أما الحظ السيء حين يأتى، فلن يغادر قبل أن يتأكد أنه حطم كل شىء، تزوجت مرتين، الإنسان انطباعي التأثير، طلقت الأولى وخلعتني الثانية، أمى تقول من الجيد أن تغرق السفينة داخل المرفأ، لأن كل شىء يذهب للإتجاه الأسوأ تحديداً، آمل أن تثير تلك النقطة تفكيرك.
طباع غريبة...
 محاولاً أن أكون شخصاً لا يفوته شيء، أحرص على أن أثير اهتمام الجميع، هل تتصرف كما تحتم عليك مبادئك، أو كما يملي عليك. مؤمناً بالصفة الأسمى لأشكال الترابط، وسهولة تفسير السلوك داخل روايات الوعي. ومرضى اللمباجو. 
 قال الطبيب الفاسق: هذيان واضح ومستمر، ميجالومينيا، قابليات استثنائية وعلاقات مهمة وأموال طائلة، الفرح يزيد عن الحد، كل الظروف مهيأة لاستقبال منظومة هذيانية.
إرادة شديدة فى فى إشباع رغبات ملحة، إلحاح تيار من الفشل والإحباط الذاتي..
 هل تعتقد أنك المسيح..؟ هل تحب أن تلحق بذاتك الأذى.؟ أم أنك الأمير تشارلز ولى عهد المملكة المتحدة.؟
يا إلهى لا تدع ملائكتى تبتعد كثيرا، عبوات ناسفة داخل رأسي!
أخبرهم أن يبتعدوا، أنت فى القميص الأصفر ناولنى مسدس...!
قررت تدوين تجربتي الخاصة، من وجهة نظر داخلية، سأكتب على الغلاف، قراءة بعد استشفاء أول،
هل تتعاطى المخدرات؟ .. أنا ! مستحيل. أتعرف جيدا على الأشكال والأماكن والزمن.
 أكتب مذكراتى دون دعم دوائي، وأعمل بدوام كامل، وأتحمل مسئوليات وأغني فوق السطح، دعونى أطفو !!
 أهتز بهدوء، ثم أئن برفق، جسد مرتجف، أشجار برتقال وليمون، تفجير شنيع لا يساعد على النجاة أبداً.
 تسلل شخص ما وسط تلك الفوضى، فقام بزرع رقاقة من السيليكون داخل رأسي، كان خطأ فادحاً نحوي، إذابة الحبوب المنومة فى رحم كوب من العصير، أو تفريغ العبوات الجيلاتينية على مرقة الدجاج، استقلت أم أنهم رفدوك؟ الجميع مصاب بالفصام، زوجاتنا وأصدقاؤنا وزملاؤنا فى العمل.
 الانهيار أمام الجميع يمنح تجربتك عمقاً، ويشغل ذهنك بقضايا معقدة، حركة الأجرام، وألوان السراويل الداخلية تحت الأردية البيضاء لطواقم التمريض.
 الحصول على علاج ملائم فى توقيت مناسب، هناك حبة تبتلعها فتشفيك دفعة واحدة ( بعض المعلومات الواردة هنا تحتاج إلى تدقيق )، ما أريده هو نفس ما يريده الجميع!
زوجتى تتحمل ذلك، سبعون فى المئة، سأخبر الله بكل شىء! من يملينى رقم هاتفه؟
 العبور من طريق الآلام النفسية، مستوى الصوديوم فى الدم خمسة أضعاف المعدل، أوركسترا سيمفونى مات قائدها إثر حادث تصادم بقسوة، انفصال المعنى عن الشعور، طبيب غبي وأسرة مريضة، لغتهم غريبة، زوجة باعثة على الفصام، من يتحمل مسئولية ذلك، متناقض ومشوش، لديها مصطلحات قادرة على إحداث خلل بمستوى الأنسولين فى الدم.
 أجراس عنيفة تدق داخل رأسي، رائحة كرنب مسلوق، تطلب الأمر جهداً كى أحظى بطفلة، أخلد للنوم. لا توقظونى مرة أخرى.!
 أنت بحاجة للذهاب إلى المشفى، تسعون ساعة يوميا داخل القيود، هؤلاء معاقون بخطورة.. إنهم قنابل قيد الإنفجار!
 تبكى مثل أرغن حزينة، بجوار زهرة سوسن ببتلات ثلاث، أثمر توت السياج يا أبي، ثم هدبة عين وزفير حار، ورغبة شديدة فى اجتياح بكائى، عناق وتنهيدة. أبوك عديم الفائدة، أريد مساندتك يا صغيرتى.


 ألن تأخذوني معكم إلى المنزل هذه المرة، أنا أفتح الباب للآخرين كشخص بالغ، وأقوم بالرد على الهاتف، القليل من المجاملة يعنى لى الكثير..
 أنت بحاجة ملحة للبقاء داخل المشفي!

التسميات:

2 تعليقات:

في 2 مايو 2017 في 12:05 م , Blogger واحة القصة القصيرة يقول...

لاشك أن النص الجميل استوجب جهداً بالغاً من صديقي المجتهد اسماعيل مسعد, وهو يقترب إلى حد كبير من الصرعات التجريبية في القصة القصيرة . يشبه محاولات ناتالي ساروت في " انفعالات " . حيث يبدو العالم كمكان استاتيكي . وتختزل الشخوص إلى مجرد تيارات شعورية. ويشبه تيار الوعي تيارا متقطعا،
غير منسجم ويبدو ظاهرياً محكوماً بالعبثية ، غير أنه كقمم الجزر في الأرخبيل تبدو متباعدة منفصلة . لكنها في الأعماق البعيدة تشكل كتلة قاعدية ملتحمة وموصولة.
لاشك أننا بصدد نص مميز كما أشار صديقي خالد بدوي , إلا أن مانتقص من طزاجة النص وفطريته هو ما بدا من تكلف في السرد .
ليس مهماً في ظني أن يكون الكاتب موسوعي الثقافة. فالقارىء لا يرغب في التجول داخل مغارة على بابا المليئة بالكنوز والنفائس مادام مقدر له أن يلقى مصير قاسم. القصة القصيرة لا تحتاج إلا بصيرة تشبه صفحة بيضاء ناصعة، ينعكس عليها العالم خالياً من التشوهات التي لحقت به ، أو لإبراز مدى فداحة تلك التشوهات . والقارىء لا يرغب بالتأكيد في اللجوء إلى المراجع والموسوعات مع كل فقرة.. بل يرغب أكثر في الاندماج مع تجربة إنسانية، ومعايشتها . على أني أشيد بالصبغة المميزة التي نجح صديقي في اسباغها على أسلوبه في السرد . وعلى رشاقة اللغة والصور , وأيضاً الخيال الخلاق . وأخيراً سلامة اللغة . تحياتي لإبداعك صديقي المميز اسماعيل مسعد .

 
في 2 مايو 2017 في 12:06 م , Blogger واحة القصة القصيرة يقول...

تعلبق الأستاذ
حدريوي مصطفى العبدي :
______

كنت قد كتبت مداخلة لكن لم تثبت...كانت ربما افضل من هذه..فالأول يكون أبدا افضل...
حالة قلقة متقلبة لا ثبات لها ، وكأنها عصف فكري ذاتي متسلسل ، شبيه بالهذيان ، ويتماهى مع الحالة النفسية والجسدية والفكرية لحظة انسحاب المخدِر عن المخدَر...أجدها الأعرض اكثر حدة من متلازمة الرداء الأبيض.
اتى الحال وفق المقال وكأنه يعبر عنه تصويرا وفكرا...
فالنص قبل النهاية يتمظهر وكأنه عينة من لا قصة غيرأن النهاية تزيح اللبس لتعطي فرصة للقارئ بدوره أن يرتاح على حافة سرير المريض... ويتمثل في هدوء مسارات القص وروعته.
أعجبني... المناوارات والالتفافات...القيمة العارضة لأعراض المتلازمة..والحرفنة التي خطت بها القصة...تحيتي.. الأديب إسماعيل مسعد.

 

إرسال تعليق

الاشتراك في تعليقات الرسالة [Atom]

<< الصفحة الرئيسية