الثلاثاء، 4 أكتوبر 2016

رغبات جارفة.. كامل التميمي

رغبات جارفة

قصة قصيرة جداً
كامل التميمي
العراق


كامل التميمي




قبل أنْ ينبت على ظهرها لم تكن تعرف كلّ هذا الصخب من الطلبات المستمرّة دون توقّف!وضع يده على جسدها؛ تحرّكت بشراهة على أنغامها الناعمة وهي ترسل بشاراتها, وإشاراتها, على هامشٍ من فضوله ورغبته العاريّة، يمدها بأسمدته المتخمّرة أنهارا من جنون الامتلاك. جذورها تمتد, تقوى, تزداد توغّلا في جميع الاتجاهات, تصل إلى قِمَمِها, وديانها, هضابها, صحرائها, حتّى بحارها ومحيطاتها...يده الأخرى تجلس متوثّبة مترقّبة ما يأتيه وهي تحُوك كيسا من الدراهمِ، كانت السيدة جالسة في فضاءٍ رحب من فلك الكرم والسخاء، وهي لا تمانع بفطرتها أنْ تمنحه كلّ ما فيها، لكنّها تشترط أنْ يلتزمَ بوصاياها العشرة. قالت:  "لكن لا أستطيع قول كلّ شيء عن لعبة الخزائن، عليك فكّ رموزها، ولا أدري كيف ستستقرّ إنْ لمْ تتقن ما قلت وتلتزم". 
هكذا تكّرر عباراتها عليه كلّما رأته يخطف بسحرها ولا يدري, تخطفه عبثيّة سعيه وراء رغبته الجنونيّة. بدأت علامات التعب والخوف والرهبة واضحة عليها وهي تراهُ يتجاهل الوصايا، باعثا يده إلى جسدها، تنهش وتنام في لحمها. كانت أنفاسها تتلاحق وتضطرب حين تشاهده يسير أرضاء لرغبته في الامتلاك والظهور متجاهلاً أوجاع رأس امتلأ وصايا. أحسّت بأختناق الدخان المتصاعد الذي سيقلبُ البيت رأسا على عقب، حاولت معه مجدّدا بقلب صادق لا غبار فيه وبكلّ نبض الحياة أنّها لا تقف أمام طموحاته ولا رغبته في اكتساح اي بقعة في جسدها. هي لا ترفض الأمر، غير أنّها طالبته بالتوقّف عن حياكة الكيس والعبث في طبيعة فراشها، كأنّه لا يفهم ولا يريد أنْ يفهم من أنه ليس "عابر سبيل"، وأنْ لا يستغلّ سخاءها ويتمادى في اللامبالاة. وأخيرا تذوب روحه التي خلفتها نفايات أعماله في قعر جحيمها.


التسميات:

1 تعليقات:

في 4 أكتوبر 2016 في 10:21 ص , Blogger واحة القصة القصيرة يقول...

أمنا الأرض .. تتأمل وتخاطب ذلك العايث الذي يجوس في دروبها, وبحارها. منقباً , مدمرأ من أجل إرضاء النزعة الاستهلاكية, ومن أجل اكتناز الدراهم. متجاهلا الوصايا العشر للحفاظ على بكارة الكوكب لأجيال قادمة. فكرة جيدة صاغها صديقي كامل في قالب يوحي بتجربة حسية. السرد جميل ومدهش . ولم يوغل فى تضليل القارىء بمحاولة منح تفاصيل تؤكد حسية التجربة. لم يفسد متعتي بالقصة إلا الفقرة الأخيرة شديدة التقريرية , عبارة " في قعر جحيمها " .. هى الخاتمة المناسبة, وكل ماورد بعدها تزيد أضر بالنص . تحياتي وتقديري لك, ولإبداعك صديقي كامل التميمي .

 

إرسال تعليق

الاشتراك في تعليقات الرسالة [Atom]

<< الصفحة الرئيسية