الأربعاء، 28 سبتمبر 2016

مطر أيلول .. قصة قصيرة جداً . محمود عودة

مطر أيلول


قصة قصيرة جداً
محمود عودة

للأديب الفلسطيني/ محمود عودة.
في زيارة عادية لصديقي وجاري الحاج إسماعيل صاحب معصرة
زيتون، تفاجأت بحشد من ملاك مزارع الزيتون، جلست
صامتا مستمعا لحديثهم بلا تعليق، أنأ موظف بسيط بالكاد راتبي
من الوظيفة يسد رمق أسرتي .
قال احدهم : الحمد لله السنة صلب الصليب بدري.
وقال آخر : نعم يا أبو حسن منذ سنين لم تمطر السماء في أيلول
وقال ثالث :
ولكن واحسرتاه المحصول هذا العام ضئيل جدا، ربما لا يوفر
حاجتي وحاجة أسرتي من الزيت والزيتون.
وكرر الآخرون كلمات متشابه لما ردده الثالث والأسى والحسرة
تعصر قلوبهم.
دخل إلى الحديث المؤثر الشيخ عبد الرحمن أخ أبو إسماعيل
وقال: يا أخوتي اخلصوا النية لله فيرزقكم من حيث لا تحتسبوا
اكفهرت الوجوه وساد الصمت بين الحاضرين تلا خلاله الشيخ

بصوت عذب بعض الآيات القرآنية.
نفحة إيمانية أصابت احدهم فقال: صدقت يا شيخ
هذا العام إن شاء الله سأهب ما زاد عن حاجتي إلى المحتاجين
وكرر الجميع نفس الحديث.
في العام التالي كان المحصول وفيرا وأمطرت السماء في أيلول
واجتمع نفس الحضور في العام السابق لأخذ دور قبل الأخر في
عصر المحصول وعلا نقاشهم لدرجة الشجار كل يريد دوره قبل
الأخر ليحصد أعلى سعر في البيع ويردد أريد تعويض خسارة
العام الفائت.

محمود عودة

التسميات:

1 تعليقات:

في 28 سبتمبر 2016 في 11:17 ص , Blogger واحة القصة القصيرة يقول...

جميل ابداعك أخى العزيز محمود عودة .. بعض الأقلام أسست الواحة منذ أن كانت أمانة تابعة للشعبة , واستمرت فى عطائها وإبداعها فجعلت من الواحة مكانا متميزا .. وعلى رأسها قلم المبدع الصديق محمود عودة , بأدبه الراقى الرصين فكل قصة هى تجربة انسانية . وكل نصوصه هى نتاج معايشة كاملة لحدث ما , وتلحظ اهتمامة بصنع الحبكة الملائمة , تمنحك نصوص الصديق العزيز متعة , ومعرفة , وتقربك من كيفية استقباله للسلوك الانسانى , وكيف يصوغ منه العبرة ..ومطر أيلول بؤرة ضوء على الجشع المتمثل فى سلوك زارعى الزيتون ,, يشكون مر الشكوى من نقص المحصول لندرة المطر . ويتعهدون ان فاء الله عليهم بالرزق الوفير أن يهبوا مازاد عن حاجتهم للمحتاجين . لكنهم وقد هطلت الأمطار , وتوفر الرزق , نكصوا عهودهم . وراحوا يتبارون ويتسابقون للحصول على أعلى سعر , وكل همهم تعويض الخسارة السابقة من جيوب المحتاجين . فهم يحولون النعمة التى أنعم بها الله عليهم , الى نقمة يكتوى بها الآخرون . الاستهلال فقط لم يكن ببراعة الحوار , فالمقدمة الطويلة التى تبين موقع الراوى من الحدث لم تكن ضرورية , فهى لم تسهم فى الحدث , تبدأ القصة فى رأيى بالحوار مباشرة , فبراعة الحوار فى القصة هو عمودها الفقرى , وهى سر جمالها وبراعتها , والملاحظ أن الصديق محمود يفضل على الدوام التقيد بالترتيب الزمنى للأحداث , وهو لو شاء لبدأ بالشجار فى المعصرة للتسابق على أولوية العصر , ثم استخدم الفلاش باك . أو حتى على الحوار الرشيق لذكر الأحداث السابقة , لكن لكل كاتب هواه , ومنافذ الدخول الى الفكرة متعددة . والقصة القصيرة بقدرتها على الاستعارة من جميع الفنون تمنح الكاتب حرية كبيرة فى توليف الحبكة , ولا نعد ذلك عيبا فى النص , فالنص رائع , ولكن هى مجرد خاطرة أتاحها لى النص الجميل .. تحياتى لك صديقى العزيز لإبداعك الراقى

 

إرسال تعليق

الاشتراك في تعليقات الرسالة [Atom]

<< الصفحة الرئيسية