قراءة في القصة القصيرة " مُهَجَّر " للأديب العراقي/ نصير السماوي المسلماوي
قراءة فى القصة القصيرة
مُهَجَّر
للأديب العراقي/ نصير السماوي المسلماوي
يشير عنوان النص " مُهَجَّر " بدلالة تشديد الجيم إلى أن الشخص الذي يرصده الراوي هو واحد ممن اضطروا إلى النزوح بعائلاتهم تحت وطأة القصف والتدمير اللذان لحقا بكثير من المناطق المنكوبة في أرجاء الشرق. أو ربما هو واحد ممن تعرضوا للٌإقصاء القسري في بعص محاولات السلطة لأعادة التوزيع الديموجرافي . والراوي في النص مراقب محايد. لا يقول إلا مايراه, أويسمعه, وليس له علم بدخيلة الشخصية , أو أفكارها. يعتمد الكاتب إذن على قدرة الصورة, والمشهد على نقل التجربة القصصية.
وعلى القارىء أن يتأمل شقي السرد في مراوحته بين وصف حال الرجل, وبين وصف المكان .
يستنبط القارىء فيما يخص الرجل الآتي.
- عودة إلى المكان بعد غياب .. " بدأ وكأنه يشاهد الغرفة لأول مَرّة ".
- بدا الرجل في حال من الهدوء المريب , وكأنه قد أضمر مسبقاً أمراً , فهو يغلق الباب بهدوء. ويمد يده إلى القابس. ويروح يتأمل تفاصيل المكان , حتى ليلفت نظره من فرط هدوءه الضوء المنعكس من المرآة على الأرض الرطبة , يجعلنا الراوي نري يعينيه الهادئتان, المتريثتان كافة أرجاء الغرفة الوحيدة التى حوت كل مستلزمات المعيشة.
أما فيما يختص بالمكان فيمكن استنباط الآتي:
- الفقر والعوز الشديد لقاطني المكان .
- المستوى الثقافي المتميز للرجل ( أو للمرأة ) أو لكليهما, قالمكان رغم فقره تغلب عليه النظافة والترتيب. واحتواء المكان الفقير على كتب, ومجلات, وأدوات رسم , ولوحة فنية من التراث العالمي فوق الجدار الطيني. أيضاً أسلوب الاحتفال بعيد الزواج على شاكلة النخبة, بقالب الكيك المزين, والشموع.
ومن هنا يمكن أن تعين التفاصيل بتجاورها في ذهن القارىء على تفهم سلوك الشخص في الخاتمة,
فالهدوء الشديد قد يكون علامة على الوصول إلى منتهى اليأس, وهذا أمر منطقي, إذ يعاني الشخص المأزوم التوتر طالما بقي عنده أمل في خلاص قريب , فإذا أيس تماماً من انفراج الأزمة تتلبسه حالة من الهدوء الكاذب, تسيق إقدامه على فعل متهور. وربما هذا بالضيط ماعنته العبارة المتداولة, " الهدوء الذي يسبق العاصفة " ..
وهكذا فالنص يعرض تجربة إنسانية متفقة مع السلوك الإنساني , وجديرة بالتأمل, بلغة قصصية متقنة, قادرة على الإيحاء بالصورة, والمشهد .
وعلى القارىء أن يتأمل شقي السرد في مراوحته بين وصف حال الرجل, وبين وصف المكان .
يستنبط القارىء فيما يخص الرجل الآتي.
- عودة إلى المكان بعد غياب .. " بدأ وكأنه يشاهد الغرفة لأول مَرّة ".
- بدا الرجل في حال من الهدوء المريب , وكأنه قد أضمر مسبقاً أمراً , فهو يغلق الباب بهدوء. ويمد يده إلى القابس. ويروح يتأمل تفاصيل المكان , حتى ليلفت نظره من فرط هدوءه الضوء المنعكس من المرآة على الأرض الرطبة , يجعلنا الراوي نري يعينيه الهادئتان, المتريثتان كافة أرجاء الغرفة الوحيدة التى حوت كل مستلزمات المعيشة.
أما فيما يختص بالمكان فيمكن استنباط الآتي:
- الفقر والعوز الشديد لقاطني المكان .
- المستوى الثقافي المتميز للرجل ( أو للمرأة ) أو لكليهما, قالمكان رغم فقره تغلب عليه النظافة والترتيب. واحتواء المكان الفقير على كتب, ومجلات, وأدوات رسم , ولوحة فنية من التراث العالمي فوق الجدار الطيني. أيضاً أسلوب الاحتفال بعيد الزواج على شاكلة النخبة, بقالب الكيك المزين, والشموع.
ومن هنا يمكن أن تعين التفاصيل بتجاورها في ذهن القارىء على تفهم سلوك الشخص في الخاتمة,
فالهدوء الشديد قد يكون علامة على الوصول إلى منتهى اليأس, وهذا أمر منطقي, إذ يعاني الشخص المأزوم التوتر طالما بقي عنده أمل في خلاص قريب , فإذا أيس تماماً من انفراج الأزمة تتلبسه حالة من الهدوء الكاذب, تسيق إقدامه على فعل متهور. وربما هذا بالضيط ماعنته العبارة المتداولة, " الهدوء الذي يسبق العاصفة " ..
وهكذا فالنص يعرض تجربة إنسانية متفقة مع السلوك الإنساني , وجديرة بالتأمل, بلغة قصصية متقنة, قادرة على الإيحاء بالصورة, والمشهد .
محسن الطوخي
_________
نص القصة
![]() |
نصير السماوي المسلماوي |
مُهَجَّر
أغلق الباب خلفه بهدوء, مد يده إلى قابس الكهرباء، أنار الغرفة بالمصباح اليتيم المثبت في سقفها المشيد من الأخشاب وسعف النخيل وقطع من ( النايلون ), وقف, بدا وكأنه يشاهد الغرفة لأول مَرّة, نظر إلى التشققات الكبيرة في جدرانها الطينية، واللوحة العالمية التي يغلب عليها اللون الأصفر المعلقة ذات الإطار البني. عند زاوية الغرفة، اتكأت زاوية خشبية امتلأت بالملابس, ثم مكتبة من خشب الصاج مخلوعة الأبواب ممتلئة بالملابس وأشياء أخرى، صُفت فوقها بعض الفرش. تحول بعينه إلى الجهة الأخرى التي وضع فيها طباخاً نفطياً قديماً " ذا عين واحدة " توزعت حوله بترتيب جميل أدوات مطبخ مختلفة. شّدَ بصره انعكاس الضوء على الأرض من المرآة المثبتة على الجدار, لكنه متكسر بفعل الرطوبة.
أخيرا سلط نظره إلى سرير النوم القديم والذي أعانه على الوقوف بعض من قطع الخشب والحجر، تنام فوقه امراءة وطفلة. بجانبهما على الجدار رفٌّ، وضعت عليه كتب وأوراق ومجلات بصورة منظمة, وبعض فرش الرسم في علبة معدنية.
مشى قليلاً نحو منضدة صغيرة في وسط الغرفة، توزعت عليها أربعة شموع ذابت حتى ماتت، يتوسطهن قالب صغير من ( الكيك ) خط فوقه بالكريمة ( عيد زواج سعيد ) وبجانبه سكين مطبخ .. قنينة مشروبات غازية. سالت دموعه على خده. رفع السكين بيده اليسرى ووضع أصابعه الأربعة ليده اليمنى على الطبلة وقطهن.. وضعهن فوق قالب ( الكيك ). تحرك نحو الباب، فتحه وخرج. ذاب في الظلام الخارجي.
التسميات: زاوية النقد
0 تعليقات:
إرسال تعليق
الاشتراك في تعليقات الرسالة [Atom]
<< الصفحة الرئيسية